الأربعاء 2018/04/18

آخر تحديث: 13:46 (بيروت)

أصغر دول العالم: جيش إحداها من 150 جندياً

الأربعاء 2018/04/18
أصغر دول العالم: جيش إحداها من 150 جندياً
ثمة بلدان أسهمت السياحة في التعريف بها (Getty)
increase حجم الخط decrease

هناك أكثر من 20 دولة يصعب إيجادها على الخريطة من دون عدسة مكبرة. يلعب بعضها دوراً ما، سياحياً أو سياسياً (كصوت في المنظمات الدولية) أو دينياً (كالفاتيكان). لكن أهم "مزايا" بعضها يتمثل في نظام صيرفي وضريبي يتيح تبييض الأموال.

ومن البلدان الضئيلة ما صارت معروفة. فمثلاً، لا يستغرب أحد لذكر أسماء كموناكو وأندورا وليشتنشتاين وسان مارينو والفاتيكان ومالطة. والسبب بسيط: تقع تلك الدول الست كلها في أوروبا.

وثمة بلدان أسهمت السياحة في تعريفها إلى الخلق. منها ما يسبح في مياه الكاريبي، كجزر بارباد وغرناطة والدومينيك، ومنها ما يضيع في يمّ المحيط الهندي: جزر مالديڨ وجزر سيشيل، حيث قام مخرجون بتصوير أفلام شهيرة (مثل "القراصنة" لرومان ݒولانسكي و"إيمانويل" لجوست جايكن).

البلد الأفريقي الوحيد في القائمة هو ساو تومي وݒرينسيݒي، الملقب "جزر شوكولاتة" بسبب إنتاج الكاكاو (الذي يستأثر بنسبة 95% من الناتج الداخلي الاجمالي). ويقع الأرخبيل قبالة سواحل الغابون، نحو الغرب، وإلى جنوب شواطئ الكاميرون.

لكن، من لا يحكُّ رأسه مطرِقاً لذكر أسماء مثل توڨالو وتونغا وكيريباتي ومارشال، ناهيك عن ݒالاو وناورو (وكلها في أوقيانوسيا)؟ ومن لا يقطب حاجبيه ذهولاً لذكر سانتا لوسيا وسان كيتِس ونيڨيس وسان ڨانسنت وغرينادين وأنتيغوا وباربودا (وكلها في الكاريبي)؟

تلك البلدان الميكروسكوبية بزغت لا من جوف الأرض، إنما من قاع البحر. تنتظم 7 منها بشكل يحاكي خرز مسبحة في بقعة بحرية صغيرة في الكاريبي، قرب سواحل كوبا الشرقية وجزر الأنتيل الفرنسية، فيما تتبعثر أكثر من نصف دزينة منها بين أمواج المحيط الهادي، كلٌّ على "قطرة" ما ضائعة بين أستراليا وغينيا الجديدة غرباً، وسواحل الأميركتين شرقاً، حتى إن أحدها سمي ميكرونيزيا لكونه "مجهرياً".

جزر ݒالاو مثلاً، بسكانها الـ14 ألفاً وقتها، نالت استقلالها في العام 1993 بإيعاز من واشنطن، التي كانت تحت وصايتها. وفي الترتيب الألفبائي لبلدان العالم، تأتي ݒالاو بعد باكستان وقبل فلسطين. تساءل المراقبون: لماذا سعت القوة العظمى إلى خلق "دولة" من جزر ضئيلة ضائعة في غمرة الهادي، لا تكاد حتى أسماك القرش والحيتان تجد طريقها إليها لصغرها وبعدها من اليابسة؟ افترض البعض الافتراضات عن سر التوجه نحو منح "الاستقلال" لجزر مغمورة، ودعم انضمامها إلى الأمم المتحدة، حيث يصوت كيان مثل ݒالاو بالأهمية نفسها لدولة كالهند، ذات الأكثر من مليار فاصلة كذا نسمة.

ولوحظ أيضاً أن واشنطن ولندن، مثلاً، حسبتا جزر سالمون، بجنودها الـ150، عضواً في "التحالف الدولي" الذي احتل العراق في العام 2003. وذلك مثال عن "الفائدة العددية" لتلك الأفلاك الصغيرة.

لكنّ "الفائدة الرقمية" لا تقل أهمية. فبعض تلك الدويلات تقدم لأصحاب الرساميل ما يسمى "الفراديس" المالية والضريبية والصيرفية والجمركية. منها في أوروبا (موناكو وليشتنشتاين ولوكسمبورغ)، وأخرى في الكاريبي (جزر كايمان وسانتا لوسيا وسان ڨانسنت). وذلك سبب أساسي في وجود تلك "الدول"، التي باتت تشكل حلقة حاسمة في سلسلة العولمة المالية، ومعبراً في طريق عولمة الجريمة، من مخدرات ودعارة وتهريب وصفقات سلاح سرية. إذ أصبح بعضها أشبه "بمغاسل" عملاقة لتبييض النقود الوسخة، يغض زعماؤها النظر عن منشئها، ويحظون في المقابل على فتات من الكعكة.

ومن الطريف أن أقدم جمهورية في العالم "مجهرية" أيضاً: سان مارينو (62 كيلومتراً مربعاً). وهي تقع في قلب إيطاليا، قرب ميلانو. تأسست تلك الكمونة في العام 306 ثم أصبحت جمهورية في القرن 13، واعترف بها موسوليني في العام 1939 كقطاع له امتيازات جمركية وضريبية خاصة. ويزورها 3 ملايين سائح سنوياً، ما يوازي نحو 3 مليارات في إيطاليا، كنسبة وتناسب مع المساحة والنفوس.

فيا لمفارقات تلك الكائنات المجهرية السياسية: من بينها أقدم جمهورية على وجه الأرض، وأيضاً أحدث "جمهوريات" البحر!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها