البراء الحداد تعلم عبر يوتيوب وصار بطل الجنوب

بين الولادة في العام 1996 والحصول على كأس الجنوب في لعبة الكيك بوكسينغ، حكاية شاب اسمه البراء سعيد الحداد، وتفاصيل قصة تغري بالسرد. يسكن حي المغاربة في وسط مخيم البرج الشمالي. وسُمّي باسم المغاربة لأن الفلسطينيين القادمين إليه هم من أصول مغاربية. قبل نحو 1000 عام بدأوا بالهجرة إلى فلسطين أثناء الحروب الصليبية، ثم قدم أكثرهم مع عبدالقادر الجزائري.

في سنّ مبكرة مسك أخوه الأكبر حسن بيده، وضمّه إلى نادٍ للكاراتيه. كانت الخطوة الأولى في لعبة "الكيوكوشنكاي". نشأت علاقة خاصة بين الطفل البرّاء وأخيه حسن. كان الأخير يملأ عينيه غبطة بذاك الطفل الذي أصبح لاعباً، يجيد القتال. وما زاد تعلّق الطفل بأخيه أن حسن كان الشاب القوي الذي لا يتردد بإظهار عواطفه. لكن كما أقوى قصص الحب والوفاء كان على أحدهما أن يرحل. رحل حسن في العام 2009 في انفجار عارض ومفاجئ في حارة حريك.

جراحات جسد حسن تركت ندوباً في نفس البراء. لكنه كان مصمماً أكثر من أي وقت مضى على متابعة الطريق التي رسمها له حسن. ذهب إلى التمرين الأول بقدمين ثقيلتين. وصل. تابع. ضاعف تمارينه. ينتقل من النادي إلى سطح البيت في المخيم ليكمل رياضته المفضلة.

تحوُّل طرأ عندما كان يشاهد عبر التلفاز فتياناً يلعبون لعبة الباركور في غزة، على ركام خلّفه العدوان الإسرائيلي نهاية 2008. الليونة. القفز. التسلق. المجازفة. الجمباز. كلّها أمور يعشقها البراء، وجدها في لعبة واحدة: الباركور. وباستطاعته أن يمارسها في مخيم يشبه ذلك الركام. أزقة ضيقة تسمح بالقفز من سطح إلى سطح. أنابيب متدلّية تتيح التسلّق. وجسد لم تكن تنقصه الشجاعة.

ليس هناك نادٍ مختص. تعلّم وتدرّب البرّاء، بجهد فردي، عبر اليوتيوب، ومواقع التواصل الأخرى. خلال عامين أصبح مدرّباً لتلك اللعبة. وجمع حوله عدداً من الطلاّب. بعد أعوام أراد أن يكمل طريقه في الألعاب القتالية. هذه المرة اختار الكيك بوكسينغ. يقول لـ"المدن" إن سبب الاختيار كان بسبب السرعة في تلك اللعبة، والتكنيك الأفضل، واللعب فيها مفتوح أكثر من معظم الألعاب القتالية.

توجّه البراء إلى نادي M.C.S في مدينة صور. ساعدته خبرته السابقة في الكيوشنكاي والباركور في اكتساب مهارات الكيك بوكسينغ بسرعة فائقة. ينوّه الماستر شادي سويدان في حديثه إلى "المدن" بأداء البرّاء. وسرعة تطوّره "لديه بنية قوية، طاقة كبيرة، وعقله يسيطر على أدائه الجسدي".

بعد تدريب مضنٍ ومتواصل، وإشراف لحظة بلحظة من المدرّبين، شارك البراء في بطولة كأس الجنوب بلعبة الكيك بوكسينغ، التي جرت في مدينة صيدا، الأحد في 8 نيسان 2018. وكانت المفاجأة فوزه بالمركز الأول، رغم وجود لاعبين خبروا البطولات الدولية.

لم يواجه البرّاء أي عوائق بسبب جنسيته الفلسطينية فـ"مدينة صور المفتوحة تاريخياً على فلسطين، والمنفتحة دوماً، لا تعرف مثل هكذا تمييز"، يقول الطالب في كلية العلوم الاجتماعية. ويختم سويدان: "البراء مشروع بطل عالمي سيرفع علم فلسطين في المحافل الدولية".