طائر القيقب يهجر لبنان: دودة الصندل تنتشر

تنتشر ظاهرة يباس أشجار الصنوبر، وقد باتت تهدد ما بقي من ثروة جمالية وإنتاجية، وتستهدف مناخ لبنان وقطاعاً اقتصادياً "تعتاش منه أكثر من 50 ألف عائلة"، وفق ما يؤكد لـ"المدن" رئيس نقابة عمال ومزارعي الصنوبر في لبنان فخري المصري.

مرض يباس الصنوبر ليس طارئاً. فالمشكلة بدأت منذ نحو 10 سنوات. لكنه اتخذ خلال العامين الماضيين بعداً كارثياً. ذلك أن عوامل عدة اجتمعت دفعة واحدة، ومن بينها تغير المناخ، فضلاً عن أن المشكلة تخطت لبنان وباتت تستهدف دولاً متوسطية عدة.

من بين أخطر الأمراض التي تواجه الصنوبر انتشار دودة الصندل على نطاق واسع. ومرد ذلك غياب العدو الطبيعي، أي طائر القيقب بسبب الصيد الجائر. فإذا بنا اليوم نعالج النتيجة وننسى السبب، فنلجأ إلى المبيدات ونلوث الهواء والتربة والمياه. أما الصيد الجائر فمستمر، وثمة من "صدق" أن وزارة البيئة فتحت موسماً لم يقفل يوماً، وأعدت قانوناً بدا كاريكاتورياً في "تطبيقه".

يشير الخبير في مجال الطيور البروفسور غسان جرادي إلى أن "طائر القيقب كان يعشش في بيروت في العام 1954، وقد شوهد في العام 2001 في الغابات قرب عمِّيق (البقاع الغربي)". وهو يعرف بأسماء عدة، منها "الكوكو أو القيقوب أو القيقوبة، وهناك من يطلق عليه (الحمام القوال)"، ويعرف بالإنكليزية بـCuckoo. أما اسمه العلمي فهوClamator Glandarius. ويتميز، وفق جرادي، بأنه "يفرز مادة لزجة تمسك بالشعيرات السامة لدودة الصندل. بالتالي، يتمكن من ابتلاع الدودة من دون شعيراتها السامة، ويتقيأ هذه الشعيرات بعد كل وجبة".


وما يسترعي الاهتمام أن النظام الفيزيولوجي لهذا الطائر يجعله "متخصصاً" بأكل دودة الصندل. وهو أمر لا تقدر عليه معظم أنواع الطيور التي تنفق إذا التهمتها. ووفق جرادي، "ثمة نوعان من الكوكو: العادي والأرقط"، مؤكداً أن "هذين النوعين في تناقص مستمر. ما يؤدي إلى ازدياد أعداد دودة الصندل، التي تتسبب بيباس شجر الصنوبر". لذا، أدرج القيقب على قائمة الطيور النادرة في لبنان، و"هي لوائح محلية للطيور المهددة. والسبب هو الصيد الجائر".

والكوكو طائر طفيلي، يضع بيوضه في أعشاش الطيور الأخرى. "وفي لبنان يضع بيوضه في أعشاش الهوازج، وهي طيور مثل التيّان، ليفقس مع صغار هذه الطيور، ويتغذى معها. فهو يتناول الحشرات التي لا يأكلها غيره من الطيور، مثل العناكب والزواحف الصغيرة واليرقات ذات الشعيرات"، وفق جرادي.

خطر على الصحة
ثمة مشكلة أخرى. إذ بدأت تكثر الإصابات بين المواطنين بسبب دودة الصندل، فلكثرتها تتسلل إلى البيوت. وتشير الاختصاصية في أمراض الحساسية والربو والمناعة في مستشفى الإيمان في عاليه الدكتور مهى صالحة إلى أن "الوبر الذي يغطي دودة الصندل يشكل خطراً على الصحة العامة إذا تم لمسه. ما يسبب حساسية موضعية". وتؤكد أن "الوبر يتطاير في الجو ولا يدخل مباشرة إلى الرئتين، بل يولد حساسية في الأنف تظهر على شكل زكام موضعي وتعطيس أكثر منه ضيق في النفس"، مشيرة إلى أن "هذه العوارض تصيب الصغار والكبار معاً"، محذرة الناس "من الاقتراب من الأشجار المريضة ولمس الأعشاش".