الأربعاء 2018/10/31

آخر تحديث: 11:26 (بيروت)

"رهاب المثلية" بنسخته الدينية يلاحق طلاب الجامعة الأميركية

الأربعاء 2018/10/31
"رهاب المثلية" بنسخته الدينية يلاحق طلاب الجامعة الأميركية
دار الفتوى يحول عيد "هالوين" إلى ترهيب حقيقي
increase حجم الخط decrease

 

نجح مفتي الجمهورية السابق محمد رشيد قباني في إلغاء سهرة، قيل أنها "جنسية مثليّة للتعرف إلى الشريك"، كانت مقررة مساء أمس في إحدى حانات شارع الحمراء.

وأصدر بياناً وجّه فيه نداء إلى كل من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة المكلف، ورئاسة وإدارة الجامعة الأميركية في بيروت، لمنع السهرة التي ينظمها "نادي الجندر" في الجامعة، والقبض على منظمي السهرة ومعاقبة المسؤول في وزارة الداخلية الذي وافق على الترخيص.

 لم يكتف قباني بما سبق، معتبراً "أن موضوع السهرة مفضوح وهو عار على لبنان واللبنانيين، وينذر بدمار إلهي للبلد". هذا ما نشرته غالبية المواقع الأخبارية، من دون التدقيق بحقيقة هذه الادعاءات، أو الأخذ برواية الطرف الآخر – منظم الحفلة، حتى بعد اصدارهم بياناً يوضح حقيقة المناسبة.

بدأت القصة حين قرّر "نادي الجندر والجنسانية" في الجامعة الأميركية تنظيم سهرة تنكرية لمناسبة عيد "هالووين"، خارج حرم الجامعة بعد موافقة الإدارة طبعاً. والنشاط يندرج ضمن سلسلة أنشطة للنادي ينظمها على مدار السنة. يقول مسؤول في النادي بحديث لـ"المدن" إن بيان المفتي تسبب بأذى نفسي بالغ لأعضاء النادي المسالمين، وساهم في تحريض الرأي العام ضد السهرة التي كانت عادية ومشابهة لأي احتفالية تحتضنها المدينة.

ويشير الطالب المسؤول إلى أن بيان المفتي ضم مغالطات عدّة أهمها أن النادي لم يكن بحاجة إلى موافقة من قبل وزارة الداخلية، ولم يطلب إذناً أو تصريحاً لإقامة الحفلة لأنها مجرد مناسبة اجتماعية، كما أن السهرة لم تكن للبحث عن شريك جنسي، انما للاحتفال والرقص وتبادل الأحاديث".

على أي حال، ساهمت الضغوط التي تعرّض لها النادي إلى الغاء السهرة حفاظاً على سلامة المشاركين، وعدم تعرضهم لأي أذى نفسي أو جسدي، خصوصاً أن ثمة من هدد بمهاجمة الحانة التي كانت ستستضيف السهرة و"تكسيرها"، حسب بيان صادر عن النادي.

ويوضح المصدر الطلابي أن النادي ينظّم دورياً ندوات ونقاشات حول رهاب المثلية الجنسية، وحرية الرأي والتعبير عن الهوية الجنسية، والعمل على توفير مساحة آمنة لمجتمع مهمش.

بعد اللغط الذي سببه بيان قباني، انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، عبر مواقع التواصل الاجتماعي لما حدث.

هكذا، ومرة جديدة، تُستعمل السلطة الدينية للتدخل في أمور لا تهم إلا أصحابها، وتحاول فرض وصاية أخلاقية، تبدو في كثير من الأحيان متعارضة مع حقوق المواطنين وحرياتهم العامة والفردية.

وفي مشهد لا يخلو من المزايدة والمزاحمة، استلحقت دار الفتوى نفسها وسارعت إلى إصدار بيان قالت فيه أنها "ستقف في وجه كل من يخالف التعاليم الدينية والقيم الأخلاقية التي جاءت بها جميع الرسالات السماوية والتي قام على أساسها المجتمع اللبناني في المحافظة على القيم الأخلاقية وطهارة المجتمع من الفساد والتحلل اللاأخلاقي الذي يحاول بعض المفسدين والفاسدين نشره بين الشباب في الجامعات والمؤسسات التربوية الحضانة لأبنائنا على اختلاف انتماءاتهم".

ويبدو أن حرب البيانات ضد الجامعة الأميركية في الآونة الأخيرة لم تتوقف عند هذا الحد، اذ أصدر اتحاد الشباب الوطني بياناً تساءل فيه "هل الجامعة الأميركية في بيروت تحولت من صرح تعليمي رائد يخرّج شباباً يسعى لخدمة وطنه، إلى مقر لنشر التطبيع والفساد والإفساد"، بعدما نجح اعتصام طلابي في إلغاء محاضرة بعنوان "إعادة النظر في أخلاقيات الحرب" للدكتور والباحث جيف ماكماهان الذي يعمل مستشاراً لقسم الفلسفة في الجامعة العبرية في القدس. وبرّرت الجامعة دعوتها للمحاضر الأميركي بأنها تعتمد على "مبادئ التعليم الليبرالي التي طورت في الولايات المتحدة، البلد الذي سُجّلت الجامعة فيه".

هذه المناخات التي تحاصر مبادرات ثقافية واجتماعية وأكاديمية، تعدنا بـ"نعيم" التكفير والتخوين، وفق ما اختبرته مجتمعات قريبة ومجاورة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها