الأربعاء 2017/03/22

آخر تحديث: 08:14 (بيروت)

Cliffhangers: كل واحد يروي قصته في بيروت

الأربعاء 2017/03/22
Cliffhangers: كل واحد يروي قصته في بيروت
"لطالما كانت القصص مهمّة" (تيمون كوخ)
increase حجم الخط decrease

سألَتْ سيدة أمام مجموعة من الغرباء، تفوق أعمارهم الخمسين أو الستين سنة، "هل يعرف أحدكم هذه الأغنية؟". أخبرت إحدى الحاضرات قصة ذهاب زوجها إلى الحرب في صفوف الجيش الأميركي. وأخبرت كيف أنّ أغنية واحدة كانت تذكّرها به، وما إن أفصحت عن اسمها حتى راح الحاضرون يغنّونها بصوت خفيف وخافت، كأنهم صوت واحد.

كلمتان اثنتان كانتا كافيتين لكي تصف ديمة مخايل متّى، مؤسّسة حلقات سرد القصص المعروفة بـCliffhangers، انطباعها حول أول حلقة سرد قصص شاركت فيها أثناء مكوثها في الولايات المتحدة، هما: سحريّ وساحر. "أثناء عودتي إلى بيتي فكّرت أنّ هذه الحلقات مهمّة جداً. ولمّا عدت إلى لبنان اكتشفت أن هذا الحدث شكّل إحدى اللحظات الأكثر تميّزاً في ما عشته هناك".

"لطالما كانت القصص مهمّة"، تقول ديمة. "أذكر أنّنا كنّا نحتسي القهوة بعد تناول وجبة الغداء مع أهلي وأخواتي، وتطول جلسة القهوة أكثر من الغداء نفسه لأن أمي وأبي كانا يحكيان لنا قصص الحرب والماضي وبيروت. وكنا نصغي لهما بشغف كبير". قصة ديمة مع Cliffhangers، وهو مصطلح إنكليزي يعني "عناصر التشويق"، أصبحت "من هون وبالرايح" معروفة. مرّة كل شهر، تنظّم حلقة سرد قصص في أحد المقاهي في بيروت.

مواضيع عشوائية
الضوء، النقل العامّ، الأحلام، الألوان، العار والسفر: ستّة مواضيع لستّ حلقات، ستّة أشهر من Cliffhangers المستمرّ بوتيرة شبه منتظمة منذ العام 2014. كيف تختار ديمة المواضيع التي ستتمحور حولها القصص كلّ شهر؟ بأكثر الطرق عشوائية. بالصدفة، أو بناء على اقتراح صديق، لكن أيضاً من خلال الابتعاد عن المواضيع المعلّبة كالحب والسلام مثلاً. "اختيار الموضوع مسبقاً يخلق بين قصص الرواة المختلفة حبلاً خفيّاً، ويضعها في سياق"، تشرح ديمة.


اختيار الموضوع يتيح للمشاركين أن يحضّروا قصة يروونها في الفقرة النهائية المخصصة لهم. أما الرواة المعتمدون، فهم أربعة أو خمسة أشخاص، تختارهم ديمة، أو يختارونها. "لكن التحايل على الموضوع مسموح ومتاح ومرحبّ به"، تقول ممازحة. فـ"في احدى المرّات، أرادت إحدى الراويات أن تخبّر قصة عن السفر لكن موضوع الحلقة كان الضوء. قالت إن الضوء يسافر أيضاً، مبرّرة بذلك اختيارها قصة حول السفر".

تختار ديمة الألوان لتجيب عن سؤال: "أي حلقة هي الأحبّ إلى قلبك؟". تستعيد سنتين أو ثلاث من الجلسات المتتالية ثم تؤكد اختيارها. "يومها أخبرت أنا قصة، واكتشفت إلى أي مدى يمكن لنا أن نرى الحياة ونفهمها ونحللها من خلال الألوان"، تقول ديمة. "إحداهن تحدثت عن فقدانها صديق وعدم رغبتها بارتداء الملابس السوداء. شابّة أخرى تحدثت عن كيف اكتشفت أنها مثلية من خلال الألوان". تضيف: "أسأل دوماً من أين نأتي، نحن جميعاً، بالشجاعة لنفصح إلى آخرين مجهولين قصصنا الخفية والحميمية؟".

مساحة آمنة في بيروت
أجمل ما في Cliffhangers، وفق ديمة، أنّه خلق مساحة حرّة، خالية من إطلاق الأحكام أو إسقاط الصفات على الآخر. "وإذا كان هناك من نوايا خفيّة أو حقد مضمر، فالأكيد أنه لا ينتمي إلى Cliffhangers"، تقول ديمة الفخورة بالمساحة التي وجدت في مدينة غالباً ما تضيق بناسها وتُحدّ فيها فرص التعبير عن الذات. "إن كان الرواة أو الأفراد من الحضور يقررون فجأة أن يخبروا قصة عن الموت، الأمراض النفسية التي يعانون منها، الجنس، القلوب المفطورة، فهذا بحد ذاته دليل على أنّنا نفعل الصواب".


من أكثر القصص التي أثرت في ديمة هي قصة صراع راو مع مرض القلق anxiety. تحدث عن مدى معاناته مع المرض، والجهود التي يقوم بها لكي يذهب إلى العمل، أو يتحدث مع الناس. وكيف أنه يتبع علاجاً بالأدوية لمعالجة القلق الشديد والكآبة، وكيف أن صراعه مستمرّ بشكل يومي بهدف ألا يدع المرض يغلبه. "توقف للحظة بدت فيها الغصة على وجهه، فصفقّ له الحاضرون جميعاً"، تروي ديمة. "وبعدما أنهى سرد قصته، توجهت إليه صبيّة من الحضور وأخبرته أنها تعاني من الحالة نفسها، وأنها تفهم وتشعر بكل حرف نطق به على المنصّة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها