الخميس 2016/06/23

آخر تحديث: 08:25 (بيروت)

أطفال "حزب الله"

الخميس 2016/06/23
أطفال "حزب الله"
صور "شهداء" الحزب تتزايد يومياً (Getty)
increase حجم الخط decrease
بعد نزاع كولومبي، استمر عقوداً، شاركت فيه مجموعات يسارية متطرفة وقوات عسكرية يمينية متشددة، وتخللته أعمال عنف مرتبطة بتهريب المخدرات، تسببت بمقتل ونزوح الآلاف، وافق متمردو حركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) على إنهاء أطول حرب أهلية شهدتها أميركا اللاتينية في العام 1969.

دخلت "فارك" الحرب حاملة الراية الماركسية، تحت شعار الدفاع عن الفقراء في الريف الكولومبي ضد الطبقات الأكثر ثراءً والنفوذ الأميركي في كولومبيا والشركات متعددة الجنسيات فيها، ومن أجل التمهيد لثورة يسارية مسلحة. عقود من القتل والخراب وارتكاب أبشع الفظائع التي أدت إلى إدراج الحركة على لائحة المنظمات الإرهابية، لم تثن متمرديها عن الموافقة منذ أيام على تسريح الأطفال المجندين في صفوفها في إطار اتفاق سلام يستعدون إلى توقيعه مع الحكومة.

جلس متحاربو الأمس إلى طاولة المفاوضات للبحث في شروط وقف نهائي لإطلاق النار قبل التوصل إلى اتفاق سلام كلي، وتعهدوا بتسريح القاصرين والسعي إلى إعادة دمجهم في المجتمع.

تجري مفاوضات السلام هذه في كوبا، فيما تتحارب على بقعة جغرافية ضيقة في الشرق مجموعات قررت دخول الحرب السورية حاملة راية "المقاومة" لمحاربة "التكفيريين" و"الإرهابيين" على أرض يموت فوقها شباب أدخلهم "حزب الله" في صفوفه وأقنعهم أن القتال "واجب جهادي" و"الشهادة" شرف عليهم نيله هناك.

منذ نحو سنتين وعشرات الشبان من الجنوب والبقاع يذهبون إلى سوريا ويعودون جثثاً هامدة تُشيَّع في بلداتهم داخل لبنان. هذه الحرب التي تهجّر ومات وأُبيد بسببها آلاف السوريين واللبنانيين تحت مسوغات شتى، بدأت بالدفاع عن مقدسات دينية ولم تنته بمحاربة التكفيريين لمنعهم من الإقتراب من لبنان، ولم تثن "حزب الله" عن التفكير في الخروج من أرض قرر دخولها منفرداً.

صور "شهداء" الحزب تتزايد يومياً، وآخرها صورة علي الهادي حسين، ابن 15 عاماً، التي أثارت السخط على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحف. لكن علي ليس أول طفل يجند في صفوف "حزب الله" حتماً، ولن يكون الأخير ربما. فهو واحد من عشرات الأطفال الذين يموتون بصمت وسط ضجيج المعارك الدائرة في سوريا، وواحد من عشرات حرموا من طفولتهم، وذهبوا فداءً لبيئة لم تكفِ يوماً عن ترداد "فدا السيد".

لكن السيد نفسه مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالإجابة عن أسئلة عديدة. أولها متى تنتهي حفلة جنون تتخطى قدرة طفل على الاستمتاع فيها كـ"علي الهادي"، الذي يجب أن يكون اليوم بين أهله ورفاقه في الحي وزملائه في المدرسة.

علي في نظر "المقاومة" شهيداً، وفي نظر آخرين ضحية تُطرح حولها علامات استفهام عديدة. ضحية من؟ ضحية ماذا؟ متى يكف "حزب الله" عن تجنيد شبان قاصرين؟ هل يعلم الحزب أنه في تجنيده القاصرين يتساوى مع تنظيم "داعش" الذي يحاربه في سوريا، أو مع جماعة "بوكو حرام" التي ينبذها ويصفها بالإجرام في نيجيريا، أو مع حركة "فارك" التي لا يعترف بها عقائدياً في كولومبيا؟

"فارك" بدأت عملية السلام بتسريح أطفال جندتهم، وماتزال تبحث وتتفاوض في مصير أطفال آخرين ارتكبوا جرائم حرب، فمتى سيسرح "حزب الله" الأطفال الذين جندهم في القتال؟ وإذا كانت قوانين حماية الطفولة لا تطبق في لبنان، فهل من رادع أخلاقي وقيمي يمنع استغلال أطفال جدد، ليس في إمكانهم إتخاذ أبسط القرارات فكيف بقرار الحياة والموت؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها