الإثنين 2016/03/07

آخر تحديث: 17:09 (بيروت)

نهاية "مكتبة البرج".. وسط بيروت يعمّق "عزلته"

الإثنين 2016/03/07
increase حجم الخط decrease
لم يعد وسط بيروت قادراً على إحتواء الكتب والمكتبات، في ما يبدو أنّه المشكلة التاريخية لوسط المدينة. فهو منذ إعادة اعماره، في بداية التسعينات بدا غير قادر على إستقطاب الناس خارج فئات محددة، لا سيما القرّاء، إذ يكاد يُختزَل اليوم بالأسواق، وهو أشبه بمجمّع تجاري بعيد كلّ البعد عن أن يكون ملتقى ثقافياً. من هنا، تجد مكتبة البرج، التي أسّسها غسان تويني في العام 2003 في وسط بيروت، نفسها مرغمةً على الإقفال، بعد أن قاومت الظروف الإقتصادية والاجتماعية الصعبة على مدى الأعوام الـ13 السابقة.


واذا كانت مكتبات أخرى، قد أقفلت في بيروت، في فترة سابقة، أو نقلت مكانها إلى هوامش المدينة، فإن إقفال "البرج" يحمل دلالات أبعد، خصوصاً أن هذه المكتبة، التي كانت المكتبة الوحيدة المتخصصة إلى وقت قريب في وسط بيروت في مرحلة ما بعد اعماره، لم تكن، وفق مديرها وأحد مؤسسيها ميشال شويري، مجرّد مكتبة تجارية كغيرها من المكتبات، بل "حرصنا على أن تكون لها هوية اجتماعية وثقافية أيضاً، إذ كنا دوماً نحاول بيع كتب ذي مستوى أعلى مما قد يجده الزبون في مكتبة أخرى، فمن يدخل إليها يكتشف كتابات وكتّاب غير مشهورين بالضرورة ولكن على قدر من الأهمية".

ومنذ تأسيسها، سعت المكتبة إلى التشجيع على القراءة. إنطلاقاً من ذلك، رفض القيّمون عليها بيع الكتب المدرسية، ذلك أن "المدارس باتت اليوم تفرض كتباً معينة على التلاميذ، وترغمهم على القراءة، لكن المطالعة ينبغي أن تكون مسليّة وطوعية، لذا نشجّع الأطفال على اختيار كتبهم بأنفسهم، كما نساعدهم على إنتقاء الكتب التي قد تثير اهتمامهم".

كما نظمت المكتبة ندوات وأمسيات شعرية وورشات عمل لتعليم الكتابة للصغار والكبار، بالإضافة إلى محاضرات وجلسات نقاش حول المسرح، والشرائط المصورة اللبنانية. ويشير شويري إلى أنها سعت "إلى الحثّ على المطالعة في بيروت وخارجها، فعمدنا بعد حرب تموز في العام 2006 إلى إطلاق حملة تضامنية لجمع تبرّعات من أجل إهداء كتب للمكتبات العامة في الجنوب". كما دأبت المكتبة على أن تضع أسماء المؤلّفين والإصدارات اللبنانية في المقدّمة، على ما يؤكّد شويري. بالإضافة إلى تميّز المكتبة بعلاقة مباشرة بين البائع والزبون، بعكس المكتبات الكبرى مثل "أنطوان" والـ"Virgin Megastore" الموجودتين في الوسط.

لكن شويري يعيد أسباب إضطراره إلى إقفال المكتبة إلى أمرين أساسيين. أوّلهما تراجع إقبال المجتمع اللبناني على المطالعة، وعدم بذل الدولة أي مجهود في سبيل الحثّ على القراءة. أما السبب الآخر والأكثر إلحاحاً، بالنسبة لشويري، فهو الأزمات السياسية والأمنية والإقتصادية في لبنان، والتي تأثّر بها وسط بيروت بشكل مباشر. فقد بدأت إنتكاسة المكتبة، التي كانت تعتمد بشكل كبير على إستقطاب السياح والأجانب، في العام 2005 مع إغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتلتها حرب تموز في العام 2006 والتي أبعدت بدورها السيّاح عن لبنان. ويتذكر شويري أنه قبل ذلك "كان السيّاح يقفون في الصفّ من أجل دخول المكتبة، فقد كانت جزءاً من جولتهم السياحية".

لكن "الضربة القاضية"، على حدّ تعبير شويري كانت، في العام 2015، فـ"بسبب التظاهرات وقطع الطرقات في الوسط التجاري، أصبح الناس يخافون من المجيء إليه فتأثرت كل المحلّات بما في ذلك الملاهي الليلية التي أقفلت في معظمها، لذا لا نستغرب أن تغلق المكتبات في بلد مثل لبنان يعتبر فيه الكتاب كيلوغرام من الورق".

تقفل "مكتبة البرج" الصغيرة مقارنةً مع "مكتبة أنطوان" والـ"Virgin" أبوابها في الثامن والعشرين من نيسان المقبل، أي بعد أقل من شهرين، وستجري خلال هذه المدة تصفية على الكتب مع حسومات تصل إلى خمسين في المئة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها