الجمعة 2015/05/15

آخر تحديث: 14:04 (بيروت)

الدعم الاجتماعي للمثليين.. في "مجتمع التحفظ"

الجمعة 2015/05/15
الدعم الاجتماعي للمثليين.. في "مجتمع التحفظ"
قد يتحول نمط حياة المثليين الى عيش مؤلم ومدمّر في حال عدم وجود حلفاء لهم (Getty)
increase حجم الخط decrease
حين قرّر فراس أن يخبر صديق طفولته علي أنّه مثلي، كان يعلم أن الأمر لن يكون سهلاً. فأعدّ سيناريو من مرحلتين. كانت المرحلة الأولى عندما أخبره أن رجلاً أربعينياً تحرش به حين كان مراهقاً في الثالثة عشرة من عمره. عندها اختفى علي شهراً كاملاً، ليعاود بعدها الاتصال بفراس الذي أخبره، في المرحلة الثانية، أنّه مثليّ الجنس. فضخّم علي أحرف الكلمة وسأله بخبث "هل تمتلك قضيباً؟". إكتفى فراس بإبتسامة خفيفة. ومن يومها فترت صداقتهما، لتموت نهائيّاً عند سفر علي للدراسة في فرنسا. فهل يخيّر الانسان بين هويته الذاتيّة وإنتماءاته الاجتماعية؟

يعتبر الـ١٧ من أيّار يوماً عالمياً ضد رهاب المثليّة والمتحوليين جنسيّاً، وكأنه صرخة تذكر العالم بأنّ المثليين ليسوا مخلوقات تثير الذعر. وقد شارك لبنان هذا العام ولأول مرة، في إحياء هذا اليوم، من خلال حملة إعلانيّة أطلقتها جمعيّة "براود ليبانون". وهي عبارة عن فيديو يظهر شخصيات فنيّة تطالب بمساندة المثليين.

في شهر أيّار العام الماضي عرفت أسرة رمزي (اسم مستعار) بمثليته. كانت اخته الكبرى تسير بالقرب من بيتهم في عين الرّمانة، لتكتشف انّ الشاب الذي يقبّل شابّاً في سيارة "هيونداي" هو رمزي. فحلّت الكارثة على العائلة، ففي البيت شاب "لوطي". شُتم وحُرم من مصروفه الشخصي، وعُنّف جسدياً. يقول: "اُمّي، في الفترة الأخيرة، شهرت سكيناً في وجهي. وفي مرّة أخرى اشترت كازاً كي تحرقني". لم يحتمل رمزي الجحيم الذي يعيشه، فأراد الهرب من البيت. لكنه لأسباب مادية إختار السفر للعمل في دولة خليجية لفترة قصيرة. غير أنه عاد الى بيته لاحقاً بعد ان وضع أهله بين خيارين: ترك البيت أو تقبّل هويّته الجنسيّة. إختاروا أن يبقى في البيت، ليس لأنهم اقتنعوا بمثليته، بل لأنهم اعتبروها "فترة وبتمر".


الدعم الاجتماعي
يقول جوني طعمة، وهو اختصاصي في علم النفس العيادي وباحث سلوكي في "الأقليات الجنسية"، والمدير التنفيذي لـ"تحالف M-Coalition)"M) في المؤسسة العربية للحريّة والمساواة، لـ"المدن"، أنّ الدعم الاجتماعي هو حاجة لأي إنسان. لكن أهميته تتزايد لدى الاشخاص الذين يعانون من تمييز اجتماعي كما المثليين. فـ"مجتمع التحفظ" يكتسب جذوراً أقوى في العالم العربي وفقاً لعوامل اجتماعية ودينية. الأمر الذي يجعل الحياة اليومية للمثليين مراقبة ومحكوماً عليها انطلاقاً من أعراف أخلاقيّة.

لذلك قد يتحول نمط حياة المثليين الى عيش مؤلم ومدمّر في حال عدام وجود حلفاء لهم أو مجموعة من الأصدقاء، أو حتّى مُثلاً مجتمعية عليا تحترم وجودهم. "نسمع دائماً عن انتحار مثليين حول العالم عند خروجهم إلى العلن في بيئات اجتماعية معادية، ولا تقدم الدعم الكافي لهم". فما الذي يدفع المجتمع الى العدائيّة والرّهاب تجاه المثليين (Homophobia)؟


مجتمع الرّهاب
لرهاب المثلية أشكالٌ وعوامل عدّيدة، وفق طعمة. يقول: "بعض الناس تعلموا انّ المثلية سلوك سلبي يتوجّب رفضه". وتجاوز ذلك، بحسب طعمة، يمكن ان يتحقق من خلال تجربة شخصية، كأن تلتقي مثلياً جنسياً وتكتشف انّه لا يختلف عن أي إنسان آخر. أو عن طريق الانخراط في النشاط الانساني والحقوقي. ومن هنا، يرى طعمة انّ الاشخاص الذين لم يحصلوا على فرصة لمواجهة أفكارهم التي اكتسبوها في البداية، يكوّنون رهاباً تجاه المثليين. أما أولئك الذين اختبروا سلوكاً مثلياً أو يفكرون فيه، لكنهم يعتبرونه سلوكاً خاطئاً، فيكوّنون رهاباً "متداخلاً" تجاه المثليين. "لانّه من الصعب على الانسان أن يرفض ذاته، فيسقط كراهيته ورفضه على مثلي جنس آخر أكثر وضوحاً أو صراحة في تعبيره عن ميوله الجنسية المثلية".

تقول لين أنّها تعرّفت إلى ثلاث فتيات خلال دروس في التعبير المسرحي. بعد انتهاء الورشة نشأت صداقة بينهن. لكنها إكتشفت فيما بعد أنّها "المستقيمة" (Straight) الوحيدة بين ثلاث فتيات ثنائيات الجنس. كان الأمر مضحكاً بالنسبة اليها في البداية. لكنها تعترف أنّها وجدت فيهنّ حريّة تبحث عنها. "كنت كأي فتاة لبنانيّة تحمل عبء أعراف مجتمعها. فهو يفرض على الفتاة كيفية تصرّفها.. كلامها وثيابها، لكنّي تفاجأت كيف تمكنت صديقاتي من تجاوز كل هذه الموروثات ليكنّ أنفسهن. هكذا، وجدت في رفقتهن حرّية افتقدتها قبلاً".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها