الثلاثاء 2015/02/17

آخر تحديث: 15:50 (بيروت)

شباب سوريون يحاولون العودة إلى الحياة

الثلاثاء 2015/02/17
شباب سوريون يحاولون العودة إلى الحياة
يصر شبان سوريون على اكمال حياتهم الدراسية والاستمرار في نشاطاتهم النضالية المتعددة (محمود الطويل)
increase حجم الخط decrease
تطغى كلمة "قسري" على كل الكلام الذي يصف أحوال الشعب السوري بعد أربع سنوات من الثورة. فالاغتراب قسري، وكذلك المعاناة، واللجوء والفقر، وما يزيد عليها من ألم ووجع. ربما لا تشكل هذه الكلمة للبعض تبريراً، أو سبباً لايقاف الهجمة العنصرية على من لم يختر هذا المصير، لكن لعلها تذكر هؤلاء بأنّ الحرب لا تعرف الرحمة، وسنوات الحرب الأهلية اللبنانية خير دليل على جبروت "القسر".


يصوغ الروائي السوري خالد خليفة، صاحب رواية "مديح الكراهية"، الحنين إلى سوريا بعبارة "لا تحاول.. الوطن لا يمكن حملهُ في حقيبةِ سفرٍ أو اختصاره بألف جلسة حنين". قد تختصر هذه الجملة الكثير من الندم، أو الحنين إلى سوريا، لكن من ناحية أخرى تؤكد أنّ الوطن لن يفارق اللاجئين أبداً. الكلام عن هذا الأمر لا يفهمه غير الذين عاشوا ظلم النظام السوري، ممن تمت محاسبتهم على كلماتهم، أشعارهم وتصرفاتهم خارج سوريا. باختصار، أينما ذهبت فإن "نظام البعث" يراقبك. وبغض النظر عمّا إذا كان ذلك "أسطورة" أو حقيقة، فالواقع أنّ أحداً لا يحب المراهنة على أن ذلك "أسطورة"، ولهذا السبب اختار الجميع عدم ذكر أسمائهم في هذه المقالة.

الأكيد أنّ الثورة، في يومياتها وأخبارها الميدانية، تأخذ حيزاً كبيراً من يوميات الشباب السوري المقيم بشكل قسري أو شبه قسري في لبنان. لكن، وبالرغم من ذلك يصر كثيرون منهم على اكمال حياتهم الدراسية وحتى النشاطات النضالية، في مختلف أنواعها. ورغم محاولتهم إبعاد الأوضاع الراهنة في سوريا عن يومياتهم، فان كثيرين منهم يجدون أنفسهم يحاولون الاختباء أو الهرب من تشعبات النظام المخابراتي السوري في لبنان. يتحدث ريبال، الذي يعمل في احدى الجمعيات التي تُعنى بمساعدة أطفال اللاجئين السوريين، عن صعوبة وخطورة التعامل مع الأسئلة اليومية للأطفال. مثلاً، هو يجد نفسه غير قادر على الاجابة عن سؤال معظمهم: "أيمتى منرجع على سوريا؟". فهو ليس قادراً، بحسب قوله، على الاجابة عن سؤال كهذا، وليس قادراً على شرح الموقف خوفاً من وصول كلماته الى الأجهزة الأمنية. يقف بحسب تعبيره "عاجزاً عن التعبير". على انه يحاول الهرب دائماً من سؤال أحدهم: "انت مع مين؟"، وهذا هو الجزء الأصعب، كما يقول.

في المقابل، يستبعد أحمد، وهو طالب علم النفس في "الجامعة الأميركية في بيروت"، العودة بشكل دائم الى سوريا. ويعتبر ان تفضيله للأنشطة الأكاديمية على الأنشطة السياسية، يمكن أن يُبرر بحاجته الشخصية الى تأمين مستقبله، في ظل استحالة التنبؤ بمستقبل سوريا القريب. لكن بالرغم من اختياره لهذا الحيز الخاص من الأنشطة، الا انه لا يزال يأخذ في الاعتبار التشديد الأمني في سوريا. فبرأيه "لا يمكن القيام بنشاطات هنا ومن ثم العودة الى سوريا، من دون أن يسببوا لك المشاكل". وهو لم يعش، في الأساس، الجو الشبابي في سوريا، إذ بدأ دراسته الجامعية في لبنان. كما أنّ اختلاف "مستوى الحريات"، بين هنا وهناك، يمكن أن يولد تناقضاً لدى "النظام" في فهم النشاطات، حتى لو كانت أكاديمية فحسب.

ريبال وأحمد، وبالرغم من اختلاف أنشطتهما الا انهما يتشاركان المشاكل نفسها، التي تزيد الضغط على السوريين في لبنان، ألا وهي تعامل اللبنانيين معهم. فبالرغم من وجود الكثير من الدعم المعنوي والانساني الذي يقدمه كثيرون من اللبنانيين للاجئين، بحسب ريبال، الا انه لا يمكن تجاهل بعض التعليقات العنصرية. وقد تشكل هذه التعليقات، وفق ريبال، استفزازاً يمكن تحمله. لكن البعض منها يُوجه الى الأطفال ما يخلق عندهم نوعاً من الخجل. وهذا ما يعرقل محاولة مساعدتهم. بينما يتحدث أحمد عن اختلاف التعامل منذ ثلاث سنوات الى الآن، اذ "في البداية كان الوضع أسهل، ولكن الآن أصبح صعباً أكثر، وغير مريح".

في مكان آخر، يجد بعض الشبان السوريين في لبنان حيزاً من الحرية لممارسة نشاطاتهم النقابية أو النضالية في مسائل لا تتعلق مباشرة بالثورة السورية. يتحدث حسن، الطالب في "الأميركية"، عن مشاركة بعض الشباب السوريين في أنشطة "النادي العلماني" في الجامعة، مثلهم مثل أي طالب لبناني. وهذه المشاركة تهدف للعمل على "قضية قد ترتبط ارتباطاً غير مباشر بالثورة، لكنها ترتبط أكثر بالمبادئ التي يحملها هؤلاء الشباب". "بالرغم من ان الكثير من القضايا تتعلق بالحياة السياسية اللبنانية الا انهم يجدون أنفسهم بحكم وجودهم هنا مرتبطين بها، مثل الانقسام الطائفي اللبناني الذي يؤثر بمنحى كبير على سوريا أيضا"، يضيف حسن.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها