الجمعة 2015/10/09

آخر تحديث: 00:45 (بيروت)

الأمن ينهي ليل المواجهة الطويل باعتقال عشرات الناشطين

الجمعة 2015/10/09
increase حجم الخط decrease
المشهد في محيط مبنى جريدة "النهار"، الخميس، خلال المظاهرة التي دعا اليها الحراك الشعبي، كان أشد اضطراباً من "المعركة الثورية" السابقة. وكأن الشارع بدأ يجسد، أكثر من ذي قبل، معركته مع السلطة "الأمنية"، "الأبوية"، "اللاشرعية"... بكل رموزها، وكذلك معركته الطبقية التي ما إن ظهرت أطرافها حتى إختفت، على الرغم مما في هذا الاختفاء من إلتباس. وقد استمرت هذه المواجهات عن بعد، بين الناشطين والقوى الأمنية إلى ما بعد منتصف الليل قبل أن تهجم عناصر مكافحة الشغب على الناشطين قرب "النهار" وساحة الشهداء وتعتقل العديد منهم وتضرب بعضهم حتى بعد اعتقالهم.


في هذه المظاهرة كانت السلطة تؤدي من خلال القوى الأمنية دورها المعتاد، من قمع وإعتقال وعنف مفرط. السماء تكاد تمطر قنابل مسيلة للدموع، تنفجر مطلقةً دخانها بين المتظاهرين. بينما تؤكد أصوات الموسيقى والخطابات على ضرورة التقدم نحو ساحة النجمة، فيحصل احتكاك بين الشبان والشابات، الذين يعملون على إزالة العوائق الحديدية والاسمنتية، وعناصر مكافحة الشغب. لكن خراطيم المياه التي استعملتها القوى الأمنية لم تنضب خلال الساعات الأربع، بينما لم يهدأ صوت سيارات الإسعاف في خضم الظلام الناتج عن قطع الكهرباء عن الساحة. هكذا، تكتمل عناصر مشهدية القمع.

القمع المعتاد قوبل، هذه المرة، بإصرار مشترك بين المجموعات على التقدم حتى لو إضطروا إلى مواجهة العنف بالعنف. عبر مكبرات الصوت طلب الناشطون من القوى الأمنية أن تتوقف عن رمي الحجارة على المتظاهرين، ليتوقفوا هم عن رميها. هذا الإيضاح حول الجهة المسؤولة عن معركة الحجارة التي دارت في الساحة، لم يكن يهدف إلى صبغ المظاهرة بسلمية لم تعد مفيدة. ذلك أن قرار الرد على القوى الأمنية بالمثل بدا واضحاً. لا بل أن المنظمين ذهبوا نحو إقتراح نوع من التكتيك للتقدم بإتجاه ساحة النجمة، اذ اقترح أحد المنظمين عبر مكبر الصوت ان يتناوب الأشخاص الموجودون في الخطوط الأمامية على المواجهة، منعاً لإستنزاف القوة. "إنتظروا حتى يفرغ خزان سيارة الإطفاء من المياه لتتقدموا، والذي يملك عازلاً يحمي اليدين من حرارة القنابل، ليمسكها ويردها الى الجهة التي أطلقتها". هذه بعض إقتراحات الناشطين والمنظمين الذين سبق أن تمسكوا بالسلمية. كأن السلمية لم تعد مفيدة في هذه المرحلة.

القرار كان واضحاً بعدم الخروج من الشارع ما لم يستعد "الشعب" حقه بالتظاهر أمام مجلس النواب. ازداد التمسك بهذا القرار مع وصول عدد المعتقلين عند التاسعة مساءاً الى 25 معتقلاً توزعوا بين المخافر. ووفق ما قال الناشط أسعد ذبيان، عبر مكبرات الصوت، فإن السلطة عرضت إطلاقهم مقابل ترك المجموعات للساحة. لكن الرد كان أن ترك الساحة لن يتم قبل إخراجهم. في سياق مواز أعلن الصليب الأحمر عن نقل 35 شخصاً في حالة إختناق بسبب قنابل الغاز من منطقة وسط بيروت.

لم تكن العودة الى الشارع بالزخم الذي إعتاده الحراك على صعيد العدد. غير أنه حقق هذه المرة تقدماً ملحوظاً على أرض الواقع، تُرجم بدفاعه عن نفسه في وجه بطش السلطة. وهو دفاع مشروع لأنه دفاع عن سلامة المتظاهرين وعن الحقوق والحريات. والأهم أن الحراك أسقط منذ الآن تهمة الإندساس المستحدثة في الإعلام والقضاء. كما أكد على حقه بالتظاهر أمام مجلس النواب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها