الخميس 2014/09/04

آخر تحديث: 16:09 (بيروت)

"مرسى" الصحة الجنسية بلا تمييز

الخميس 2014/09/04
"مرسى" الصحة الجنسية بلا تمييز
تأسس "مركز مرسى للصحّة الجنسيّة" منذ ثلاث سنوات، تلبيّة لحاجات المجتمع المقيّدة بالعديد من التابوهات (مركز مرسى)
increase حجم الخط decrease


"ما يميّز مركز مرسى عن غيره، هو امتلاكه لخطاب ينفتح على أنواع الجنسانيّة وأشكالها، من دون أن يعيد إنتاج الأفكار والقيّم التقليديّة المتعلقة بالجنس". بهذا التوصيف تلخّص إحدى الفتيات أهميّة مركز "مرسى" الذي يُعنى بالصحّة الجنسيّة. فيما تجد فتاة أخرى أنّ أحد أهم أسباب تفضيلها الذهاب إلى المركز هو المبلغ الرمزي الأقرب إلى المجانيّة. "التكلفة في العيادة النسائيّة لا تقل عن 60 ألف ليرة، بينما في المركز الفحوصات مجانيّة أو لا تتعدى الـ20 ألف ليرة". أمّا وسام فيتكلم عن الجو الآمن والمريح الذي يشعر به في المركز. "لا أحد يحدّق بي بطريقة غريبة كأني من كوكب آخر. كما أنّ السريّة في التعامل هي حافز مشجّع أيضاً. لا أحد يسألني عن اسمي، لي رقم خاص بي فحسب".

تأسس "مركز مرسى للصحّة الجنسيّة" منذ ثلاث سنوات، تلبيّة لحاجات المجتمع المقيّدة بالعديد من التابوهات. فالذهاب إلى الأطباء بهدف الإستفسار عن مواضيع متعلّقة بالصحّة الجنسيّة قد يجعل الفتاة عرضة للمضايقة والتمييز، لا سيّما إذا كانت علاقتها الجنسية خارج إطار الزواج. فالتمييز الجنسي والجندري ليس حكراً على الدولة وأجهزتها، فالأفكار هذه متغلغلة حتى في الجسم الطبي. هذه الأسباب كلّها كانت دافعاً للبحث عن جو آمن ومريح يحافظ ويشجّع على العناية بالصحّة الجنسيّة، فكانت "مرسى".

أكثر من 2500 شخص إستفادوا من الخدمات الشاملة التي يقدّمها المركز. وبحسب مديرة المركز، ديانا أبو عباس، يتم التركيز على الفئات المحرومة إقتصادياً بغض النظر عن خلفيتها الاجتماعيّة أو توجّهها الجنسي. "نحن نستقبل الجميع وخاصّة أولئك الذين لا يستطيعون تحمّل كلفة الفحوص في الخارج".

في الفترة الأولى لتأسيس المركز، كان معظم المستفيدين من خدماته رجالاً. والسبب في ذلك بحسب أبو عباس، في كون الرجال "يرتاحون أكثر في الحكي عن حياتهم الجنسيّة". إلّا أنّ الخطوات التي قام بها المركز، كمشروع الصحّة الإنجابيّة والجنسيّة للنساء وفحص سرطان عنق الرحم وتقديم وسائل منع الحمل بأسعار مخفّضة، شجّع النساء على المجيء إليه والإستفادة من خدماته.

ومن ضمن الحملات التي قام بها "مرسى" حملة "حقِّك، تهتمي بحالك"، حيث سأل فيها أكثر من 20 إمرأة لبنانيّة أسئلة حميميّة تتعلّق بنظرتهنّ إلى جسدهن وعلاقتهن به. واختار من بعدها مجموعة من العبارات أطلقها عبر فيديو في "يوم المرأة العالمي" لتعزيز الصحة الجنسية الشمولية للمرأة.

خدمات "مرسى" لا تقتصر على الفحوص الطبيّة المتعلّقة بالأمراض المتناقلة جنسياً، بل تشمل أيضا فحوصاً طوعيّة مجانيّة وسريّة لمسح المهبل، ولفيروس نقص المناعة البشري السيدا "HIV" بدرجاته كلها، ويقدّم المركز أيضا الإستشارات الغذائيّة. ويترافق ذلك مع تقديمه الاستشارة النفسية والإجتماعيّة لجميع الأشخاص من كل أنواع الجندر والفئات العمريّة والميول الجنسيّة، بما فيهم أولئك المتعايشين مع فيروس نقص المناعة . وهناك أيضا خدمة الـ"ريكي"، وهي طريقة يابانيّة للعلاج بالطاقة. الخدمات هذه لا تقتصر على الوافدين إلى المركز فحسب، بل يقيم المركز حملات توعيّة خارج المركز، لا سيّما في الجامعات.

المشروع الجديد لـ"مرسى" سينطلق خلال شهور قليلة، وهو مخصص للمتحولين جنسيّاً، نظرا لما يعانوه من إنتهاكات ومشاكل على مختلف الأصعدة. وسبق المركز أن أجرى مقابلات مع العديد من المتحوّلين جنسيا لمعرفة احتياجاتهم وكيفيّة تقديم الدعم لهم، إن كان على الصعيد النفسي، الإجتماعي أو القضائي. والمشروع سيشمل أيضا جلسات توعيّة لعائلات هؤلاء.

وفي ٢١ تموز من العام الحالي، فاز "مرسى" بـ"جائزة الشارة الحمراء" المرموقة من "برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الايدز" في المؤتمر العالمي العشرين للسيدا في مدينة ملبورن الأسترالية. وهي جائزة تمنح كل عامين لاحدى الجمعيات العاملة على الوقاية من الانتقال الجنسي لفيروس نقص المناعة البشري.
increase حجم الخط decrease