في هذا الوقت من كل عام، تبدأ رحلة التحضير لمونة الشتاء وهذا ما تسميه ربات المنازل في المناطق الجبلية بـ"همكة المونة".
المونة وكل ما يرافقها من تحضيرات تشكل جزءاً من "ثقافة" لبنان وتراثه، ولكنها ايضاً تنطلق من حاجات الناس. فمنذ زمن اعتاد اللبنانيون على تخزين بعض المحاصيل الزراعية وغيرها من الاطعمة والمواد الغذائية، وذلك لمواجهة قسوة الشتاء وصعوبة الحركة فيه. على أن وصف المونة اللبنانية بالتقليد أو الفلوكلور ينتقص من قيمة هذه الحرفة التي لطالما تغنت بها سيدات المناطق الجبلية. ذلك أن المونة هي ركيزة اقتصادية واجتماعية ضرورية، وغذاء صحي خال من المواد الحافظة.
"يلي في مثني ببيتو... عندو كنز"، هذا لسان حال غالبية سيدات الجبل. وهن لسن ربات منازل يحضرن المونة فحسب، إنما هن على دراية تامة بمنافع هذه المأكولات وكيفية استخدامها. وكأن هذا العمل طقس جماعي، فترى النساء منهمكات بصنع الزيت والزيتون، الرب والكشك، الالبان والاجبان، والمربيات على أنواعها.
"تقطع البندورة الحمراء اللون الشهية، ومن ثم تُعصر على منخل حديدي مخصص لصنع الرب. وبعد عصرها نقوم بتصفية العصير لازالة البذور والقشور التي تتسرب منه. وفي الوقت نفسه يهتم آخرون بإشعال النار في دار المنزل، وعندما تشتعل النار ويصبح الدست حامياً، نبدأ بإفراغ العصير في الدست ويتم حركه بشكل مستمر، ولكن بحذر. وبعد ان يشتد العصير ويصبح جاهزاً يُبعد ويوضع على ورق شاش ونُعرِّضه لأشعة الشمس ليجف نهائياً وثم يسكب في مرطبان زجاجي ويُضغط جيداً". هكذا تشرح احدى السيدات خطوات صنع رب البندورة. وهو شرح في دقته، وتفاصيله، والانخراط الجماعي في تنفيذه يبدو احتفاء بما يُنتج.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها