هل ننتظر ضربة إسرائيلية؟

مهند الحاج علي

الجمعة 2019/07/05
ثلاثة أحداث متتالية أثارت قلقاً في أوساط سياسية لبنانية واقليمية، وتحديداً حيال تصعيد اسرائيلي مرتقب خلال الفترة المقبلة. 

أولاً، عُقدت القمة الأميركية-الاسرائيلية-الروسية في القدس المحتلة. وحتى الآن لم نعلم حقيقة ما حدث بين مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات ووزير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، سوى بعض التسريبات غير المرفقة بأدلة عن عدم التوافق في الملف الإيراني. والحقيقة أن القمم تحصل بعد مشاورات وتنسيق واتفاق مبدئي، لتُتوج بلقاء رفيع المستوى مثل هذا الذي حصل الشهر الماضي. وبما أن القمة أمنية ومعنية بملفات حساسة، لن نرى تفاصيل الاتفاق فيها، سيما أن طريقة العمل الروسية مبنية على تنسيق سري مع أكثر من طرف في الداخل السوري. وما يجب أن يُؤخذ هنا في عين الاعتبار أن أصوات اسرائيلية اعتبرت القمة الأمنية أحد أهم الأحداث في اسرائيل خلال السنوات الخمس الماضية.

ربما بعض الإجابة في الحدث الثاني في هذه الثلاثية: الغارات الاسرائيلية الواسعة النطاق، والتي توزعت على مدى مئة وستين كيلومتراً وفقاً للتقارير الاسرائيلية. هل هي محض صُدفة أن تشن اسرائيل غارات واسعة النطاق ضد أهداف ايرانية بعد أيام فقط من القمة الأمنية؟ من الصعب تصديق ذلك.

الحدث الثالث الذي تلا الغارات الاسرائيلية بأيام، ويعنينا هنا، هو انهيار المفاوضات اللبنانية - الاسرائيلية حول الحدود، والتي تُديرها الولايات المتحدة. الرواية الرسمية والاعلامية هي أن لبنان يطالب بوساطة أممية رفيعة المستوى، في حين يُريد الجانب الإسرائيلي حضوراً ضعيفاً للمنظمة الدولية. هذا الخلاف أصاب المفاوضات بمقتل! هل هذه حُجة مُقنعة؟

مصدر لبناني قريب من المفاوضات قدم رواية مختلفة لهذا التراجع، رغم الجهود الأميركية المكوكية منذ شهرين. جوهر الموضوع يرتبط بالتوترات الاقليمية ومكانة لبنان فيها. ذاك أن مسؤولاً أميركياً رفيع المستوى جس نبض الجانب اللبناني في خصوص احتمال استهداف اسرائيل مصنعين للصواريخ على الأراضي اللبنانية، وفقاً للمصدر ذاته. والسؤال الأميركي هنا هو هل بالإمكان الحؤول دون رد "حزب الله" لو وقعت هذه الضربة؟ تعني هذه الرواية، في حال كانت صحيحة (مصدرها واحد فقط)، أن هناك ربطاً أميركياً مبطناً لنتيجة المفاوضات حول الحدود (ايجاباً أو سلباً)، بالمساعدة اللبنانية على احتواء مثل هذه الضربة.

خلال أسبوعين فقط، عُقدت قمة أمنية رفيعة في اسرائيل، تلتها بعد أقل من أسبوع موجة ضربات اسرائيلية واسعة النطاق ضد أهداف ايرانية، وبعدها بيومين انهيار للمفاوضات مع لبنان لترسيم الحدود المتنازع عليها. هذا سياق واحد ومترابط، وموازٍ أيضاً للتوتر الحاصل في منطقة الخليج بين ايران وحلفائها في اليمن والعراق من جهة، وبين الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين، من جهة ثانية.

السياق الثاني للتهديد الاسرائيلي داخلي محض. بعد فشل بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة، قدم الناطق باسم الكنيست (البرلمان الاسرائيلي) يولي اديلستاين عريضة لإلغاء الانتخابات المقرر اجراؤها في 17 أيلول (سبتمبر) المقبل، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. المستشارة القانونية للبرلمان الاسرائيلي إيال ينون رفضت العريضة، واعتبرت الانتخابات ضرورية وسارية، إلا في حالة واحدة: الحرب. الخوض في مغامرة عسكرية من نوعية ضرب لبنان، ليس سهلاً لأي رئيس حكومة. لكن نتنياهو لا يقبع في مكان مريح حالياً، ومن المحتمل أن يدفعه مأزقه الداخلي لمثل هذه المواجهة.

كما أن هناك سياقاً ثالثاً يُؤشر إلى جدية التهديد الاسرائيلي، ألا وهو الحديث عن استهداف الغارة الاسرائيلية الأخيرة أسلحة متقدمة في سوريا، ومن بينها الصواريخ المُحددة. أليس منطقياً أن يتوقع الجانب اللبناني تهديداً اسرائيلياً في هذا السياق؟

كان مصدر القلق على لبنان، أن تجره ايران إلى دائرة التوتر في إطار المواجهة بينها وبين الولايات المتحدة. ربما بات علينا أن نقلق من خطوة اسرائيلية في هذا الاتجاه.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024