تركيا والملك العاري

عائشة كربات

الأربعاء 2019/04/24
"هناك ضغط كبير". هذا ما قاله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما سئل عن محاولة اعتداء تعرض لها الأحد كمال قليجدار أوغلو زعيم "الشعب الجمهوري"، الحزب المعارض الرئيسي، أثناء وجوده في جنازة جندي قتل خلال اشتباكات مع حزب العمال الكردستاني.
أردوغان لديه نقطة، هناك ضغط في العديد من المجالات في الساحة السياسية بما في ذلك داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم، وخاصة بعد الانتخابات المحلية في 31 آذار/مارس.
قدم حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية الانتخابات المحلية باعتبارها مسألة حياة أو موت. وكانت النتيجة أن خمس مدن رئيسية تنتج ما يقرب من ثلاثة أرباع الاقتصاد الوطني سوف تديرها الآن المعارضة.
ومع ذلك، فإن أهم نجاح للمعارضة ليس إدارة البلديات التي يعيش فيها أكثر من نصف السكان. سيكون لديهم الفرصة لإظهار قدراتهم على الحكم ولكن مكسبهم الرئيسي هو زيادة الثقة بالنفس وتجديد الإيمان بأنفسهم. تمكنت المعارضة من إعطاء الأمل لتنظيمها الحزبي وشبابها الذين اعتادوا الاعتقاد بأن حزب العدالة والتنمية كان غير قابل للهزيمة. الجو داخل المعارضة هو "نعم، نستطيع".
هذه المرة، وهي المرة الأولى منذ تولي حزب العدالة والتنمية السلطة قبل 16 عاماً، لم تقع المعارضة في فخ القتال مع أردوغان رغم استفزازات الرئيس. بدلاً من الدخول في مشاحنات لا نهاية لها، قدمت المعارضة أجندة إيجابية للجمهور. هذا أضر بقدرة أردوغان على أن يكون واضع اللعبة. حتى أن بعض ناخبيه لم يخفوا أنهم غير راضين عن لهجته القتالية.
حسناً، يُقال إن بعض البلديات التي فاز بها حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد لم تُعطَ لهم لأسباب غير ديموقراطية. إضافة إلى أنه قد يتم تجديد الانتخابات في إسطنبول، ولكن على الرغم من هذه الحقائق، فإن رسالة المواطنين الأتراك واضحة جداً: لقد سئمنا الاستقطاب في المجتمع، وحزب العدالة والتنمية والمعارضة يجب أن يجدا طريقة لحكم البلاد معاً.. حاولنا خلق توازن جديد بين المعارضة والسلطة ويجب الحفاظ على هذا التوازن.
كانت هذه الرسالة نقطة الانطلاق للمعارضة ضد حزب العدالة والتنمية. منذ فترة طويلة، كان من المعروف أن بعض الأسماء البارزة مثل رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، والرئيس السابق عبد الله غول ووزير الاقتصاد السابق علي باباجان غير راضين عن وضع حزبهم والبلاد. لقد كان حديث المدينة هو أن هذه الأسماء ستشكل أحزاباً سياسية جديدة. لكن الخطوة الأولى جاءت من داود أوغلو، في بيان نُشر على "فايسبوك"، كان شديد الانتقاد؛ واشتكى من أن تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية يزيد من استقطاب المجتمع، مما يضر بالعدالة والتنمية؛ الذي يفقد سلطته، وينبغي قبول هذا الواقع بدلاً من ادعاءات الاحتيال في الانتخابات. فقد حزب العدالة والتنمية وجهة نظره الخاصة بالحرية، وحرية الصحافة تقلصت، ولم يعد القضاء مستقلاً، والاقتصاد لا يسير على ما يرام. أكد داود أوغلو أيضاً على وجود المحسوبية داخل الحزب.
صحيح أن كل هذه الشكاوى ليست جديدة. حتى داخل حزب العدالة والتنمية، هناك العديد من الأشخاص رفيعي المستوى الذين يقولون كل هذا وراء أبواب مغلقة. ومع ذلك، لم تلق الاعتراضات الكثير من الصدى لسببين؛ لم يذكر داود أوغلو أخطاءه، وثانياً، سواء كان صوابًا أم خطأ، لكن داود أوغلو عُرض على الجمهور باعتباره المسؤول الرئيسي عن أخطاء السياسة التركية في سوريا.
ولكن كان داود أوغلو أول من قال إن "الملك عارٍ".
في الآونة الأخيرة، قال أردوغان إن الانتخابات قد انتهت، فقد حان الوقت للتهدئة والتركيز على حل مشاكل البلاد. أعطى الانطباع بأنه يدرك الحقائق وأنه سيساهم في التهدئة. يبدو أنه فهم رسالة الناس الذين يحثونه على عكس الاستقطاب في المجتمع. ولكن عندما قام أحد أعضاء حزب العدالة والتنمية بلكم وجه زعيم حزب المعارضة الرئيسي في جنازة جندي، أظهر موقفه وموقف مستشاريه أننا قد لا نكون وصلنا تلك النقطة بعد.
ولكن أردوغان لديه نقطة، هناك ضغط في السياسة التركية ويجب ضمان إطلاقه دون خروجه عن السيطرة في أقرب وقت ممكن. ومع ذلك ، من المهم جداً تشخيص موقع الضغط، وإلا فقد ينفجر في أي وقت ويسبب الضرر للجميع.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024