ما دون الحرب مع إسرائيل

مهند الحاج علي

الإثنين 2019/09/23
في خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله يوم العاشر من محرم، ورد تهديد مبطن للولايات المتحدة. بدأ نصر الله خطابه بشرح سياق العقوبات كما يراها "حزب الله".

رأى أن العقوبات الأميركية "الظالمة والمدانة والمستنكرة" على إيران وسوريا "وأيضاً على حركات المقاومة، في فلسطين ولبنان والعراق" هي "عدوان تمارسه الإدارة الأميركية للضغط المالي والاقتصادي". هذا "العدوان" يأتي بعد فشل الحروب الاسرائيلية في لبنان وفلسطين، وكذلك بعد احباط المحور عينه الحروب الأميركية "بالواسطة" من خلال "الجماعات التكفيرية الإرهابية في لبنان وسوريا والعراق". وفقاً للتنظيم، تقف الولايات المتحدة خلف تأسيس "داعش" ونموها، ويدعي بأن مروحيات أميركية تولت نقل العناصر "التكفيرية" من وإلى مناطق القتال، دون توفير أدنى دليل على ذلك. في دروس الصحافة، يُقال بأن الادعاءات الخطيرة تحتاج الى أدلة خطيرة أيضاً، لكن ذلك لا ينسحب على السياسة اللبنانية.

إذاً، هناك "عدوانان" فشلا في تحقيق أهدافهما، مباشرة وبالواسطة. واليوم، تأتي الإدارة الأميركية بعدوان ثالث عنوانه العقوبات. وفي هذا المجال، يُفرّق "حزب الله" على لسان أمينه العام بين مرحلتين من العقوبات. في الأولى، أُدرج الحزب "ومنذ سنوات طويلة على لوائح الإرهاب". وهذه مرحلة قديمة. المرحلة الثانية، بحسب "حزب الله"، تتمثل باتساع العقوبات لتطال المجتمع الأوسع، وتستهدف أشخاصاً ومؤسسات وفق "الانتماء الديني" أو "الموقف السياسي".

في المرحلة الأولى، كما قال نصر الله، لا يرد "حزب الله" على أي عقوبات ضده. لكن في الثانية، عندما "يتسع هذا العدوان ليطال آخرين في لبنان، بنوك لا يملكها حزب الله ولا علاقة لها بحزب الله، أو أغنياء أو تجار لمجرد انتمائهم الديني أو المذهبي أو موقفهم السياسي، فهذا يحتاج إلى تعاطٍ مختلف". على "حزب الله" أن "يُعيد النظر وأن ندرس خياراتنا جيداً".

السؤال الذهبي هو ماذا يقصد "حزب الله" بهذه الخيارات؟ بالتأكيد لن يفرض عقوبات على الولايات المتحدة، كما اقترح أحد حلفائه سابقاً وقوبل بموجة من الاستهزاء. ولا يوجد رد سياسي واضح على هذه العقوبات. حتى أوروبا فشلت في انقاذ الايرانيين من مخالب العقوبات الأميركية. لا يبقى سوى أنواع الرد العسكرية والأمنية التي لا تُذكر صراحة عند التهديد بها. وهذا خطير جداً على أمن لبنان. 

ذلك أن علينا اليوم التفكير بتصعيد مماثل لما حصل مع ايران في المنطقة، إذ هددت بأن أحداً لن يُصدّر النفط لو مُنعت من ذلك، ثم بدأت حوادث استهداف الناقلات والمنشآت تباعاً وفي تصعيد متواصل دون تبني أي منها. النظام الإيراني عاجز عن الرد سياسياً واقتصادياً أمام القوة العظمى للولايات المتحدة، فكيف يفعل "حزب الله" ذلك.

الخوف أن هذا مسار منفصل عمّا يشهده لبنان مالياً واقتصادياً. لا علاقة لهذا المسار التصعيدي بنجاح الحكومة اللبنانية أو فشلها في دفع الجهات المانحة في "سيدر" الى الاستثمار في الاقتصاد، وتفعيل عجلة النمو. حتى لو نجحت وتحسن الاقتصاد اللبناني، ستتواصل العقوبات الأميركية، وقد يُقابلها "حزب الله" بتصعيد يُطيح أو يُعرقل النمو اللبناني.

والإدارة الأميركية ماضية أيضاً في سياستها تجاه التنظيم، كما يبدو من تسريبات زيارة مارشال بلليغنسلي مساعد وزير ​الخزانة الأميركية​ لشؤون ​مكافحة الإرهاب​ وتبييض الأموال إلى ​بيروت​. يبدو أننا كيفما حلّلنا الوضع في لبنان، محلياً واقليمياً ودولياً، نصل الى استنتاج بأن المصلحة الوطنية يتيمة، وهي تلقائياً في موقع الضحية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024