ترامب نتنياهو:ثنائية 2020؟

لوري كينغ

الأربعاء 2019/04/17
أخذت وسائل الإعلام الأميركية استراحةً قصيرة من عملية التكهن حول سباق الرئاسة الأميركية لعام 2020 الأسبوع الماضي، وذلك لتغطية الانتخابات الإسرائيلية، التي ترتبط بالسياسات الانتخابية الأميركية بطرق عديدة أبرزها الجدل الدائر حول تأثير اللوبي الإسرائيلي (إيباك) والمشاجرة المستمرة بشأن تعليقات النائبة عن مينيسوتا إلهان عمر حول قوة "إيباك" الضخمة. في الواقع، من المرجح أن تحتل القضية الفلسطينية الإسرائيلية مكانة بارزة في خطاب الحملة الانتخابية لعام 2020 لأول مرة على الإطلاق مع انتقالنا إلى الموسم الانتخابي بعد تسعة أشهر فقط من الآن. من الواضح أن الجمهوريين، بقيادة دونالد ترامب وأنصاره في الكونغرس، مؤيدون لإسرائيل بغض النظر عما يحدث، بينما تبرز التشققات في الدعم الثابت للحزب الديموقراطي لإسرائيل.
بعد يوم من عدم اليقين بشأن نتائج الانتخابات الإسرائيلية، سرعان ما أصبح واضحاً يوم الأربعاء الماضي أن بطاقة نتنياهو-ترامب قد فازت. كان السباق أقصر مما اعتقد الكثيرون . بدا من المرجح أن يفوز رئيس الأركان السابق وزعيم تحالف "أبيض أزرق" بيني غانتس، في مرحلة ما يوم الثلاثاء الماضي. بشكل عام، فإن أحزاب اليمين المتطرف في إسرائيل حققت نجاحاً جيدأً، في حين فشل حزب العمل "الأسطوري في السابق" بشكل مذهل. بفضل مقاطعة الانتخابات التي قام بها السكان العرب داخل إسرائيل، وهم يشكلون خُمس جمهور الناخبين، قدمت الأحزاب ذات الميول اليسارية عرضاً أسوأ من المعتاد. مع ذلك، وعلى الرغم من الفوضى على اليسار الإسرائيلي، ربما لم يكن بيبي نتنياهو ليفوز من دون مساعدة ودعم من أفضل صديق له، دونالد. اعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان المحتلة وكذلك تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمجموعة إرهابية أعطى نتنياهو الدفعة التي يحتاجها ليعبر خط النهاية، كما فعلت تصريحات زعيم "الليكود" حول المطالبة بالسيادة على الضفة الغربية المحتلة عشية الانتخابات. يبدأ نتنياهو الآن فترة حكمه الخامسة وسيصبح قريباً رئيس مجلس الوزراء الأطول خدمة في التاريخ الإسرائيلي (على افتراض أن التحقيق الحالي في تورطه المزعوم في الفساد والرشوة لن يخذله).
هناك الكثير من الأمور المشتركة بين ترامب ونتنياهو. كلاهما نرجسيان، وكلاهما يكذبان باستمرار، وكلاهما يحكم بالخوف بدلاً من الإجماع، ويفترض كلاهما أنهما سوف يتمتعان بالإفلات من العقاب بغض النظر عما يفعلانه ويقولانه. كلاهما يعرف ب"زير نساء"، ولكل منهما أبناء يقولون ويفعلون أشياء غير قابلة للصمود من دون التعرض لأي عواقب. بالنسبة للمتعصبين (الأغلبية الآن في إسرائيل)، بيبي هو "الملك". بالنسبة للقوميين البيض في الولايات المتحدة، لا يستطيع ترامب أن يخطئ. يعرف كلا الرجلين كيفية إلهام الكراهية وتوجيه الانتقام لمصلحتهما السياسية، ويبدو أن كلاهما يستمتع باللعب بالنار السياسي. يتمتع كلاهما بدعم السياسي من أكثر الناس جهلاً وغروراً، وفي النهاية، سيحدث كلاهما ضرراً لبلاده أكبر من نفعهما. لا يهتم ترامب ولا نتنياهو بالسياقات الإقليمية أو العالمية لأعمالهما، وليس لهما فهم دقيق للتعقيدات السياسية أو احترام الأطر الدولية. وبالتالي، قد يكون كلاهما عرضة للمفاجآت غير السارة والانتكاسات المفاجئة أثناء سعيهما لتحقيق أهدافهما الضيقة والمليئة بالكراهية.
خلال السنوات الثماني لإدارة أوباما، كانت العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل هي الأسوأ على الإطلاق. في ظل ترامب، يبدو أن الولايات المتحدة وإسرائيل على نحو متزايد "كيان واحد". من الواضح أن هذا التصور - الذي تكرر في ملصقات حملة الليكود التي تظهر ترامب ونتنياهو معاً - خدم القيادة الإسرائيلية جيداً. وكيف لا يمكن أن يكون ذلك، بعد المراسم عند افتتاح السفارة الأميركية في القدس وتسليم ترامب الجولان لنتنياهو على طبق من فضة؟. على المستوى الإقليمي، ترسل السعودية والإمارات وعُمان إشارات واضحة بأنها على استعداد لقبول إسرائيل، وربما حتى تطبيع العلاقات في العلن، وليس فقط وراء الكواليس، وبالتالي ترك الفلسطينيين إلى مصير أسوأ مما رأوا حتى الآن، أثناء التركيز على مشروع القانون الخاص بتدمير غزة وفقًا لخطة السلام المبهرة التي يعدها صهر ترامب، جاريد كوشنر. بالطبع، هذا التقارب المزروع بين الخليج وإسرائيل متجذر في الكراهية المشتركة بين الطرفين لإيران، والتي تظهر لتكون المحور الوحيد للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط تحت القيادة المتداعية لوزير الخارجية بومبيو (الذي، بالمناسبة، ظهر كمؤمن حقيقي في تخيلات الصهاينة والمسيحيين الإنجيليين الغريبة حول "نهاية الزمن" وعودة يسوع المسيح بمجرد أن يتمّ تجميع جميع اليهود في إسرائيل).
إذن، هل ستردّ إسرائيل و"إيباك" والمؤيدون الأميركيون لإسرائيل الفاشية على نحو متزايد، الجميل وتساعد ترامب على إعلان النصر في الانتخابات الأميركية المقبلة؟ هل ستفوز تذكرة ترامب-نتنياهو الضمنية بولاية جديدة لأسوأ رئيس في التاريخ الأميركي؟ ليس إذا كان يمكن للديموقراطيين توحيد عملهم معاً، وتعبئة القواعد الشعبية، والجمع بين مجموعة متنوعة من التيارات التقدمية المتنامية في حملة متماسكة وموحدة لمجلسي النواب والشيوخ والبيت الأبيض. ولكن كما لاحظ الممثل الأميركي ويل روجرز بقلق شديد: "أنا لا أنتمي إلى حزب سياسي منظم: أنا ديموقراطي".
ومع ذلك، فإن أولئك الذين يدعمون ترامب بصوت عالٍ يثيرون غضباً فعلياً في قطاعات واسعة من جمهور الناخبين الأميركيين. كشف خطاب ترامب الأخير أمام الائتلاف اليهودي الجمهوري (RJC) عن إفلاس أخلاقي لليمين اليهودي الأميركي بطرق لم تؤدِّ فقط إلى تأجيج صفوف اليهود الأميركيين التقدميين، بل الدوائر الانتخابية الديموقراطية التقليدية الأخرى أيضاً. على الرغم من استنكار استخدام النائبة عمر لـ"مصطلحات معادية للسامية"، فقد كرر ترامب الكثير منها في خطابه أمام حشد معجب من بعض أغنى اليهود المحافظين في أميركا. لقد أشار إلى نتنياهو على أنه "رئيس وزرائكم"، وألمح إلى أن رجال الأعمال والممولين اليهود يمكن أن يكونوا أكثر دعماً لسياساته الجمركية، مما يثير شبح الولاء المزدوج لليهود وسيطرتهم المفترضة على الأعمال المصرفية.
بعد ذلك، تحدث ترامب إلى جمهور رُفض لجوء أجداده إلى الولايات المتحدة بشكل مأساوي أثناء قيام هتلر بقتل يهود أوروبا، ولخّص ترامب سياسته المتعلقة بالهجرة بقوله "نحن ممتلئون؛ ليس لدينا مكان هنا لـ(مهاجري أمريكا اللاتينية)"، مردداً سياسات ما قبل الحرب العالمية الثانية التي أرسلت اللاجئين اليهود الأوروبيين إلى الموت. ولكن بدلاً من إدانة ترامب، تجمع جمهور الائتلاف اليهودي الجمهوري، في أحد كازينوهات شيلدون أدلسون، المستفيد من حزب "الليكود"، وقام بغمر ترامب بالحب. أعلن مات بروكس، الرئيس التنفيذي لشركة RJC، أن ترامب اكتسب حب الجمهور.
قال بروكس للوكالة اليهودية "تلغراف": "ليس هناك شك في كل الحب الذي شعر به في هذه القاعة اليوم... كان هناك الكثيرون من الناس الذين لم يكونوا بالضرورة مع الرئيس خلال العملية الأولية.. لكنني سأخبرك الآن، من وجهة نظر RJC في المجتمع اليهودي، إن مقدار الدعم الذي يحصل عليه هذا الرئيس في المجتمع اليهودي يزداد باضطراد".
احتجت مجموعة صغيرة ولكنها صاخبة من اليهود التقدميين على السياسات العنصرية لكل من ترامب ونتنياهو خارج الكازينو. واللجنة اليهودية الأميركية، ورابطة مناهضة التشهير والديموقراطيين اليهود البارزين جميعهم أدانوا استخدام ترامب لمصطلحات مثل "رئيس وزرائكم" عند الإشارة إلى نتنياهو خلال خطابه. حقيقة أن الائتلاف اليهودي الجمهوري، دونالد ترامب، بيبي نتنياهو والقوميين البيض في أميركا لديهم الآن المزيد من الصلات مع هتلر أكثر من صلاتهم مع غالبية الناخبين الأميركيين، ستؤذي بالتأكيد ترامب في عام 2020، لأن الأميركيين اللاتينيين والأميركيين السود والعرب الأميركيين والتقدميين اليهود والشباب حريصون على رؤية تدابير السيطرة على الأسلحة سارية، ويجتمع أنصار البيئة في مجموعة قوية بما يكفي لهزيمة كل ما ترمز إليه تذكرة ترامب-نتنياهو.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024