عون يفتتح "اللقاء المشرقي": حروب ربيعية مزقت مجتمعاتنا

المدن - سياسة

الإثنين 2019/10/14
في التاسعة والنصف من صباح اليوم الإثنين 14 تشرين الأول، وبعد فطور صباحي على فاصل موسيقي ترتيلي، أدته السيدة غادة شبير بصوتها الابتهالي، في صالة فندق هيلتون الحبتور في سن الفيل، افتتح مؤتمر "لقاء صلاة الفطور: لبنان وطن الحوار والحضارات" الذي ينظمه "اللقاء المشرقي"، برعاية رئيس الجمهورية ميشال عون وحضوره.

يستمر المؤتمر ليومين من الجلسات، تُلقى فيها كلمات متنوعة من شخصيات لبنانية وعربية وعالمية، بينهم وزراء ونواب وسفراء ورجال دين وأساتذة جامعيين وباحثين ومستشارين وأهل رأي وسياسة ومجتمع مدني.  

كلمة عون
كلمة الرئيس عون في افتتاحية المؤتمر، جاء فيها: "المشرق هو أكثر بكثير من منطقة جغرافية؛ هو فكرةٌ، هو روحٌ، هو أرضٌ جمعت وحضنت. هكذا كان عبر التاريخ وهكذا يجب أن يبقى، نموذجاً مستقبلياً للبشريّة جمعاء وصورة مشرقة لثقافة السّلام". وتابع: "كلّ واحد منّا هو الآخر بالنسبة لآخر، ومعلوم أنّه إذا خالفك آخر فافتح معه حواراً، لأن الإنسان عدو لما ولمن يجهل". وتحدث عن "أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار التي تسلك طريقها إلى التنفيذ، وسيلتقي فيها طلاب من مختلف الأديان والثقافات والإتنيات".

وعن السياسة في لبنان قال عون: "نختلف في السياسة، وتعلو الأصوات، وتشتد حرارة السجالات، ولكن أي خلاف بيننا يبقى تحت سقف الاختلاف السياسي ولا يطال الجوهر أبداً؛ لا يطال حرية المعتقد ولا حرية الإيمان أو حق الاختلاف، ولا يطال الوطن". وتساءل: "هل يمكن أن نسمح بضرب التنوع الطبيعي في المشرق، وهو الذي تقلّبت فيه الأكثريات والأقليات عبر التاريخ، ولكنها بقيت ضمن الجغرافيا نفسها. التاريخ لا يسير إلى الوراء، والأحاديات سقطت في كل العالم بجميع أشكالها الدينية والعرقية والسياسية لصالح التعددية والتنوّع. فهل يجوز أن تؤخذ مجتمعاتنا في هذا المشرق إلى أحاديات مستنسخة من ماضٍ مضى، وإلى عصبيات ونظم سقطت بغالبيتها منذ آجال بعيدة؟".

واعتبر أن "مفهوم الإسلاموفوبيا جزء من الحرب في المشرق، لتستفيق العنصرية، وتتعاقب أجيال خائفة متعصبة وحاقدة. ويصبح الحديث عن صراع الأديان والحضارات حقيقياً وواقعاً. والمطلوب تفتيت المشرق طائفياً ومذهبياً وعرقياً وجغرافياً تمهيداً لإرساء تحالفات على أسس عنصرية، مذهبية وإتنية، تتماشى مع ما يُرسم للمنطقة، والذي صار يُعرف باسم صفقة القرن. واسرائيل تسعى لفرض أمر واقع جديد، بدءاً بتهويد القدس، مروراً بسياسة الاستيطان والتشريعات العنصرية".

عن الثورات العربية قال عون: "مشرقنا يتعرض لخضات كثيرة: حروب داخلية ربيعية مزقت مجتمعاتنا، وحروب إرهابية تدميرية خلفت مئات آلاف الضحايا والمهجرين. وحفرت ذاكرة أجيالنا بصور وحشية لن تمحى بسهولة، وصبت حقدها على معالم تاريخية ودينية وثقافية. وهناك حروب اقتصادية فرملت كل محاولات النمو وأضعفت الإنتاج فتلاحقت الأزمات". وختم قائلاً: "أن يُعقد في لبنان مؤتمر للقاء مشرقي يجمع مفكرين من مختلف مكونات المشرق هو جهد مشكور، خصوصاً في خضمّ الأخطار الوجودية والكيانية التي تتربص بشعوبنا وأوطاننا".

خالد عكشة
وكان قد افتتح المؤتر بكلمة – صلاة تلاها المونسنيور خالد عكشة، رئيس مكتب الحوار وأمين سر لجنة العلاقات الدينية مع المسلمين في  الفاتيكان. فقال: "اللبناني قبل كلّ شيء هو حارس لأخيه اللبناني. ولبنان بلد الحضارة والثقافة والفن والجمال والتنوع والعيش المشترك، بالرغم ممّا حدث من خلافات بين أبنائه. وهو كنز للشرق ورسالة للعالم بأسره. وفي شرقنا، المسيحي حارس لأخيه المسلم، والمسلم حارس لأخيه المسيحي".

مالك الشعار
وألقى مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار كلمة استهلها بالحديث عن "العيش المشترك بوصفه قدراً، تنعدم فيه حالة الاختيار، ولكنّه قدر ممتع ومبارك، تتجلّى فيه حقيقة الإنسان، كما تتكشّف فيه أرومته في عمق التربية والثقافة وصدق الانتماء والتجذّر". وأوضح الشعار أنّ "العيش المشترك يعني وجود التعدّد والتنوّع في الانتماء الديني والطائفي والعرقي، فضلًا عن التنوّع الثقافي". وذكر أنّ "الإسلام جاء ليبني حضارةً عالميّةً تستوعب القريب والبعيد، والمؤمن وغير المؤمن، والحضارة الإنسانيّة لا يُكتب لها عمر إلّا إذا قامت على أكتاف أمة تتمتّع بعقل مستنير وعلاقة حميمة متراصة".  

حبيب أفرام
تلا الشعار في الكلام الأمين العام للقاء المشرقي الأستاذ حبيب أفرام متوجهاً إلى الرئيس عون قائلاً: "فخامتكم هو الرئيس المشرقي بامتياز، لأنه بعمق إدراكه شدد على أنّ الشرق فعّال. والهوية انتماء حرّ، أنت وحدك تقرر من أنت! واعتبر أن "المشرقية ليست حلف أقليات مطلقاً، هذا تجنٍّ في السياسة أصلاً. نحن لا نعترف أنّ أحداً هو أقلية في الشرق. والمشرقية ليست تفتيتاً، بل ضمانة لكل الأوطان ولكلّ إنسان. ومؤتمرنا لم يستثنِ أحداً في دعواته".

تيلو براون
وكان لنائب الوزير الاتحادي السابق في جمهورية ألمانيا والمدير الإداري لصلاة الفطور الألمانية السيّد تيلو براون كلمته في افتتاح المؤتمر، فقال "بعد مرور 70 سنة على تأسيس جمهورية ألمانيا الجديدة، أثبت الدستور أنه ضربة حظّ مع انكباب النواب على رفع تحدّي المسؤولية". 

رمزي خوري
أما رئيس اللجنة الرئاسية العليا الفلسطينية لشؤون الكنائس، الوزير الدكتور رمزي خوري فقال في كلمته: "بالنسبة لنا، قضيتنا الفلسطينية هي قضية الأمّة العربية جمعاء. والمسيحية في الشرق جزء متأصّل لا ينفصل عن الهوية العربية".

تريستان أزبيج
واختتم الافتتاح بكلمة وزير الدولة المجري ترستان أزبيج، فتحدث عن التعدد والتعايش في لبنان الذي يضم "الكثير من المصائر والحضارات التي تتجلى في العلم اللبناني الذي يحوي الكثير من الألوان والرمزيات".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024