"انتفاضة" الوزيرات لم تعكر صفو الحكومة ومقرراتها الضعيفة

المدن - لبنان

الثلاثاء 2020/06/30
بعد "انتفاضة" مدير عام وزارة المالية، آلان بيفاني، والتي انتهت بتقديم استقالته. حاول بعض الوزراء، وتحديداً الوزيرات، التقدم بصورة "المنتفضات" أيضاً في جلسة الحكومة. لكن انتفاضتهن ليست إلا نوع من التعبير عن الرأي والغضب وتوزيع المداخلات داخل الجلسة. هي لم تؤد إلى استكمالها بتقديم الاستقالة، على الرغم من همس يدور في بعض الكواليس حول نية عدد من الوزراء أو الوزيرات تقديم استقالاتهم، لأن البلد يستمر بالانهيار.. ولا أحد قادر على فعل شيء، ولأن الحكومة لم تنجح في إنجاز ما يجب إنجازه. وبالتالي، لعدم تحمل المزيد من المسؤولية. حتى استقالة آلان بيفاني تمت معمعتها. فقررت الحكومة عدم البت بها، وتأجيلها إلى الجلسة المقبلة، مع العلم قانوناً أنه لا يحق لمجلس الوزراء رفض استقالة موظف، إنما تعتبر نافذة عند تقديمها.

قنابل صوتية
انتفاضة الوزيرات كانت جزءاً من الدفاع عن أنفسهن وعن الحكومة، عندما تم وصفها بأنها مكبلة سياسياً، وتتعرض لتطويق وحصار سياسي. الصوت المرتفع لم يكن اعتراضاً على الحكومة، بل على معارضيها، وجاء منسجماً مع مواقف رئيسي الجمهورية والحكومة. والهدف دفع المسؤولية نحو الآخرين، والهروب مما هو ملقى على عاتقهم. منذ يومين، تتسرب معلومات كثيرة حول اتجاه عدد من الوزراء للاستقالة. والصرخة كانت موجهة أيضاً إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومثّلت نوعاً من التضامن مع آلان بيفاني، باعتبار أن خياره وخيار خطة الحكومة قد هزم في مواجهة المصرف المركزي والمصارف. وبالتالي فإن استشعار الغضب الوزاري من عدم إنجاز مهمة التدقيق بالحسابات المالية لمصرف لبنان، يندرج في سياق الحرب المفتوحة بين الحكومة وسلامة. إذ تشير المعلومات إلى أن دياب وعون ينتهزان أي فرصة لإقالة سلامة.

مطالعة عكر
قدمت وزيرة الدفاع زينة عكر اعتراضاً على "الأداء العام" في مجلس الوزراء، وطالبت باتخاذ إجراءات فورية وسريعة، تواكب الانهيار على كل المستويات المعيشية. وقالت عكر في مداخلة لها أمام مجلس الوزراء، إنّ "علينا واجبات يجب القيام بها، فصحيح أننا محاصَرون، ولكن هذا لا يعني أنّه علينا الوقوف أمام حائط مسدود. فنحن أعديّنا خطة مالية بعد خمسة أشهر من عملنا. لكنها تصطدم بمشاكل، فما هو البديل؟ يجب أن يكون لدينا خطة بديلة". وأضافت: "الدولار يرتفع والليرة تنهار. الحلول يجب أن لا تكون تقنية فقط. بل سياسية أيضاً. وعلينا تنفيذ الإصلاحات سواء كانت ستأتينا بمساعدات أم لا. فهي إصلاحات أساسية لبناء الدولة، ومن ضمنها يجب إنهاء ملف المباني الحكومية المستأجرة، وإنهاء ملف المجالس والهيئات والمؤسسات الحكومية، التي لم تعد لديها حاجة. ويجب تهيئة المدارس الحكومية لاستقبال آلاف الطلاب الذين لم يعد أهاليهم قادرين على وضعهم في مدارس خاصة".

وتابعت: "مع انخفاض أسعار النفط عالمياً كان علينا أيضا شراء كميات من النفط بأسعار منخفضة جداً وتخزينها وهذا ما لم يحصل رغم أننا ما زلنا قادرين على القيام بذلك اليوم". كما طالبت وزيرة الدفاع بإنهاء السلة الغذائية ودعم وزراء الصناعة والزراعة والاقتصاد للقيام بالإصلاحات التي طرحوها. وفي الشأن المالي قالت عكر: "علينا أن نمنع بكل قوتنا التنفيذية تحويل ودائع الناس في المصارف إلى أسهم".

كذلك الأمر كان بالنسبة إلى وزيرتي العدل ماري كلود نجم والمهجرين غادة شريم، اللتين أيدتا كلام عكر، واعتبرتا أنه لا يمكن الاستمرار بهذا النهج، الذي أرسته المنظومة السابقة، ولا بد من التعاطي بفعالية أكبر في تطبيق مقررات مجلس الوزراء. وأبدت الوزيرتان تمسكاً بخطة الحكومة كمنطلق أساسي للتفاوض مع صندوق النقد الدولي.

التدقيق المالي
وقد تركز البحث في الجلسة على الأوضاع المالية والاقتصادية في البلاد، وانهاءات المجلس الاعلى للدفاع بخصوص الوضع الأمني في البلاد وخصوصاً في الجنوب، ومقتضيات التعبئة العامة، بالإضافة إلى المستجدات لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها. 

ففي مستهل جلسة الحكومة أشار رئيس الجمهورية إلى أن "القرار المتخذ في مجلس الوزراء منذ 3 أشهر بالتدقيق المركّز في حسابات مصرف لبنان لم يزل من دون تنفيذ". وسأل عن "أسباب التأخير في توقيع العقود مع الشركات التي ستتولاه"، وقال: "إن التدقيق المركّز في الحسابات يختلف عن التدقيق المحاسبي. ولذلك، يجب السير بالتدقيقين معاً، تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء، الذي نص على تكليف مؤسسة دولية القيام بعملية تدقيق مركزة".

أضاف: "التدقيق المركز من شأنه تبيان الأسباب الفعلية التي أدت بالوضعين المالي والنقدي إلى الحال الراهنة، إضافة إلى تبيان الأرقام الدقيقة لميزانية المصرف المركزي، وحساب الربح والخسارة ومستوى الاحتياطي المتوافر بالعملات الأجنبية.

"تعالوا بدولاراتكم"
من جهته شدد رئيس الحكومة حسان دياب في مستهل جلسة مجلس الوزراء في بعبدا على أن "من المؤسف أن بعض الناس يتمنون انهيار البلد اقتصادياً ومالياً ويعملون لمنع أي مساعدة عن لبنان، كما أنهم يحاولون تعطيل خطة افتتاح المطار غداً، ويروجون لأخبار كاذبة مفادها أن الدولة قد حددت مبلغاً معيّناً مسموحاً لدخول الدولار إلى لبنان مع الوافدين".

وقال: "بالفم الملآن، مسموح للمسافرين إدخال دولارات بقدر ما يشاؤون، ولن يمنعهم أحد، لا بل إننا ندعو المغتربين اللبنانيين الذين سيأتون إلى لبنان أن يحملوا معهم دولارات لمساعدة أهلهم ومجتمعهم، وألّا يصدقوا الشائعات الصادرة عن بعض الأبواق السوداء". ولفت إلى أن "في دول أخرى تعرضت عملتها الوطنية لضغوط أمام الدولار الأميركي، تحدّت الشعوب تلك الضغوط، وباعت الدولارات لتحمي عملتها الوطنية، وتؤكّد التزامها الوطني بمعزل عن الخلافات السياسية"، مشيراً إلى أن "ما يحصل في لبنان هو العكس". وعن "المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان"، اعتبر أن "بالنسبة لنا، سيادتنا الوطنية مقدّسة وسنحافظ عليها بكل الوسائل المشروعة"، مشدداً على أن "لا تنازل عن أي حبة تراب ولا نقطة مياه من ثرواتنا، ونقطة على السطر".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024