يوم تهيّب حزب الله من الغضب المسيحي

منير الربيع

الأربعاء 2018/11/07

نادراً ما تهيّب حزب الله أحداً أو جماعة أو حتى دول. في اليومين الماضيين، إنتاب الحزب قلق فعلي من الامتعاض الرئاسي، بل ومن احتمال ظهور غضب مسيحي عام تجاهه.

في الساعات الماضية، بُذلت مساع كثيرة لتخفيف حدّة التوتر بين جمهوريّ حزب الله والتيار الوطني الحر، بعدما أشهَرَ حزب الله فجأة عقدة توزير أحد نواب سنّة الثامن من آذار، وقابله امتعاض رئيس الجمهورية ورفضه لهذا الشرط. ما أشعر الجميع أن افتعال الحزب لهذه المشكلة هو تعطيل للعهد الرئاسي وعرقلة لمسيرته.

 

باسيل يتدخل

انعكس هذا التناقض السياسي على بيئتيّ الطرفين، وظهر في تبادل الإتهامات على وسائل التواصل الإجتماعي. صحيح، أن حزب الله عبّر في أوساطه عن "عتب" على موقف الرئيس، إلا أنه أيضاً تمنّع عن التورط في أي استفزاز، ضنّاً بالعلاقة الإستراتيجية التي تجمعهما. وحسب ما تكشف معلومات متابعة، فإن الوزير جبران باسيل، يلعب الآن دور الباحث عن مصالحة وحلّ. وقد تكون من المرات القليلة التي سيبدو فيها أداء باسيل عنصرَ تخفيفٍ للتوتر لا عنصرَ تفجير. وتكشف المصادر، أن باسيل أبلغ حزب الله نيته السعي إلى حلّ هذه المعضلة، بطريقة ترضي مختلف القوى.

 

لم يكن حزب الله في وارد التخلّي عن تمثيل سنّة الثامن من آذار، وهو في الأساس، أصر على إقرار قانون إنتخابي على أساس النسبية، بهدف تأمين تمثيلهم، وعدم اختزال تيار المستقبل لكل السنّة. كان مسعى حزب الله الإستراتيجي من الإنتخابات النيابية، هو كسر الأحاديات التمثيلية لدى كل القوى والطوائف، باستثناء بقائه و"حركة أمل" (الثنائية الشيعية) على اكتساحهما واختزالهما التمثيل الشيعي. وبما أن قانون الإنتخاب أعدّ لأجل هؤلاء، فلا يمكن التفريط بمسألة تمثيلهم.

 

دعم بطريركي

لكن حالة التوتر التي سادت في الفترة الأخيرة، وإضفاء الطابع الطائفي عليها بين الشيعة والمسيحيين، دفع حزب الله ورئيس الجمهورية معاً، إلى التيقظ وتفعيل التواصل لكبح التوترات، التي ستنعكس سلباً على العلاقة بين الطرفين أو بين جمهورهما، كما ستنعكس سلباً على مسيرة العهد، التي يستعجل رئيس الجمهورية إطلاقها. الطابع الطائفي الذي اتخذته الأمور، تجلّى أيضاً في زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى بعبدا، والموقف الذي أطلقه لدعم رئيس الجمهورية، في مساعيه لتشكيل الحكومة، وإعادة تفعيل الحياة السياسية، على أبواب مرحلة حساسة تمرّ بها المنطقة.

 

 موقف الراعي المعلن من بعبدا لا بد من قراءته بعناية، خصوصاً من قبل حزب الله، الحريص على علاقة ممتازة ببعبدا كما ببكركي، والحريص أكثر على عدم تسلل أي توتر شيعي مسيحي إلى العلاقة الثنائية بين الطرفين. لذا، يعمل حزب الله بطريقته الخاصة على إمتصاص أي مفاعيل لهذا التوتر أو لهذا الإصطدام بالمواقف. وأكثر من ذلك، ثمة رسائل جرى تناقلها بأن الحزب حريص على موقع الرئيس، وعلى أن يكون حلّ العقدة السنية من غير حسابه.

 

خطاب نصرالله

على كل حال، الموقف الأوضح والقرار الأخير بهذا الشأن، قد يعلنه الأمين العام الحزب السيد حسن نصر الله في ذكرى "يوم الشهيد"، بما يوضح المسار السياسي المقبل، وصيغة الحلّ للعقدة السنّية، وربما يطرح تسوية جديدة، بالتوافق على شخصية سنّية يرضى بها الجميع: النواب السنّة المعارضون لتيار المستقبل، رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة المكلّف.

 

موقف عون والراعي، قابلهما حزب الله ببادرة إيجابية، تجلّت في إيفاد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى بكركي للقاء الراعي، والتأكيد على حرص العلاقة وعمقها، والأساس يمكن قراءته بالموقف الذي أطلقه قبلان بأن: "جوهر الزيارة اليوم متابعة اللقاءات الدورية التي كانت تحصل بين المرجعيات الدينية والروحية، وكان هناك توافق في الرؤية حول موضوع تشكيل الحكومة. وطبعا كما غبطة البطريرك وآراء المرجعيات الدينية، لا بد من المسارعة الأكيدة في تشكيل الحكومة، ونزع كل العقبات من أمام إعلان تشكيلها".

 

مضيفاً: "لقد حملنا صاحب الغبطة إلى الأخوة في "حزب الله"، رسالة، بأن يساعدوا في نزع هذه العقبات، وهذا الأمر يحتاج إلى حكمة وروية، حتى نساعد في معالجة قضايا الدولة والوطن. وتمنى غبطته علينا أن نسعى جاهدين مع كل القيمين للمساعدة على عمل كل ما يلزم، حتى تتشكل الحكومة، للبدء في معالجة قضايا الوطن والدولة".

وهذه إشارة إلى المساعي التي تُبذل لأجل قطع الطريق على أي سوء فهم، وإعادة تعزيز التحالف بين الطرفين.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024