الحريري مكلّفاً بدعم فرنسي.. ولا مبالاة أميركية سعودية؟

منير الربيع

الأربعاء 2020/10/14
على الرغم من نفي المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري عقد لقاء بينه وبين المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، حسين الخليل، واعتباره أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة، فإن معلومات "المدن" تؤكد انعقاد اللقاء مساء الثلاثاء، وأن اللقاء استمر وقتاً طويلاً، تم خلاله البحث في آفاق المبادرة الفرنسية وتأييدها وإمكانية تشكيل الحكومة، وقد طالب الحريري بصلاحيات استثنائية الأمر الذي رفضه خليل، وأعلن تمسك حزبه وحركة أمل بوزارة المال وتسمية الوزراء الشيعة. أما الملفات الإقتصادية ضمن الورقة الفرنسية فالبحث بها سيكون مؤجلاً إلى مرحلة ما بعد التكليف، وخلال مفاوضات التأليف.

الحريري يتقدم
وبعيداً عن اجتماع الحريري بالخليل. كانت الأجواء قبل ظهر الأربعاء تشير إلى تعقيدات طرأت على عملية تكليفه برئاسة الحكومة، فيما كان رئيس الجمهورية ميشال عون يفضل تأجيل الاستشارات، لكن تدخلات كثيرة حصلت مع عون دفعته إلى إبقاء الاستشارات في موعدها. وتفعلت الاتصالات بين بيت الوسط وعين التينة، في سبيل إيجاد مخرج ملائم لعدم تأجيل الاستشارات. وبنتيجة هذه الاتصالات، حقق الحريري التقدم المطلوب ليتكلف بتشكيل الحكومة. وفي حال عدم حصول أي تطورات دراماتيكية أو مفاجئة، فإنه بختام استشارات يوم الخميس سيُعلن الحريري رئيساً مكلفاً. وحتى الآن، لا يمكن حسم عدد النواب الذين سيصوتون له.

تدور مساع مع التيار الوطني الحرّ في سبيل منح أصوات من تكتل لبنان القوي للحريري، ولكن سيكون جبران باسيل بموقف محرج، إذا ما وافق على التصويت للحريري بعد كلامه التصعيدي يوم الثلاثاء، إلا إذا ما حدث تواصل بين الطرفين ومع رئيس الجمهورية ضمناً، وأدى إلى تبدل في المواقف. فيما هناك من يقترح حل تسمية الحريري من عدد من نواب تكتل لبنان القوي وليس كل النواب، لأنه في ظل عدم تسمية الحريري من قبل القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ سيكون تكليفه مشوباً بمعضلة ميثاقية. بعد إجتماع التكتل حسم القرار بعدم تسمية الحريري، مع إمكانية تجيير أصوات النواب إلى رئيس الجمهورية للتصرف بها وفق ما يراه مناسباً. كذلك فُعّلت الاتصالات على خط بيت الوسط - كليمنصو، ليعود جنبلاط ويوافق على تسمية الحريري مقابل تسوية الخلاف بينهما إذ اتصل الحريري بجنبلاط وتناقشا في مختلف التفاصيل الحكومة، وقال جنبلاط للحريري إنه لا يريد أن يتركه وحيداً ولكنه لا يريد أن يُترك وحيداً أيضاً، وقد تم الإتفاق على تسمية نواب اللقاء الديمقراطي للحريري في الإستشارات، فيما تشير المعلومات إلى أن أحد مستشاري الرئيس الفرنسي تواصل مع جنبلاط وأقنعه بتسهيل مهمة الحريري. وبحال صوّت التيار الوطني الحرّ والحزب الاشتراكي للحريري، عندها يصبح تكليفاً صلباً ولا يهتز، أما بحال عدم موافقتهما، فسيحصل الحريري على حوالى 50 صوتاً. فيما زارت النائبة بهية الحريري على رأس الوفد "المستقبلي" كتلة اللقاء التشاوري، لمناقشة الورقة الفرنسية ومعرفة موقفهم منها ومن تكليف الحريري.

التأليف المؤجل
كذلك التقى وفد المستقبل رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة"، النائب محمد رعد، وشددت النائب بهية الحريري بعد اللقاء على "أهمية الحوار في كل المحطات التي نمر بها"، مؤكدة "عدم استبعاد أي مكون في البلاد". وبعد اللقاء مع تكتل "لبنان القوي" أعلنت الحريري: "ما لمسناه اليوم خلال نقاشنا، أن التيار الوطني يطمح إلى ما هو أبعد من الورقة الفرنسية". وأضافت، أن "هناك فرصة، وهي من ضمن هذا التفاهم الوطني على برنامج سيؤدي إلى الخروج من هذه الأزمة القاسية والصعبة، ليعود البلد إلى انطلاقة جدية. لغاية اليوم لمسنا التزاماً واضحاً بالورقة (الفرنسية) من كل الأطراف التي التقينا بها. ونأمل خيراً مع انطلاق الاستشارات التي ستبدأ غداً، والتي ينتظر الجميع نتائجها".

الحديث الآن يدور حول التكليف. أما التأليف فالبحث حوله مؤجل. ولا تزال المواقف متضاربة حيال حقيقة الموقف الدولي من مبادرة الحريري وتسميته. بعض المعلومات تفيد أن تدخلاً فرنسياً حدث بقوة لصالح الحريري، ولتمرير تكليفه. كما أن الأميركيين لا يمانعون. وهم لا يتدخلون في التفاصيل، إنما يركزون على مفاوضات ترسيم الحدود، وإعطاء انطباع داخلي أنه بعد المفاوضات بدأت الأمور تسلك طريق الحل في لبنان، بمعنى أنه لن يكون هناك معارضة أميركية.

قراءة مختلفة
ويذهب أصحاب هذه النظرية أبعد من ذلك، معتبرين أن السعودية أيضاً لم تعد تمانع تكليف الحريري، وإن لم تؤيده. ولكنها لن تأخذ موقفاً جذرياً، بانتظار ما يمكن أن يفعله. هذا الجو تناقضه أجواء أخرى، تؤكد أن لا شيء على صعيد المواقف الدولية قد تغير. خصوصاً أن لا شيء في مواقف بعض القوى السياسية قد تغير، فالبطريرك الماروني دعا إلى حكومية إنقاذية من إختصاصيين، وسمير جعجع لم يوافق على التصويت للحريري، على الرغم من أنه لن يسمي أحداً، بمعنى أسقط تسمية نواف سلام. وقال جعجع: "الحاجة لحكومة إنقاذ وحكومة مهمة محددة، ولا يمكن إلا أن تكون بشكل معين. ونحن لن نقبل إلا بحكومة إنقاذية فعلية"، معلناً أنه "رغم صداقتنا مع ​سعد الحريري​ لن نسميه لرئاسة الحكومة،​ ولن نسمّي أحداً لأنه يوجد لا أحد لديه المواصفات المطلوبة". أما حزب الكتائب فكان أيضاً موقفه واضحاً، بتشكيل حكومة إنقاذ إختصاصية ومستقلة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024