"المدن" تستكشف ما توصّلت إليه غادة عون

نادر فوز

الثلاثاء 2021/04/27
أمس الإثنين، قرابة الحادية عشرة ليلاً، حضرت القاضية غادة عون على عجل إلى مقرّ شركة مكتّف للصيرفة، بعد أن وردتها معلومات عن وجود القاضي سامر ليشع في المكان. وهو المكلّف من قبل مدعي عام التمييز، القاضي غسان عويدات، في التحقيق بالجرائم المالية.

تنفي الأوساط المحيطة بالقاضية عون لـ"المدن" وقوع أي صدام مع ليشع، إنما "حضرت فقط لمنعه من التدخّل في الملف، والتأكيد أنها لم تكلّفه بمتابعته، وأنها غير معنية بأي قرار صدر عن القاضي عويدات". وفي حين أكد بعض من كانوا في الشركة حينها أنّ الصراخ علا في المكان، وانتهى المشهد بانسحاب القاضيين، بعد التأكد من أنّ أي خرق لم يحصل للمكاتب، ولم يقم أحد بالدخول إليها في ظلّ ختمها بالشمع الأحمر.

تحقيقات عون
تنصبّ جهود القاضية غادة عون على مقارنة الملفات التي وضعت يدها عليها في شركة مكتّف، مع الداتا المخزنة والمتوافرة لديها. محيطون بها، مطلّعون على سير التحقيقات، يؤكدون لـ"المدن" أنّ "إعادة توضيب الملفات ودراستها تأخذان جهداً ووقتاً كبيراً، لكون الشركة قامت بمحو العديد من الأمور". لذا يمكن تفسير التأخير الإضافي الحاصل في الملف. وما تشير إليه الأجواء نفسها، تشديد على أنّ الملفات تتضمن أسماء أفراد وشركات واضحة، لم يتم بعد تسريب أي منها، لكون التحقيق سرياً بالكامل". وهو عكس ما أشيع في الأيام الأخيرة عن عدم جدوى البحث في الأوراق المصادرة من "مكتّف" من جهة، وعن أسماء قيل إنها قامت بتحويلات مالية إلى الخارج مع بدء الانهيار المالي.

عمل شركة مكتّف
وفي هذا الإطار، يؤكد مسؤولون في شركة مكتّف أنّ عملها ينحصر بنقل الأموال بين المصارف في الداخل والخارج، في عملية مزدوجة ومعاكسة لنقل الأمول من الخارج إلى لبنان أو من لبنان إلى خارجه. فيستغرب المسؤولون في الشركة كيف يمكن أن تصدر أسماء شخصيات أو شركات في الملفات التي وضعت القاضية عون يدها عليها. إذ ممنوع عليها نقل أموال لصالح أفراد، بل العملية لا يمكن أن تتمّ إلا بوساطة مصرفية. وهنا السؤال، هل تجاوزت الشركة هذه الضوابط والقوانين ونقلت أموال إلى الخارج لصالح أفراد؟

نذير سوء
في صلب القضية المستمرة حول ملف تهريب الأموال إلى الخارج، والسجال الذي خرج من هامشه وتصدّر المشهد على مستوى الصراع داخل الجسم القضائي، ثمة من يعتبر أنّ كل ما يحصل في الملف تعمية. فبين موضوع "الأسماء" الموجودة أو غير الموجودة لدى "مكتّف" والاتهام بمحو معلومات، قد يكون هذا بمثابة اعتراف بعدم وجود أي اكتشافات جديدة في الملف. فواقع الأمور يشير إلى أنّ لا قدرة، أو ربما لا نيّة، على مساءلة مصرف لبنان وحاكمه في هذا الملف. ولا قدرة، أو أيضاً ربما لا نيّة، على مساءلة المصارف وجمعيّتها في تهريب مليارات دولارات إلى الخارج. ولذا، وقع السيف على مكتّف وشركته، كوسيط شرعي ينقل الأموال، بحوزته أسماء وإجراءات مصرفية بين لبنان والخارج.

وقد لا يكون الهدف من الضغط على مكتّف وضعه في موقع المسؤول عن تهريب أموال اللبنانيين، بل جعله مدخلاً فعلياً لإسقاط مهرّبي الأموال إلى الخارج. وبلغة أبسط، لم تتمكّن القاضية عون من خرق جدار المصرف المركزي ولا أسوار جمعية المصارف، فلجأت إلى موقع أضعف، للقصاص منه أو لبدء تنفيذ القصاص فيه. فهل يكون عنوان شركة مكتّف مخرجاً لورطة الأموال المنهوبة أو المهرّبة، التي تمّ تحويلها إلى الخارج على حساب صغار المودعين الذين التَهمت المصارف أموالهم؟

الضوضاء الإعلامية والسياسية والقضائية التي واكبت الملف لا تنذر إلا بالسوء.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024