انتفاضة 17 تشرين كما يراها الناشطون: ليست مناسبة فولكلورية

وليد حسين

السبت 2020/10/17
تحل الذكرى الأولى لاندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، مثقلة بإخفاق المجموعات السياسية الكبير، بعد محاولاتها الفاشلة في استمرار تثويرها الناس ضد الطبقة السياسية السلطوية الحاكمة. وفي انتاجها برنامج سياسي يجتمع حوله اللبنانيون الذين نزلوا بمئات الألوف إلى الشوارع العام المنصرم.

وساهمت جائحة كورونا، استفحال الأزمة الاقتصادية، وانهيار العملة المحلية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والهجرة، في تكريس مناخ إحباط وانكفاء عامين، تفشى بين المواطنين الذين سئموا من التظاهر في الشوارع، على خلاف التوقعات.
وفي الذكرى السنوية الأولى لبدء الانتفاضة، تنشر "المدن" آراء ناشطين في مجموعات، طلبت من كل منهم كتابة 200 كلمة في هذه المناسبة.

المحامي بشير مراد- حزب الكتائب
غضب، دخان، طرقات مقطوعة والشعب اللبناني موحّد بصوت واحد يريد استرداد القرار وسحب الثقة من المنظومة الحاكمة.

هذا كان المشهد الأول لليلة 17 تشرين 2019، وتوالت الأيام وتوطدت العلاقة بين أهل الثورة، فأضحى ابن طرابلس يناصر ابن الزوق وابن الجنوب يناصر ابن البقاع وهكذا انصهرت الثورة بجسم واحد.
المطالب كثيرة، الجوع كبير والفقر يزيد كل يوم وأهل البلاط في سبات عميق وكأن المطلوب هو إمّا الموت أو الهجرة.
راهنوا على التشرذم، توقعوا اليأس لكن الحقيقة أن العزيمة تكبر كل يوم والثبات في الايمان بوطن يحكمه القانون وتديره المؤسسات لن يستطيع أحد اسقاطه أو حتى زعزعته.
الرسالة يجب ان تصل للجميع: أعيدوا الحق لأصحابه واخضعوا جميعا لحكم الشعب، لحكم صندوق الاقتراع ولنبني من بعدها وطن يعيش لسنين طويلة بسلام وديمقراطية.
ثورتنا ليست موضة عابرة. ثورتنا قضية حق، قضية وطن، قضية وجود حر.
نحن في جميع الساحات وسنبقى الصوت الصارخ، الصوت الذي أزعج الكثيرين لأنه بالحقيقة ينطق وبالديمقراطية ينادي.
عام مرّ على انطلاق الثورة وما زلنا في المواجهة والسنين ليست إلّا لحظات من عمر الأوطان ولن نركع أو نتراجع.

سمير سكيني-قطاع الشباب والطلاب، الحزب الشيوعي
علميّاً، مفهوم الثورة محدّد: الانتقال من بنية اجتماعيّة إلى بنية اجتماعية أخرى، غالباً ما تكون أكثر تقدّماً. أو استبدال الطبقة الحاكمة في البنية نفسها. أو تغيير منظومة القيَم الأخلاقية... الخ. وهي إذاً عمليّة تغيير. لكنّها تكمن كذلك، في أن يصبح الاستثنائيّ روتيناً.

هذا ما حصل عشيّة 17 تشرين وما تلاها. طبعاً لاحظنا في ما بعد أن الحركة الشعبية ظلت عالقة في حدود "الانتفاضة"، فلم تبلغ الثورة (لأسبابٍ معظمها ذاتية متعلّقة بقوى التغيير). لكن ذاك الاستثنائيّ فتح مدخلاً على أفق سياسي جديد يحمل ضمنياً، بالمنطق التراكمي، احتمال الثورة.

لكن على مقلبٍ نقيض، وربّما في المقلب نفسه، الانهيار أيضاً هو "أن يصبح الاستثنائيّ روتيناً". هذا ما نعيشه اليوم. وهنا بالتحديد، المهمّة التاريخية لمن يتَمَوضع في خندق "قوى التغيير". ليس في إنهاء هذا الانهيار، لأن هذا مستحيل موضوعيّاً، إنّما في الحد من تبعاته على الفئات المتضرّرة. وهنا النقاش الذي لم نأتِ بجوابٍ عليه بعد. هل تتلخّص هذه المهمّة بالبقاء في الشارع؟ بصياغة برامج بديلة؟ بالعمل القاعدي؟ أو ربما بالثلاثة معاً. لكنّ الأكيد، أن الحل يجب أن يكون "شعبياً"، منحازاً بالضرورة لهذه الفئات التي باتت قاب قوسين أو أدنى من "الانتهاء" والعدم المعيشيّ. المشكلة تتكثّف في أن هذه الفئات نفسها، تابعة للتحالف الطبقي المسيطر، عبر ما يُسمّى "شبكة العلاقات الزبائنية". فهل من يرسي شبكة نقيض لها، قادرة على فكّ هذا الارتباط وإعادة الجماهير إلى موقعها الطبيعي الذي منه تناضل من أجل مصلحتها الطبقيّة؟ هنا مكمن التحدّي، بعد عامٍ على انتفاضة 17 تشرين.

محمد سرحان-منسق الإدارة الميدانية في "الكتلة الوطنية"
في مطلع تشرين الأول 2019، سألت في أحد البرامج السياسية، نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي عن الإصلاح المنشود في الإدارة العامة، فيما مخصّصات الأجهزة الرقابيّة تُخفّض في الموازنة، وفي المقابل ترتفع موازنات الثياب والسفر والمؤتمرات في الداخل والخارج.. كان ردّه أنني مخطئ ومنافق وكاذب.. ولا أسعى للإصلاح.

عندما أعدنا إطلاق "الكتلة الوطنية" في 8 شباط من العام المنصرم، شخّصنا المشكلة بعنوانين: الأوّل، ضرورة استعادة الثقة وإلّا فلا استثمارات ستأتي إلى لبنان. والثاني، أنّ الشرخ في لبنان ليس عمودياً كمّا تُصوّره أحزاب الطوائف، وإنّما أفقي، بين منظومة طائفيّة ستفلس البلد وشعبه. لم يقتصر تشخيصنا على التذمّر السياسي الكيدي، بل اقترحنا حلاً، وهو حكومة مستقلة عن أحزاب السلطة، لديها القدرة على قيادة البلاد في مرحلة ما قبل الانهيار.

لم تتعامل الطبقة السياسية والأحزاب الطائفية بحنكة مع الثورة المستمرّة منذ سنة. ليس لأنّهم يرغبون بقطع الكهرباء والماء عنّا، وقتلنا جميعاً بأدويةٍ مغشوشة وقمحٍ مسرطن وإكراهنا على الهجرة، بل لأنّهم بساطة لا يجيدون العمل السياسي. فهم يشكلون منظومة مؤلّفة من أمراء الحرب، ووارثي المناصب، ومهندسي التنفيعات. هم كما نراهم، يجيدون "العمل السياسي الميليشياوي" القائم على الطائفية، والزبائنية والفساد، والتوريث السياسي، والتبعيّة للخارج. في حين أننا نعمل نحن على أسس نقيضة تماماً لهم، هي المواطنة، دولة القانون، النزاهة، الديموقراطية والسيادة. وهذه الفضائل، هي ما نتقن، وهي خلاصنا وخلاص بلدنا.

جهاد فرح -"عامية 17 تشرين"
الانتفاضة لحظة تأسيسية في تاريخ لبنان المعاصر. خرج الشعب اللبناني بكل تنوعاته، المناطقية والطائفية والاجتماعية والثقافية، ليقول لحكامه انتم سبب بلائنا. ارحلوا "كلكن يعني كلكن".

الأيام الأولى كانت احتفالاً لبنانياً شاملاً، وإحساساً عاماً بالانتهاء الفعلي من الحرب الأهلية وكل تبعاتها، من انقسامات واحتلالات واغتيالات وأمراء حروب.
مع مرور الأيام بدأت المنظومة تستفيق من صدمتها تباعاً، وبدأت الثورة المضادة تستعمل كل أدواتها القذرة التي اعتادت استعمالها منذ عقود، من ترهيب وقمع وقتل وتخوين وتفرقة.

استمرينا في المواجهة، وتعددت الأشكال وتنوعت الساحات. انتفض الطلاب والمحامون في النقابة. أقفلنا الطرق، واحتفلنا بالاستقلال في وسط بيروت. طاردنا النواب في المطاعم. حاصرنا المجلس النيابي وتواجهنا مع حرسه ومع الشبيحة والقوى الأمنية.
استمر الكر والفر رغم كورونا إلى مساء 4 آب، لحظة الانفجار الرهيب الذي دمر نصف بيروت وقتل وجرح الآلاف. هذه الجريمة أسقطت المحرمات، وما تبقى من شرعية وكل القدسيات. علقت مشانق أنصاف الآلهة في الساحات. نزعت صور رئيس الجمهورية من المؤسسات الرسمية في لبنان والخارج. احتلت وزارات. وأطلق علينا الرصاص الحي والمطاطي والخردق حتى سقطت الحكومة الثانية وبعض النواب.

بعد مرور سنة كاملة بكل فرحها واحباطاتها وآمالها وصعوباتها، نقول اليوم المواجهة مع هذه المنظومة الحاكمة مستمرة، ولن نعود أبداً إلى ما قبل 17 تشرين. الشعب اللبناني خرج من القمقم وأمسكنا قضيتنا بأيدينا. إسقاط ما تبقى من المنظومة مدخل إلزامي للوصول إلى بلد طبيعي خال من المحاصصة والحروب والميلشيات والفساد. بلد طبيعي شعبه متساو بالحقوق والواجبات. وبات الشعاراليوم في 17 تشرين 2020 "يا نحن يا هني".

طارق عمار- منسق المناطق في "بيروت مدينتي"
سألني أحد الصحافيين الألمان المقيمين في لبنان، عن أهداف وجودنا في الشارع بعد يومين على بداية ثورة 17 تشرين. قلت له إن لبنان على شفير الهاوية المالية أولاً، ولابد من فرض بعض الاصلاحات الضرورية مثل الكهرباء والهيكلة العامة.. إلخ. بعدها بأيام، وفي اتصال مع الصحافي نفسه، قلت له إننا في ثورة ولسنا في تظاهرات مطلبية. ضحكنا معاً. أذكر تلك اللحظات للقول إن الثورة لم تقدها أية حركة سياسية، بل فرض الشباب ثورة على عقولنا جميعًا. تجرأنا على طرح أهداف لم نكن لنتصورها قبل أيام. يرسم اللبنانيون في ثورتهم نمطًا جديدًا من النضال خارج عن المألوف. قيل إنها ثورة فرح، ثورة اجتماعية كسرت المحظور ووضعت المألوف والسائد تحت أقدام الثائرات والثوار. إجماع كبير حول مسؤولية المنظومة بأسرها "كلن يعني كلن".

سنوات وهذا الشعار مقتصر على الآخر. فمنذ إطلاق هذا الشعار في 2015 والشعب يرفض قائلاً "كلن" بإستثناء "زعيمي". أما في الثورة فقالوا "زعيمي أولهم". هذا التغيير كبير وأسس لانتشار الثورة على مساحة الوطن. إنها ثورة على الذات والمعتقدات. كذلك شعار الثورة الثاني "المحاسبة"، يعتبر سابقة، ليس في طرحه، بل في الإيمان بإمكان تحقيقه.

لن يعفي الناس عمّا مضى. لم تكن المحاسبة سوى ترف في بلد شهد 15 سنة من الحروب العبثية وعشرات المجازر، من دون أي عدالة ولا حتى انتقالية وآلاف المفقودين م ازالت قصصهم مغفلة. ثورة بدأت في العقول ولن تنتهي قبل تغيير النظام الطائفي.

ماهر أبو شقرا - مجموعة "لحقّي"
17 تشرين ليست ذكرى، إنما هي وعدٌ بالتغيير. فالذكرى تناسب حدثاً انتهى، وثورة تشرين لم تنتهِ، وهي وعدٌ لم يتحقق بعد، غير أنها أنجزت الكثير.

مئات الآلاف نزلنا وملأنا الساحات والأحياء والطرق، وملايين المتعاطفين والمتعاطفات مع الثورة من البيوت، وقلوب الناس تتناغم مع شعور عميق بأن التغيير أصبح أقرب من أي وقت مضى. ثمة هالات سياسية حطمتها ثورة تشرين أو أنزلتها عن عروشها، ومنها من تمرّغت جبهته بالتراب وكان يستحق. والأهم؛ لقد أصبح يحسب لقوة الناس ألف حساب. ثورة 17 تشرين انطلقت بنداء لإسقاط الحكومة، فسقطت. وتلتها حكومة مواربة فسقطت هي الأخرى. وها هي اليوم قوى المنظومة الحاكمة، التي قادت البلاد إلى الانهيار، وسلبت مصارفُها ودائع الناس، وستفيد كبار محتكريها من الدولارات المدعومة من أموال الناس، باتت اليوم تدرك تماماً أن الأزمة ليست أزمة حكومة بل أزمة نظام سياسي: نظامهم السياسي ينهار. وفيما تعود قوى المنظومة الحاكمة مئة عام إلى الوراء، فتستعين بالانتداب القديم الجديد، تبقى عيوننا، نحن ثوار وثائرات لبنان، شاخصة نحو المستقبل وتحدياته: كيف نبني نموذجاً اقتصادياً منتجاً وعادلاً وديمقراطياً؟ وما هو النظام السياسي الذي نريد بعيداً من النظام المنتج للأزمات؟ وكيف ننظم الثورة المستمرة، والتي ستدوم سنين آتية، لكي نواجه المنظومة السياسية المتجذرة في الدولة والاقتصاد والمجتمع؟

عام على انطلاقة ثورة 17 تشرين التي تحمل لواءها عشرات التنظيمات والمجموعات السياسية المختلفة الأولويات والتوجهات، فكيف تتنظم الثورة المستمرة؟ هنا، وبتصرف، أستشهد مجدداً بكلمات المناضل الروسي ألكسندر بارفوس: نتحد ونضرب معاً في المقاومة الاجتماعية بوجه ظلم النظام الحاكم، ونسير كلّ على حدا وفق الأولويات السياسية والاقتصادية. هذا عن التنظيمات. أما عن عشرات ألوف الثوار والثائرات المستقلين عن التنظيمات، ومنهم من انخرط حديثاً في العمل السياسي، فلا حل سوى بانخراط جميع الثوار، حزبيين ومستقلين، بمجالس مناطقية يربطها مجلس وطني. هكذا تنظيم للثورة يغير جذرياً في المشهد السياسي في المرحلة المقبلة.

هادي منلا - "المرصد الشعبي لمحاربة الفساد"
الثورة التي انفجرت في 17 تشرين هي نتيجة طبيعية لوجود نظام المحاصصة وإعلان نهاية نظام اقتصادي قائم على "الشحادة"، أسسه تحالف ميليشيات السلاح وميليشيات المال (بري، جنبلاط، الحريري..) برعاية النظام السوري المحتل. واتخذت المحاصصة والنهب شكلاً فاضحاً وأكثر فجوراً عند دخول ثلاثي جديد إلى جنة الحكم عام 2005 (حزب الله، العوني، القوات اللبنانية).

أمام هذا الواقع، خصوصاً بعد احتدام الصراع في المنطقة منذ عام 2011 وتوقف "حنفية الشحادة" الإقليمية، كان من الطبيعي بروز هبات شعبية متفرقة تسعى لانتزاع حقوقها، وهي بدأت بحركة إسقاط النظام الطائفي، وحراك 2015، ثم ثورة 17 تشرين التي، على الرغم من طابعها السلمي العام، إلا أنها كانت الأكثر حدةً في المواجهة مع سلطة الطائف.

لا يمكنني وصف جماليات بيروت في ليلة 17 تشرين التاريخية. فقد عادت المدينة إلى تألقها واستعادت طابعها الشعبي. وعلى رغم من تقلص الأعداد كثيراً في التظاهرات والتحركات، أصبح حديث الثورة في كل منزل. حتى بين أطراف السلطة صار هاجس الثورة حاضراً في أي حركة يقومون بها.

أنا على يقين أن التظاهرات الشعبية سوف تعود بأعداد كبيرة مهما طال الوقت، لأن أغلب اللبنانيين أدركوا أن هذه السلطة بكل أطيافها ليست على قدر طموحهم، وأن الثورة عليها وإطاحتها هو الخيار الوحيد المتبقي لبناء وطن يصلح فيه العيش لأبنائهم.

جمال حلواني-منظمة العمل الشيوعي
انتفاضة 17 تشرين محطة جديدة، وليست ذكرى أو مناسبة فولكلورية للنزول إلى الساحات. وقد ساهمت في تجديد أمل اللبنانيين الحالمين بوطن وكسر هيمنة وهيبة الطبقة السياسية. لكن قوى السلطة وأجهزتها نجحت في محاصرة الانتفاضة والتسلل إلى ساحاتها عبر بعض المجموعات.
بعد مرور عام لا بد من السؤال حول قدرة الانتفاضة على الفعل في ظل الفوضى السائدة راهناً، وكثرة المتسلقين، وحول إمكان تحولها معارضة ديمقراطية تنطلق من مصالح أكثرية الشعب اللبناني المتضررة، وتشكيل قوة ضغط ومواجهة السلطة والمنظومة الحاكمة، التي تتجاهل وجود الانتفاضة، مثلما تفعل القوى الخارجية أيضاً.

الطبقة السياسية المتحكمة بالبلد وأهله، منذ اتفاق الطائف، ترفض تغيير سياساتها وممارساتها أو التخلي عنها، رغم الانهيار الكبير. وترفض شروط الإصلاح وتستسهل الإطاحة بالمبادرة الفرنسية، التي شكلت فرصه لوقف الانهيار، ومخرجاً لها للخروج من مآزقها وأزمتها. كما رفضت الاستجابة لمطالب اللبنانيين واجهضت انتفاضتهم واستعملت أسلحتها الطائفية والمذهبية واستغلت العنف الذي مارسته بعض المجموعات.

من هنا ليس أمام القوى المستقلة المشاركة في الانتفاضة إلا مراجعه التجربة وتقييم مسيرتها، وكل ما رافقها من شعارات وممارسات وأوهام ورهانات خاطئة.

لذا يجب تحديد الأسباب التي حالت دون تشكيل قيادة للانتفاضة، رغم كثرة القيادات التي ساهمت باختزال مصالح اللبنانيين المتضررين. وهذا ساهم في انكفاء الذين ملؤوا الساحات.

لا يمكن التقدم في مسيرة الإنقاذ، إذا لم نستخلص العبر، بعد عام على الانتفاضة، لئلا تتكرر الأخطاء والأوهام. وللمضي بتحركات متنقلة في الشارع على غرار ما تفعل بعض المجموعات لتأمين استمرارية وجودها فحسب.

رفيق أبو زيد-مجموعة "القبضايات"
لمناسبة مرور سنة على انتفاضة شعب مقهور، مظلوم، أقول: "شعب ما عندو لا كهرباء ولا ضمان شيخوخة. شعب كل يوم عندو أزمة خبز ودواء ومازوت وبنزين. شعب كل يوم بيتبهدل عباب المستشفى وباب الجامعة والمدرسة. شعب ما بيقدر يعمل معاملة بإدارة رسمية من دون ما يدفع رشوة. شعب صارت اغلبيته تحت خط الفقر. شعب ناطر على أبواب السفارات تيحصل على فيزا. شعب قاعد بلا شغل. شعب بينشتم وبينضرب وحتّى بيتقوّص على خيّو بالوطن بس لأنّو شتملو زعيمه. شعب مستعدّ يعمل حرب عن جديد كرمال زعيمه. شعب البنك يللي بيمون عليه الزعيم أو صاحبه الزعيم حاجز له مصرياته. شعب عملته خسرت 5 مرات قيمتها لهلّق. شعب ناسي الله وعابد زعيم مذهبه. شعب خسران كل شي، بس مش مستعد يخسر زعيمه ومعلمه وتاج راسه،. هيدا شعب بزعل أن يكون لبناني. شعب ما بيستاهل وطنه. شعب عم بيدق مسامير بتابوت الوطن.

مبروك عليكم زعمائكم ومذاهبكم، وكتير عليكم وطن عمل فيه يسوع أوّل عجائبه. وطن صدّر الحرف والحضارة على كلّ بلدان العالم. كم أنت حزين يا وطني!".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024