"شرعة الإنقاذ الوطني": لوقفة نضالية في مختلف الساحات

المدن - لبنان

الجمعة 2020/10/16

بمناسبة مرور عام على ذكرى اندلاع انتفاضة 17 تشرين، صدر بيان "عن شرعة الإنقاذ الوطني"، جاء فيه:

إلى اللبنانيات إلى اللبنانيين
إلى الاخوة موقعي شرعة الانقاذ الوطني
منذ سنة تماماً، في 17 تشرين أول عام 2019، خرج الشعب اللبناني إلى الشوارع والساحات في واحدة من أرقى الثورات في تاريخ لبنان والمنطقة، وفي أسمى انتفاضة، وأعلن جيل الشباب زمناً جديداً، لا مكان فيه للفساد والعنف، فلا الطائفة وحقوقها ولا التهديد المسلح، ولا القضايا التي يخرجونها من جوارير الحرب الأهلية ولا شيطنة الآخر المختلف، ولا العنف العاري ميليشياوياً كان أم رسمياً، لا شيء من كل ذلك استطاع أن يهزم منطق الثورة ويطفئ غضبها.

اكتساب الفضاء العام
الانتفاضة أرست ثقافة جديدة، تنبذ الطائفية وتعلي قيم المواطنة بإتجاه بناء دولة مدنية حديثة، دولة قانون ومؤسسات، دولة سيدة على حدودها وداخل حدودها، تحتكر العنف وتكرس سيادة القانون كل قانون، فأدانت الفساد كجريمة وطالبت بإستعادة الأموال المنهوبة معلنةً الخروج من عباءة الزعيم، كما أدانت العنف والتزمت بالثورة السلمية والدستورية.

لقد فضحت الانتفاضة تحالف السلطة ووضعته في موضع الاتهام ثم الإدانة داخلياً وخارجياً. وانطلق الناس يتهمون السلطة وأهلها بمسؤولياتهم عن الكارثة المالية والاقتصادية وعن تعميم الفساد وتحويله إلى نمط عيش، وبات أطراف السلطة أنفسهم يتقاذفون التهم في ما بينهم، معترفين بجرائمهم، بعد أن نجحت الثورة من خلال فعالياتها ومبادراتها في تسليط الضوء على مكامن الفساد في الدولة ومرافقها فاحتلت الفضاء الاعلامي، وبات أصحاب السلطة في موقع الدفاع أو الإدانة والمطاردة ولم يعد بإمكانهم التجوال بحرية والمشاركة في الحياة العامة، وبات الفضاء العام موجهاً حول حقوق المواطن الأساسية، التي شكلت محور الحياة السياسية، بعدما كانت إلانجازات المزعومة لكل زعيم هي المحور. في هذا المخاض السياسي الجديد، أصبح الناس هم الذين يصنعون السياسة بعدما كانت احزاب السلطة هي من تصنع الناس.

كما استطاعت الثورة أن تدفع إلى مقدمة صفوفها الأمامية أجيالاً من النساء والشباب وقطاعات واسعة من الناس لم تكن السياسة في اولوياتهم، فانخرطوا في العمل السياسي وباتوا في مقدمة صفوف الثورة.

سلوك العصابة
لقد أعادت الانتفاضة اكتشافنا لمساحات اللقاء وإمكانيات العيش المشترك وطوت صفحات استدعاء الحرب الاهلية، فأسقطت حصرية ونمطية المناطق وفتحت كل الساحات تحت علم لبناني واحد.

خلال سنة كاملة من عمر الانتفاضة، فقدت السلطة خلالها شرعيتها أمام شعبها ومصداقيتها أمام دول العالم بعدما أوصلت البلاد إلى الانهيار والافلاس كما خسرت وحدة وانسجام أطرافها، وتضاءلت شعبية أحزابها، وباتت معزولة في الداخل والخارج. وبدل ان تتحمل مسؤولية فشلها وفسادها وتخضع لآليات محاسبة ومساءلة سياسية ومالية وقانونية وادارية، وتسعى لإجراءات تخفف بها النتائج الكارثية للانهيار المالي والاقتصادي، اختارت المنظومة السياسية انتهاج سلوك العصابة، فتبنت خيار الاستثمار بالكارثة والاستقواء على الشعب بتداعياتها، ممعنة في تهديد الناس في أرزاقهم واموالهم وصحتهم وتعليم ابنائهم وأمنهم وقوت يومهم، فاعتبرت جريمة المرفأ فرصة لفك عزلتها ومناسبة للتسول باسم ضحايا الجريمة، وذهبت لمفاوضة العدو الاسرائيلي برعاية اميركية، مسقطة دفعة واحدة كل مقولات الممانعة واخواتها، ومعتبرة ان الجلوس مع العدو هو قارب نجاة ينقذها من العقوبات، فيما جعلت من وباء كورونا ذريعة تتمترس خلفها ازاء كل تحرك جماهيري، وجديدها اليوم محاولة بائسة لاعادة تعويم المنظومة عينها باستغلال المبادرة الفرنسية وحرفها عن مقاصدها التي تهدف لمساعدة شعب لبنان وليس لإنقاذ منظومة الفساد فيه.

ثلاثة تحديات ووقفة
لم تنجز الانتفاضة مهمة ترحيل السلطة واقامة سلطتها البديلة، رغم اسقاط حكومتين متتالتين واستقالة عدد من نواب الندوة البرلمانية، وفي مواجهة ذلك ستستمر الثورة عبر مواجهة تحديات ثلاثة:

- التحدي الأول: أن تنبثق من الثورة أدوات سياسية هدفها التغيير، واقامة سلطة بديلة، فالمطلوب رحيل هذه المنظومة، والمعبر للسلطة البديلة هو الانتخابات النيابية التي يجب ان تجري دون تأجيل او تسويف، على ان تجريها حكومة حيادية وتشرف عليها هيئة لبنانية مستقلة وباشراف دولي فاعل وناشط.

- التحدي الثاني: إستقلالية القضاء وتحريره من مصالح المنظومة السياسية والذي لم يتحول حتى الآن، إلى قضاء يطبق القوانين فقط ، فهذا القضاء لم يتصد لأي حالة فساد، ولم يحاسب أي مرتكب بسرقة المال العام، بل على العكس قام باعتقال اكثر من الف ناشط سياسي ليحاكمهم على آرائهم وتحركاتهم تجاه السلطة. 

- التحدي الثالث: هو علاقة الثورة بالجيش والاجهزة الامنية، فهذه مؤسسات وطنية مهمتها الدفاع عن الوطن وحماية النظام الديمقراطي وحقوق المواطنين وليس الدفاع عن أهل السلطة، ويبقى دور الجيش معول عليه، في اكثر الاحيان، لكي يتجنب محاولات السلطة لتدفع بقواته إلى مواجهة أهله عبر قمع المتظاهرين، فيما تستعمل عنف الميليشيات في الوقت نفسه، لمواجهتهم والهجوم على خيم المتظاهرين واحراقها.

ان شرعة الانقاذ الوطني التي استطاعت ان تنال لتاريخه في نصها التأسيسي على تواقيع 65 ألف مواطن، تدعوكم لوقفة نضالية في مختلف الساحات تأكيداً لمتابعة المسيرة واستمرار الثورة من أجل بناء دولة ووطن يليق بمستقبل واعد.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024