مئة يوم على حسان دياب: "مراكب الانقاذ مفقودة"

المدن - لبنان

الخميس 2020/05/21
مئة يوم من الشكوى. عندما شكّل رئيس الحكومة حسان دياب حكومته، أعلن بما يشبه التعهد أن أمامها فرصة 100 يوم لتحقيق الإنجازات، وإلا سيغادر إلى منزله.

لم تنجز الحكومة حتى الآن إلا بالشكوى. وكأن دياب يقدّم نفسه بدور الذي ليس قادراً على كسر اليد، فيكتفي بالدعاء عليها أن تنكسر.
منذ أيام طلب دياب من الوزراء التحضير للإعلان عن إنجازاتهم خلال هذه المدة. خصص إطلالة للحديث عنها، لكنه لم يخرج إلا شاكياً الأحوال والأهوال. معتبراً أن أي حكومة لم تكن قادرة على حل المشكلات الكبيرة. أوقع الرجل نفسه في تناقض لم يعد غريباً عن هذه الحكومة. هل الكلمة مخصصة للإنجازات، أم أن لا إنجازات تحققت. وبالتالي، لا بد من التحذير من الجوع وتعميق الأزمة على ما جاء في مخطوطته لصحيفة "الواشنطن بوست"، وقاله في بداية كلمته: "لبنان معرض لمواجهة أزمة غذائية كبرى".

خلافات ومعارك
ومن عوارض التناقض، أعلن دياب أنه لا يريد التلهي في أي معركة سياسية، علماً أن الحكومة هي من اخترعت المعارك مع الخصوم وغيرهم. خاضت في معارك سياسية ومالية واقتصادية، فانعكست الخلافات تراجعاً على صعيد العمل المؤسساتي، من التشكيلات القضائية إلى التعيينات المالية والإدارية. هذه كلها تعهدات كان دياب قد أعلن التزامه تنفيذها سريعاً. لكن شيئاً منها لم يتحقق بسبب الخلافات. الأمر نفسه ينطبق على الخطط المالية والاقتصادية، والتناقض بين الوزراء، الذين بدأ البعض منهم يهزأ من الخطة التي تم تقديمها، ويعتبر أنها لن تؤدي إلى حصول لبنان على مساعدات، لأنها ليست خطة.

حالة الاستهزاء الوزارية، وصلت إلى حدّ التعبير عن الندم، بسبب التعنت في عدم إشراك الهيئات الاقتصادية وجمعية المصارف والمصرف المركزي في إعداد الخطة، ما "أزهر" تناقضاً واسعاً في الأرقام، وفي الرؤى المقدمة أمام وفد صندوق النقد الدولي. فأصاب الحكومة وخطتها بمقتل لن يكون من السهل النجاة منه. وهذا كان نتيجة لمعارك سياسية أراد رئيس الحكومة ومن يدعمه خوضها، من الكابيتال كونترول إلى الهيركات وغيرها من مسميات واصطلاحات مالية، بالإضافة إلى معركته الشرسة ضد حاكم مصرف لبنان، والتي خلقت أزمة كبرى، عملت أطراف عديدة على تهدئتها ومنع تفاقمها. وعكس دياب هذا في مضمون كلمته، بأنه تلقى وعداً من حاكم مصرف لبنان بالتدخل بالأسواق للحد من ارتفاع سعر الدولار، ودعم التجار والمواد الأساسية لتخفيض الأسعار.

السفينة.. والإنجازات! 
قال دياب:" لقد تسلّمنا الحكم، والبلدْ يغرق بسرعة قياسية. فهل كان بإمكان أيّ حكومة أن توقف هذا الانهيار الدراماتيكي؟ هل يمكن وقف الانهيار من قبل الذين تسببوا به ثم تركوه لحظة السقوط؟". وأكَّد دياب أن "السفينة تغرق بسرعة قياسية، قبل 100 يوم لم يكن أمامنا خيار سوى تولي قيادة السفينة. وقلنا للركاب دعونا نحاول الإنقاذ. وكل واحد من المغامرين حاول جاهداً لانقاذ الوضع، ومراكب الانقاذ إما مفقودة أو غير صالحة". وأشار إلى أنه: "اكتشفنا سريعا أن خزينة الدولة خاوية، وأن هناك مكابرة في إعلان الحقيقة للناس. تلك الحقيقة التي تعاملنا معها بواقعية. ولم نتردد في إعلان عدم قدرتنا على دفع ديون لبنان في سندات اليوروبوند".

وفيما خص إنجازات الحكومة، استعرض دياب إنجازات الحكومة خلال الـ 100 يوم على نيل الحكومة الثقة، وسأل "أين أنجزنا وأين عجزنا؟"، مؤكداً أنه "في بياننا الوزاري، تعهَّدنا بجدول أعمال مئة يوم منذ نيل الحكومة الثقة. وبالرغم من تعليقِ كافة المهل في لبنان، لكننا لم نعلّق مهلتنا". وتابع دياب: "إنّ خطة الحكومة تعتبر الأرضية الصلبة التي يمكن البناء عليها لإعادة تكوين البنية المالية والاقتصادية للبنان. نحن متمسكون بالنظام الاقتصادي الحر. ونحن مصممون على تحويل اقتصادنا من ريعي إلى منتج".

السكة والقطار
وأعلن دياب "أن الحكومة أصلحت السكة، وفي طور وضع القطار عليها، وأن صفّارة الانطلاق قد أذنت ببدء رحلة الإنقاذ. أنجزت الحكومة ما نسبته 97 في المئة من التزاماتِها في البيان الوزاري للمئة يوم، ونحو 20 في المئة من التزاماتها خارج المئة يوم، في برنامج عمل السنة". وأوضح أن "مشكلتنا في لبنان أنّ السّلطة، أيّ سلطة، تنظر إلى اللبناني على أنّه محكوم بها باعتبار أنه لا غنى عنها. مشكلتنا أكثر، أنّ قيمة الإنسان في لبنان متدنية جداً، فالسّلطة التي تصادر الدولة ومؤسساتها ومقدراتها، تحمي نفسها أولاً، قبل أن تفكر بحماية الإنسان في لبنان".

وأضاف دياب: "أولى أولويات هذه الحكومة هي استعادة العلاقة بين الدولة والمواطن. الدولة هنا ليست سلطة، وإنما هي الراعية لأبنائها، تحميهم، وتمنع عنهم الأذى، وتعطيهم حقوقهم كما تأخذ حقوقها، وتقدّم لهم الخدمات التي يحتاجونها". مشيراً إلى أن "هذه الحكومة جاءت من خارج السياق الروتيني لتأليف الحكومات في لبنان. ولذلك، فإن نجاح هذه الحكومة، سيشكل بداية التحول في مفهوم الحكم والسلطة، وكذلك في إصلاح الخلل القائم في العلاقة بين الدولة ومواطنيها".

وعود مالية
وأكّد أن "هناك من يحاول الترويج بأن الحكومة تعطي وعوداً غير قابلة للتحقيق، الحقيقة مختلفة، فقد حققنا، في مئة يوم فقط، الكثير الكثير، وواجهنا الكثير من التحديات، بجرأة وصراحة وشفافية. ليس لدينا ما نخفيه، ولسنا هواة استعراض، ولا نريد التلهّي بمعارك سياسية عقيمة، ونفضّل قلّة الكلام وكثرة العمل". 

وتابع: "نحن نريد استنفار عصبية واحدة، هي العصبية الوطنية. مصلحة الحكومة ومصلحة اللبنانيين تكمن في إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والناس. نحن نريد الدولة، فقط الدولة، بمؤسساتها الجامعة، وركائزها القوية، وبنيانها الصلب، وسقفها الذي يحمي كلّ المواطنين".

ولفت دياب إلى أن "الإجراءات بدأت فعلياً، وتبلّغت وعداً من حاكم مصرف لبنان، أن المصرف سيتدخّل في السوق، اعتباراً من اليوم، لحماية الليرة اللبنانية ولجم ارتفاع سعر صرف الدولار". معلناً "نحن اليوم في الطريق الصحيح نحو بدء الترجمة العملية لمقررات سيدر، بحيث يستفيد لبنان سريعاً من ورشة الانقاذ المالي". وختم قائلاً: "سيتم دعم استيراد السلع الغذائية الأساسية وفقاً لجداول تم تحديدها، وستكون هناك متابعة يومية لخفض أسعار المواد الغذائية، وسيلمس اللبنانيون في وقت قريب، تراجعاً في أسعار هذه السلع".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024