إسرائيل: "لبنان بات مقاطعة إيرانية"!

سامي خليفة

الأحد 2018/12/02
لم تكن الضربات الجوية التي نفذتها إسرائيل، يوم الخميس 29 تشرين الثاني 2018، على سوريا، مؤشراً بالضرورة على تجديد ما كان في السابق هجمات إسرائيلية روتينية على الأراضي السورية، بل كانت استثناءً محتملاً للقواعد الجديدة، التي فرضتها روسيا على المنطقة. وحدث هذا تزامناً مع الإدعاءات الإسرائيلية عن وصول طائرة إيرانية إلى مطار رفيق الحريري الدولي محملة بالأسلحة والمعدات المتطورة لـ"حزب الله".

شحن الأسلحة إلى لبنان
بدلاً من السعي إلى السيطرة على سوريا عسكرياً واقتصادياً، حولت إيران، حسب صحيفة التايمز الإسرائيلية، اهتمامها إلى مجالين آخرين: لبنان والعراق. ويشمل هذا التركيز الجديد، تحويل لبنان إلى مقاطعة إيرانية بحكم الواقع، وذلك باستخدام مجموعة من الإجراءات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

وفي حين أن هذا لا يعني تخلّي إيران عن سوريا، فإن دمشق لم تعد نقطة ارتكاز حاسمة لنقل أنظمة الأسلحة المتطورة إلى حزب الله. فالأسلحة التي ورد أنه تم شحنها إلى مطار بيروت هي ربما من النوع نفسه الذي حاولت إسرائيل منعه من دخول لبنان، من خلال مهاجمة قوافل الأسلحة في سوريا.

من الواضح، كما ترى الصحيفة، أن إيران وجدت طريقة أكثر فاعلية لتقوية حزب الله ووجوده في لبنان. فبدلاً من إرسال أسلحة إلى الحزب عبر سوريا، والمخاطرة بحدوث صدام مع إسرائيل، وإشعال التوتر مع روسيا، تقوم طهران بتسليمها مباشرة إلى لبنان.

دور أكبر لحزب الله في الداخل
تشير التايمز الإسرائيلية إلى أن إيران قد اتخذت خطوات مهمة أخرى على مدار العام الماضي، مع التركيز على تولي حزب الله المسؤولية في لبنان، ليس عسكرياً وحسب، ولكن أيضاً على الصعيد الحكومي. وعلى سبيل المثال، يريد الحزب وزارة الصحة، كما أن قادة الأجهزة الأمنية الرسمية مقرّبة من الحزب، حسب الصحيفة. وهذا هو الحال أيضاً مع رئيس أركان القوات المسلحة اللبنانية وكثيرين غيرهم.

وفي حين أن لبنان قد احتفل بمرور 75 عاماً على الاستقلال قبل أسبوع، فإن أنشطة الاستحواذ الإيراني، حسب الصحيفة، تسخر من أي فكرة عن استقلال لبنان. ولمنع إيران من ترسيخ نفسها في سوريا، تحتاج إسرائيل الآن إلى مراقبة لبنان بحذر أكثر.

مخاوف إسرائيلية
في هذا الوقت، يحذر مسؤولون إسرائيليون من أن التهديد الذي تمثله حماس في غزة، يتضاءل مقارنة مع تهديد حزب الله، الذي يمتلك حوالى 150 ألف صاروخ، يمكن أن تصل إلى كل جزء تقريباً في إسرائيل. وفي تقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس" عن الوضع على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، رأت الوكالة أنه على طول الجبهة الشمالية، يقف الجنود الإسرائيليون وجهاً لوجه مع مقاتلي الحزب، حيث يمكن لأي مناوشات أن تشعل حرباً شاملة.

من قاعدته على طول الحدود، بالقرب من مجتمع المزارعين الإسرائيليين في أفيفيم، يمكن للمقدم أفيف، وهو قائد لكتيبة إقليمية إسرائيلية، أن يرى قرية مارون الراس اللبنانية التي تقع على قمة تل، وهي نقطة مراقبة تابعة للأمم المتحدة، وفيها منزل جديد داخل حقل زراعي، يُفترض أنه مرصد لحزب الله. وقد وصف أفيف عناصر الحزب بأنهم "جنود منضبطون جداً ولن يبادروا بأي شيء". مشيراً إلى  أن "قواعد اللعبة واضحة جداً. انهم يعرفون أنني هنا وأعرف أنهم هناك، لكن إذا خرقوا تلك المعادلة، فسيتعرضون للقصف".

مع انتهاء الحرب الأهلية في سوريا، أصبح حزب الله المخول الآن في إعادة تأسيس نفسه في لبنان، وإعادة التركيز على إسرائيل، كما قال إيال بن روفن، المشرّع والجنرال المتقاعد، الذي قاد القوات البرية الإسرائيلية في حرب 2006، للوكالة، مضيفاً إن الحزب يشكل الآن خطراً أكثر بكثير، من خلال تزويده بصواريخ وذخائر أكثر دقة. وحزب الله منظمة لا تخزّن أسلحة للردع بل من أجل استخدامها يوماً ما.

وترى "أسوشيتد برس" أن المخاوف الأمنية الإسرائيلية ازدادت بشكل مطرد، بعد الكشف عن مواقع مراقبة للحزب على طول الحدود، وإنشاء مواقع سرية لإطلاق الصواريخ بالقرب من مطار بيروت الدولي. وعلى الأرض، فإن احتمال حدوث مشكلة واضح، مع تعزيز الدولة العبرية من وجودها على الحدود لتحسين المراقبة.

صورة ضبابية
بعد توقف الغارات الإسرائيلية على سوريا منذ شهر أيلول الماضي، عادت المقاتلات الإسرائيلية لتستهدف مواقع عدة داخل سوريا، منها مواقع لحزب الله، كما ترجح بعض المصادر، ما يطرح علامات استفهام حول ما إذا عاد الضوء الأخضر الروسي لإسرائيل، في هذه اللحظة الإقليمية المتوترة.

والحال أن التركيز الإسرائيلي على الدور الإيراني الجديد في لبنان، وشحنات الأسلحة عبر المطار، وما يقابله من تصعيد في الخطاب الإيراني، والتأزم في المشهد الحكومي في بيروت، يعطي صورة ضبابية عن كيف ستتبلور الأمور في الأسابيع القليلة المقبلة، وعن مدى إمكانية الوصول لتسويات محلية في هذا الوضع المتأزم.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024