نوم الدولار والاقتصاد في سرير السياسيين

المدن - لبنان

الإثنين 2019/09/30

يستمر العنوان الاقتصادي وما يتضمنه من مشاكل كبيرة، إن في خزينة الدولة أو في الدين العام أو في الركود والبطالة أو في تأمين العملة الصعبة.. هو الهاجس الأول لدى اللبنانيين. وفي المقابل، يستمر اهتمام المواطنين بوعود الإصلاح التي تعهدتها الدولة أمامهم وأمام الدولة والمؤسسات الدولية المرشحة لدعم لبنان ومساعدته للخروج من أزمته المالية والاقتصادية.

وبعد يوم من الاحتجاجات المتفرقة، خيمت على الحياة السياسية اللبنانية سجالات حول ما يحدث والمقاربات التي يجب اعتمادها.

رياض سلامة: تأمين العملات الأجنبية
ابتدأ نهار الاثنين 30 أيلول، باستقبال رئيس الجمهورية ميشال عون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وعرض معه الأوضاع النقدية في البلاد وعمل المصرف المركزي.

الحاكم أدلى بعد اللقاء بتصريح، جاء فيه: "تداولت مع فخامة الرئيس في الوضع النقدي في ضوء التطورات الأخيرة، ويهمني التأكيد على النقاط الآتية:
أولاً: إن مصرف لبنان يؤمن حاجات القطاعين العام والخاص بالعملات الأجنبية، وسوف يستمر بذلك وفقاً للأسعار الثابتة التي يعلن عنها المصرف المركزي من دون تغيير.
ثانياً: سيصدر غداً (الثلاثاء) عن حاكم مصرف لبنان تعميم ينظم توفير الدولار للمصارف بالسعر الرسمي المعلن عنه من المصرف المركزي، لتأمين استيراد البنزين والأدوية والطحين، ضمن آلية سيرد شرحها في التعميم، مع التشديد على أن علاقة مصرف لبنان هي مع المصارف فقط، وهو لا يتعاطى مع المستوردين مباشرة.
ثالثاً: إن مصرف لبنان سوف يتابع تحفيز التمويل للقطاعات المنتجة وللسكن. وكان أعلن منذ أسبوع عن تحفيزات جديدة لقطاعات الصناعة".
سلامة قال أيضاً: "إن مصرف لبنان لا يتعاطى تاريخياً بالعملة الورقية، ولن يتعاطى بها حالياً أو مستقبلياً لاعتبارات عدة. إلا أن التعميم الذي سيصدر غداً (الثلاثاء) سيخفف حكما الضغط على طلب الدولار لدى الصيارفة".

وزير العمل: الشعب جائع
تعليقاً على اعتصامات الأحد، أكد وزير العمل كميل أبو سليمان "إن صرخة الشعب محقة ويجب أن تبقى ضمن القانون وألا يدخل عليها طابور خامس فتتحول إلى أعمال شغب على الطرق"، مضيفاً:"الشعب جائع ويعاني. وهناك مشاكل اجتماعية عظيمة. وأنا أفهم صرخة الشعب. وعلى الحكومة أن تتعاطى بهذه المواضيع بجدية أكبر. نحن لدينا الصرخة نفسها كقوات لبنانية، لذا أعلنا أننا لن نبحث بالموازنة إن لم يكن هناك إجراءات إصلاحية بنيوية وليس فقط زيادة ضرائب على الناس، وهذا ما دفع الحكومة إلى تشكيل لجنة اقتصادية".

أبو سليمان قال: "المطلوب محاسبة من أوصلنا إلى هذا الواقع". أما فيما يخص أزمة السيولة بالدولار، فقد شرح: "إنها ليست أزمة جديدة. هناك طلب كبير على الدولار. ومصرف لبنان لديه استعمالات كثيرة للدولارات التي يمتلكها منها: تثبيت سعر صرف الليرة، تأمين حاجة الميزان التجاري للدولار، تسديد السندات الخارجية بالدولار وتفوق قيمتها 35 مليار دولار. أضف إلى ذلك أن موازنة العام 2018 تخطى عجزها 6 مليارات دولار، ويتوقع أن يكون العجز في موازنة هذا العام مرتفعاً ايضاً. من هنا يسعى مصرف لبنان إلى وضع آلية لاستخدام الدولار بأفضل طريقة ولتلافي أزمة السيولة".
الوزير "القواتي" تمنى على الحكومة "التحلي بالإرادة والشجاعة والنزاهة والجرأة، وأن تأخذ الاجراءات الصعبة التي تطالب بها القوات (..) نحن كحزب طالبنا بإصلاحات حتى قبل دخولنا إلى هذه الحكومة ودعينا إلى تشكيل لجنة طوارىء اقتصادية. لكن للأسف لم يتعاطوا بجدية مع هذا الطرح. أعلنوا حالة طوارىء اقتصادية منذ أكثر من شهر في بعبدا، ولكنهم لم يقوموا بأي خطوة عملية".
أشار الوزير أبو سليمان إلى قطاع الاتصالات "معروف بتفشي الفساد فيه، وواراداته إلى انخفاض، فلماذا لا نبدأ بخصخصته؟ ثمة إصلاحات في قطاع الكهرباء والمرفأ والجمارك والمعابر غير الشرعية وأنظمة التقاعد كلها خطوات واردة بخطتنا. الأمر يتطلب قراراً سياسياً فورياً". واعتبر أن "سلسلة الرتب والرواتب بغض النظر عن أحقيتها كانت انتحاراً مالياً".

وخلص أبو سليمان إلى القول: "أن هناك ثلاث أزمات تعيشها البلاد اليوم: اقتصادية ومالية ونقدية. الازمة الاقتصادية معروفة ويعيشها الشعب والناتج المحلي يتقلص. أما في الأزمة المالية فديننا سيتخطى 90 مليار دولار. ونصف إيراداتنا تذهب لخدمة الدين. لدينا أزمة تمويل بالدولار، فلا أحد يديننا بالدولار، وإن تم ذلك فبفوائد باهظة. ومصرف لبنان مجبر أن يستخدم احتياطاته، أي أموال الناس التي يودعونها في المصارف، لتسديد مستحقات الدولة. لدينا عجز في الميزان التجاري وتراجع بالأموال التي كانت تأتي من الخارج. فحجم الدين بالنسبة للاقتصاد كبير جداً (..) لا أحد يأخذنا على محمل الجد، لا وكالات التصنيف ولا الدول المانحة ولا صندوق النقد الدولي. لذا، يجب استعادة الثقة. يجب ان نبرهن عن جدية في العمل ويجب أن نأخذ سلسلة قرارات خلال أسبوعين ونبدأ بتطبيقها".
وختم قائلا:"الكلام عن مؤامرة على لبنان غير صحيح نهائياً، هل المؤامرة هي من راكم 90 مليار دولار ديناً على لبنان؟ ما علاقة الولايات المتحدة بدين لبنان، هناك سياسات من قبل بعض الأطراف معادية لأميركا، وأميركا تضغط علينا بالعقوبات. وهذه الأطراف تريد أن تفتح حروباً مع العالم وأن تعادي البلاد العربية. هذه السياسة ندفع ثمنها في لبنان".

وليد جنبلاط: الرأسمال المشبوه
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وتعليقاً على أحوال البلد اكتفى بتغريدة واحدة : "في مواجهة الغضب الشعبي المشروع، وفي انتظار تدابير حكومية جدية في ضبط الحدود والتهرب الضريبي، وإقرار الضريبة التصاعدية الموحدة، والحد من امتيازات الطبقة الحاكمة، وتسكير السفارات المنتشرة من دون جدوى، والإفادة من الأملاك البحرية، وضبط الفساد جدياً، واعتماد مناقصات شفافة لردع الرأسمال المشبوه، أقترح أن يفرض على المتعهدين نسبة 50 بالمئة من عمالة لبنانية، بأجر يفوق أجور الأجانب، في مجالات البناء وورش الصيانة لوزارة الاشغال وغيرها، لاستيعاب البطالة وخلق ورش مهنية مناطقية في كل المجالات. لقد قمت بتجربة متواضعة على المستوى الشخصي على مدى أشهر واستوعبت ثمانين عاملا تقريبا".

باسيل: الصندوق اللبناني للانتشار
قال الوزير جبران باسيل أثناء جولته الأميركية: "حان الوقت لانشاء الصندوق اللبناني للانتشار كجزء من الصندوق السيادي اللبناني، الذي يجب أن تتولاه الدولة اللبنانية. وهو صندوق يفترض أن يجمع أموال المنتشرين الذين يستطيعون تمويل استثمارات وبناء مشاريع وإعادة إعمار لبنان، من دون حاجته للاستدانة أو تحمل أعباء قروض جديدة". واعترف: "نمر بمرحلة اقتصادية ومالية صعبة". لكنه استطرد: "لا ينقصنا جلب المال إلى لبنان إذا جلبنا من اللبنانيين المنتشرين الثقة به. أموالهم كافية لنخصخص قسماً من قطاعاتنا لتحسين الخدمات للبنانيين، ونؤمن أموالا طائلة لصندوق سيادي محفوظ، يسدد عجزنا وديوننا ويمول الدولة اللبنانية كي لا تبقى تمول وللأسف بعض الفساد فيها".

حاصباني: استعادة الثقة
اتسم نائب رئيس مجلس الوزراء غسان خاصباني بالتفاؤل خلال مأدبة العشاء التي أقامها البنك الأوروبي، عشية انعقاد مؤتمره في بيروت حول منطقة المتوسط. إذ قال: "الحكومة اللبنانية تعمل بجهد كبير لتحقق الإصلاحات المطلوبة لمواجهة الأزمة التي تلوح في الأفق، والتركيز على الخطوات العملية والآنية، التي من شأنها أن تعيد الثقة الدولية والمحلية بلبنان، وتفتح الباب أمام استثمارات تحقق النمو المطلوب بدعم من أصدقاء وحلفاء لبنان" واستدرك "بالرغم من الصعوبات التي نواجهها جراء النزوح وأزمات المنطقة، ما زال لبنان يتمتع بالاستقرار، وبميزات تفاضلية وبمقومات تجعل منه مركزاً في منطقة الشرق الأوسط والمتوسط، وحتى على مستوى العالم في العديد من القطاعات".

النائب عون: لسنا بحال انهيار
أجواء التيار العوني، عكست استنفاراً للدفاع عن الرئيس وعهده. إذ اعتبر النائب ماريو عون "أن البعض استغل غياب رئيس الجمهورية عن لبنان للتحضير لحركة احتجاجية تحولت إلى مواجهات مع القوى الأمنية، ولم تكن أهدافها ومطالبها جامعة بل كانت سياسية أكثر من مطلبية". واستنتج: "لسنا بحال انهيار. لكن الوضع صعب وبحاجة لحلول سريعة من خلال التكاتف وإرساء التفاهم والوحدة الوطنية بهدف الخروج من هذه الأزمة". وشدد قائلاً: "ألا خلافات عميقة بين أركان الحكم، إلا أن هناك ضعفاً في مواجهة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية في مجلس الوزراء، الذي يتحمل المسؤولية الكاملة في إيجاد الحلول الناجعة".

لكن رئيس "لجنة المال والموازنة" النائب ابراهيم كنعان صرح: "الوقت ليس للغنج. فكل وزير أو نائب أو قاض أو جهاز رقابي غير قادر على القيام بعمله، فليترك مهامه، لأن الوقت للعمل والانتاجية لا للدوران في حلقة مفرغة وتضييع الفرص". وعلى منوال ما قاله ماريو عون، أضاف كنعان: "لبنان غير مفلس والحلول موجودة وقطاعه الخاص قوي وإدارته السياسية يفترض أن تكون أفعل وأنتج، ويمكن أن نخرج من الوضع الراهن شرط توافر الإرادة وتنفيذ الإصلاحات".
وفي مسألة سعر صرف الدولار، اعتبر أن "استعادة الثقة هي الأساس". وقال "مرتبة لبنان من حيث البلدان المسهلة للاستثمار هي 143 من أصل 190، وهناك سلسلة اجراءات مطلوبة (..) وكشف "يقال أن الفاتورة النفطية ارتفعت بنسبة 70 في المئة في الفترة الأخيرة من جراء تهريب المحروقات إلى سوريا. قيمة الفاتورة النفطية تبلغ حوالى 3،8 مليار دولار، لتبين أن استنزاف تهريب المحروقات إلى سوريا يصل إلى 1,6 مليار دولار. وربما تنخفض هذه الكلفة قريبا من جراء فتح الحدود السورية العراقية".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024