"القومي السوري" بلا رئيس

عباس سعد

السبت 2016/07/23
أعلن المجلس الأعلى لـ"الحزب السوري القومي الاجتماعي" إلتزامه بقرار المحكمة الحزبية قبول الطعن بالتجديد لرئيسه القديم الجديد أسعد حردان، الذي أُعيد انتخابه في 12 حزيران 2016. وحدد المجلس 5 آب 2016 موعداً لانتخاب رئيس.


وبذلك يكون معارضو التجديد لحردان، الذين أطلقوا على حركتهم اسم "8 تموز"، قد حققوا "انتصاراً" جزئيّاً في انتظار موعد الانتخاب المرتقب. ويتأكّد ذلك من قبول المجلس الأعلى قرار المحكمة على مضض، إذ اعترض، في بيانه، على عقد المحكمة جلساتها خارج مركز الحزب خلافاً للنص الدستوري. وفيما أثنى على موقف رئيس الحزب أسعد حردان، الذي "سيمارس واجباته ومسؤولياته عضواً منتخباً في المجلس الأعلى، مؤكداً التزامه قرار المؤسسات الحزبية"، ذكّر بأن قرار المحكمة "لا يشكل سابقة في تاريخ الحزب، فقد أبطلت المحكمة الحزبية انتخاب الأمين الراحل عبدالله سعاده رئيساً للحزب، الذي بدوره التزم بقرار المؤسسة وتم انتخاب رئيس آخر للحزب". ودعا المجلس الأعلى "السوريين القوميين الاجتماعيين إلى التمسك بمؤسسات الحزب".

وبرّر حردان، في بيان، أسباب قبوله التجديد بـ"الظروف الدقيقة والحساسة، وخوض الحزب مواجهة كبيرة ضد الإرهاب، وحرص مؤسسات الحزب على انجاز الاستحقاقات الداخلية، وفقاً للمهل المنصوص عليها في الدستور". وإذ اعتبر أن حصوله "على أعلى نسبة أصوات، أي 87 في المئة من أصوات أعضاء المجلس القومي، كان إستفتاءً على الإدارة الصحيحة التي تولاها مدى دورتين متتاليتين"، قال إنه عبر عن عدم رغبته في اجراء تعديل دستوري يتيح له تولي رئاسة الحزب لولاية ثالثة.

الخلاف المؤسساتي
يرى عميد القضاء السابق قي الحزب إيلي غصّان، أن "حركة 8 تموز" "عبّرت عن التراكم القديم للآراء المخالفة للقيادة داخل الحزب. ففيما قدّم عضو المجلس الأعلى أنطوان خليل الطعن بالتجديد لحردان أمام المحكمة الحزبيّة، "نظّمت 8 تموز الاعتراض، وهي اليوم تضمّ كثيرين من الرفقاء، وتسعى إلى تشكيل كيان تنظيمي يعزّز قوّتها وقدرتها على التأثير في خيارات الحزب".

في المقابل، يعتبر عميد الإعلام في الحزب وائل حسنيّة أنّ "من حقّ المعارضين أن يعارضوا، ولكن ضمن الحزب، وعليهم أن يحترموا القرارات الداخلية ضمنه، وإلّا لم يعد حزباً". ويرد المعارض في الحزب نصير رمّاح بالقول إن "قرارات الحزب الداخليّة يجب أن تنبع من عقيدته، وما فعله المجلس الأعلى، في وضع إسم حردان في الدستور هو سابقة تاريخية، كما أنّ هذا المجلس لم يكن له صلاحيّات تشريعية، لأنّ انتخابه جديد ويحقّ له التشريع بعد انتخاب رئيس جديد وليس قبل ذلك".

بين السياسة والسلاح
عناوين السجال بين المعارضين والقيادة عديدة، لكنها تتمحور حول "أداء قيادة الحزب في لبنان والشام"، وفق غصّان. فعلى المستوى السوري يرى المعارضون أن "الحزب القومي الاجتماعي لا يقوم بدوره في المجتمع، فلا تراه يواجه المذهبيّة والتقوقع، بل يهادنهما، ولا يحتضن النازحين، سواء أكان في لبنان أم في الشام"، يقول غصّان. وينتقد "التحاق الحزب بحزب البعث وغياب الرؤية في شأن النظام الذي نريده في الشام. فنحن لا نعارض مقاومة القوميين الإرهاب والتكفير والدفاع عن النفس والأرض. وهذا ما يقوم به القوميّون في الشام ولا منّة لقيادة الحزب فيه. لكن دور الحزب لا يقتصر على ذلك. نحن حزب اجتماعي وعلماني وليس مذهبيّاً أو علويّاً".

ومن الشام حيث ينحاز الحزب إلى النظام ويتقوقع في بيئات مذهبيّة، إلى لبنان حيث "تخلّى عن دوره المقاوم ضد إسرائيل، كي يغدو أحد أحزاب الفساد اللبناني".. "بات الحزب قطريّاً"، يقول رماح. ففي الشام استقال الحزب من دوره الاجتماعي والعلماني وافتقد الرؤية إلى النظام، وفي لبنان، يقول غصّان، "وقف الحزب ضد الحراك المدني الشعبي ضد الفساد وسياسة الطبقة السياسيّة، ومنع القوميين من المشاركة في الحراك. وكان ذلك من المحطات القاسية في مسيرة الاختلاف وافتراق كثيرين من القوميين عن القيادة وسياستها".

ينفي حسنيّة القطرية، فـ"الحزب في تاريخه لم يعرف التمييز القطري. وإذا كان منتشراً وقويّاً في لبنان، فهذا لا يعني أنّه لم يعد حزباً قوميّاً سوريّاً". أما في خصوص الدور المقاوم فيراه حسنيّة "في سوريا، في مواجهة الإرهاب". هكذا فإنّ التوافق الفكري بين السوريين القوميين، على العناوين العريضة، لا يلغي الخلاف الذي أنتج المعارضين. وإن كان عضو واحد في المجلس الأعلى قد طعن بالتجديد لحردان، فإنَّ من ينتظرون انتخابات حرّة ورئيساً جديداً قد باتوا كثيرين.. وبدأوا يرفعون الصوت وينظمون حركتهم. "والطعن بخرق الدستور وحركة 8 تموز تأكيد أن الحزب ليس ملكاً لشخص، وأن عدداً كبيراً من القوميين يريدون القيام بدور اجتماعي علماني ويرفضون الالتحاق والقوقعة المذهبيّة والفساد، في الشام ولبنان".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024