شهادة الجامعة اللبنانية.. مهددة عالميّاً؟

باسكال بطرس

الجمعة 2018/08/10

بعد أيام على اتهام المؤرخ والأكاديمي عصام خليفة رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب بتزوير شهادته، فجّر رئيس جمعية أصدقاء الجامعة اللبنانية الدكتور أنطوان الصيّاح قنبلة جديدة، كاشفاً عن "تهديد الاتحاد الأوروبي بعدم الاعتراف بشهادة الجامعة الوطنيّة إذا لم تقم بإصلاح مناهجها خلال ثلاث سنوات". ما أثار حالة من الاستغراب والاستياء وطرح العديد من التساؤلات عن خلفية هذا التهديد، وعمّا  إذا كان تسريب الخبر يندرج في إطار الحرب المعلنة والمستمرة ضد رئيس الجامعة؟

"لا علاقة لهذا الموضوع بخلافنا مع رئيس الجامعة على الإطلاق"، يقول الصيّاح لـ"المدن". فـ"نحن نميّز بين الجامعة ورئيسها، فهذا الأخير سيتغيّر عاجلاً أم آجلاً، فيما الجامعة باقية". ويؤكد أنّ "الهدف من تسريب الخبر يكمن في حرصنا على الحفاظ على قيمة شهادة الجامعة اللبنانية، وخوفنا من تجريدها من أهميّتها".

ويروي الصيّاح كيف "بادرت إدارة الجامعة إلى الطلب من المجلس العالي للتقييم والاعتماد للتعليم العالي HCERES، الذي هو سلطة إدارية فرنسية مستقلة مسؤولة عن تقييم التعليم العالي والبحث العام في فرنسا، دراسةَ معايير الجودة في الجامعة اللبنانية وتقييمها، وذلك بدعم مالي من المعهد الفرنسي في السفارة الفرنسية في لبنان". يضيف: "في شهر حزيران 2018، أوفدت المؤسسة الفرنسية لجنةً إلى الجامعة لدراسة أوضاعها خلال مهلة ثلاثة أيام، وعقدت لقاءات عدة على مختلف المستويات في الجامعة، في سبيل تحديد التغييرات التي يمكن إنجازها لتحسين أدائها في سبيل الحصول على اعتماد الجودة من مؤسسات دولية مهمة تأكيداً على أهمية شهادة الجامعة اللبنانية دولياً"، لافتاً إلى أنّ "الجامعة دخلت هذا المسار، بالتالي يتوجّب عليها القيام ببعض التغييرات في بعض الكليات وعلى مستويات عدة. أبرزها: المناهج، الادارة الادارية، الادارة المالية، الموازنة، سبل إدارة مرفق عام كالجامعة، وعلى المستوى الطلابي وكيفية التعاطي معهم، وغيرها".

وإذ لا ينفي أنّ "اللجنة لم تعط تقريرها بعد، لأنّ دراسة الاعتماد مسألة لا تتم بأيام أو أشهر بل تحتاج لسنوات"، يكشف الصيّاح أنّ "بعض المسؤولين في الجامعة ممّن التقوا اللجنة الفرنسية، قالوا إن اللجنة أوحت لهم بطريقة غير مباشرة عدم رضاها عما رأته ولمسته، وأنه إذا لم يتم تحقيق اصلاحات بنيوية أساسية خلال ثلاث سنوات، فإنّ شهادة الجامعة ستصبح بلا قيمة". ويؤكد أنّه "لو كان التهديد أو التحذير قد صدر مباشرة عن الاتحاد الاوروبي، لكانت صرختنا بطبيعة الحال أقوى بكثير". ويرى الصيّاح أنّ "مؤسسة فرنسية بهذه الأهمية لا شكّ أنها تمثّل الاتحاد الأوروبي، بالتالي لن نقبل بأن تصل الأمور إلى هذا الحد. ولأننا حريصون على الجامعة وعلى أن تبقى شهادتها تعادل شهادة كل الجامعات المهمة في العالم، أطلقنا جرس انذار ودعوة إلى ادارة الجامعة على كل المستويات، وهنا لا نتحدث عن رئيس أو مدير في الجامعة تحديداً، لتحسين أداء الجامعة اللبنانية واجراء كل التغييرات والتحسينات الضرورية المطلوبة".

في المقابل، تشدّد مصادر مقرّبة من رئيس الجامعة اللبنانية، في حديث إلى "المدن"، على أن "لا أساس لهذا الخبر المسرّب من الصحة، بل يأتي في إطار الحملة التي يشنّها الطرف الآخر ضدّ أيّوب"، مؤكدة أنّ "الجامعة اللبنانية تبقى الجامعة الرسمية والمرجعية في لبنان. بالتالي، فإنّ جميع الجامعات في لبنان تعادل شهاداتها على أساس شهادة الجامعة اللبنانية".

وإذ تلفت المصادر إلى أن "لا علاقة للاتحاد الاوروبي بالشهادة الجامعية"، توضح أن "مجلس الجامعة اللبنانية برئاسة أيوب، هو من جاهد وسعى إلى التعاون مع المجلس العالي للتقييم والاعتماد للتعليم العالي المعتمد في فرنسا والذي يتمتّع بصدقية دولية. وقد بدأ هذا التعاون منذ سنة ونصف السنة ولا يزال مستمراً". وتكشف أنه "منذ لحظة تبوّئه رئاسة الجامعة، بعدما كان عميداً سابقاً، أدرك أيوب أهمية أن تتجه الجامعة اللبنانية نحو العالمية، فشكّل ذلك أول المشاريع الأساسية التي عمل عليها والتي لا تزال تحارَب جميعها بشكل غير اعتيادي. ومن هنا، برزت الحاجة إلى اعتماد دولي، فلجأ إلى السفارة الفرنسية التي تهتم دائماً بحاجات الجامعة الوطنية وتحرص على دعمها، مطالباً بتقييم دولي. فما كان من السفارة إلا أن قدمت كل التقدير والدعم للجامعة، وموّلتها بشكل غير مسبوق بمبلغ قُدِّر بنحو 63 ألف يورو".

وتؤكد المصادر أنّ "ادارة الجامعة كانت شفافة جداً في تعاملها مع اللجنة الفرنسية التي زارت الجامعة وأجرت دراستها، شارحةً لها نقاط الضعف ونقاط القوة، لأن هدف الادارة الأساس هو التحسين والتطوير والانتقال إلى العالمية".

وتجدد المصادر التأكيد أن "ما يحصل هو اساءة بالغة للجامعة اللبنانية ولسمعتها. علماً أننا قد كنّا العام الماضي قد أحرزنا تقدّماً ملحوظاً بثماني نقاط"، مشيرة إلى أنّ "ادارة الجامعة تدرك جيّداً أهمية أن تحافظ على طريقة عمل محددة وعلى أسلوب عمل تطويري، لكي تستمر الجامعة بالتقدّم إلى الأمام. وهو ما تعمل جاهدة لتحقيقه، فهي تشكل جلسة عمل لا تتعب". تتابع: "لكن من الضروري أيضاً أن تكون سمعة الجامعة جيدة، خصوصاً عندما تنتقل من مرتبة إلى أخرى. فهذه مؤسسة عريقة عمرها 67 سنة، ولا يجوز لأي كان أن يدّعي أنها تتقاعس عن واجباتها وعن تطوير المناهج، فهذا ظلم وتجنّ". وتشير إلى أن "لا علاقة للاعتماد بالشهادات، بل بآلية تطوير أساليب العمل. وفي جميع الأحوال لا تنكر الادارة وجود نقاط ضعف عدة لديها، ولا تمانع تحسينها. وطالما أن الجامعة تتحسّن، فهذا يعني أن الاعتماد لمصلحتها، لأن الاعتماد ليس بالكمال بل بأن تنجح في تحويل نقاط الضعف إلى قوة لكي تستمر وتتطور. فمفهموم الاعتماد ينطلق من الواقع الحالي إلى الغايات المرجوة ووجهة المسار للوصول إلى الغاية. بالتالي، لا علاقة لمؤسسات الاعتماد بالشهادات لا من قريب ولا من بعيد".

وتختم المصادر: "تتّخذ ادارة الجامعة حالياً خطوات جريئة على مستوى كل كلية على حِدة. ففي وقت تسعى إلى الحصول على اعتماد عام للجامعة اللبنانية قد يحتاج إلى بعض الوقت، تدعو ادارة الجامعة كل كلية الى أن تبادر، وبشكل مستقل، إلى اختيار مؤسسة الاعتماد التي تراها مناسبة لها، لكي تسير بمسار اعتماد خاص بها: وهذه كلها خطوات إصلاحية لتطوير الجامعة وفي سبيل إعطائها الطابع العالمي".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024