النواب خلال 9سنوات: أقروا 5 قوانين تهم الناس فقط

وليد حسين

الخميس 2018/03/22

مدّد مجلس النواب لنفسه دورة تشريعية كاملة، أي أربع سنوات. تلاها تمديد آخر لـ11 شهراً بحجة تطبيق قانون الانتخاب الجديد وادخال بعض الاصلاحات الانتخابية. في المحصّلة، تربّع نوّاب الأمة ذاتهم على عروش الندوة البرلمانية لمدة تسع سنوات. لكن هذه التجربة النيابية المديدة لم تُكسب النواب خبرة تشريعية نابعة من همّ المواطنين، يمكنهم أقلّه كتابتها في سيرهم الذاتية. فبكل بساطة لم يقم مجلس النواب بواجبه التشريعي على مستوى التشريعات التي تهمّ المواطن. هذا ما أظهرته الدراسة التي أعدّها المركز اللبناني للدراسات بشأن أداء البرلمان اللبناني في الدور التشريعي الثاني والعشرين، كما يؤكد مدير المركز سامي عطالله لـ"المدن".

تشمل الدراسة 15 محوراً من السياسات العامة التي تهمّ المواطنين وكيفية تعاطي النواب معها على المستوى التشريعي، إضافة إلى معلومات مفصّلة حول أداء النواب كأفراد وكتل ومدى انتاجيّتهم وحضورهم في جميع جلسات المجلس. وغطّت الدراسة المدة الزمنية الممتدة من لحظة تولي النواب لولايتهم في العام 2009 لغاية منتصف العام 2017، أي ثماني سنوات من العمر التشريعي للنواب.

ولمعرفة إذا ما كان المجلس النيابي يقوم بمعالجة أولويات المواطن، اعتمد المركز على استطلاع رأي. شملت العينة 2496 مواطناً من جميع المناطق عبر توجيه أسئلة لمعرفة أولوياتهم. ثم توجه المركز بالأسئلة ذاتها إلى 65 نائباً من أصل 128، لمقارنتها مع اجابات المواطنين. وتبيّن أنهم فعلياً لا يعرفون أولويات الناس ولم يقوموا بمعالجة أي شيء يعنيهم، وفق عطالله.

ثم عمل الباحثون في المركز على البحث في جميع القوانين التي أقرّت في تلك الفترة لتحديد عدد القوانين التي تهم أولويات الناس وهمومهم. فمن أصل 352 قانوناً أقرّ في هذه المرحلة، 31 منها هدف إلى معالجة هموم الناس، أي 9% فقط من مجمل القوانين. لكن المشكلة لا تقتصر على هذه النسبة الضئيلة من التشريعات فحسب، بل تبيّن أن 5 قوانين فقط من أصل 31 صدرت عن النواب، و5 أخرى عن الحكومة. أما القوانين الـ21 المتبقية فنتجت عن الاتفاقيات الدولية التي تأتي على شكل قوانين (على سبيل المثال الاتفاقيات مع البنك الدولي أو البنك الاسلامي الكويتي لبناء السدود أو تعبيد طريق). ما يعني أنها ليست من خلال الجهد التشريعي النابع من المجلس وأعضائه.

وكي لا يحصر المركز الأمر بالقوانين التي أقرت، تطرقت الدراسة إلى نقاشات النواب بشأن الأمور التي تهم الوطن مثل الفقر والبطالة وغلاء الاسعار أو غيرها، التي ربما لم تترجم كقوانين بسبب الخلافات السياسية والاشكاليات التي حصلت في البلد خلال هذه الفترة. لكن من خلال مراجعة 4600 ورقة لجميع محاضر المجلس تبيّن أن هذه المواضيع لم يتم تناولها إلا بشكل عرضي في نقاشات النواب. ليس هذا فحسب، بل تبين أن النواب لا يعرفون المشاكل التي يعاني منها الناس، على سبيل المثال، معدل البطالة أو الفقر في لبنان. ففقط 37% من النواب الذين شملتهم الدراسة يعلمون مثلاً معدل البطالة في لبنان.

الأسوأ من هذا أن الأحزاب السياسية الممثلة في الحكم (تطرقت الدراسة بشكل أساسي إلى الاحزاب السبعة الأساسية الممثلة في المجلس) ليس لديها أجندات تشريعية من الأساس. أي ليس لديها حلول ولم تفكر أصلاً في معالجة أولويات الناس. وقد تبين هذا من خلال الاستطلاع الذي توجه به المركز لنواب الأحزاب، وفق عطالله.

وتبيّن أنه ليس هناك تفاوت بين الأحزاب على مستوى التشريع. بمعنى أنه ليس هناك حزب أنشط من حزب آخر، إلا بشكل طفيف. وعلى مستوى حضور النواب إلى المجلس أظهرت الدراسة أنّ هناك نوعاً من توزيع أدوار مبطن حول من يحضر ويشارك ويناقش في الجلسات من هذه الكتلة أكثر من غيره من النواب داخل الكتلة الواحدة.

الدراسة التي خلصت إلى أن مجلس النواب لم يقم بواجبه بخدمة المواطن، لا على مستوى التشريع ولا على مستوى الرقابة، أظهرت أيضاً أن هناك تناقضاً في الآراء على المستوى التشريعي حتى داخل الكتلة النيابية الواحدة، وليس بين الكتل فحسب. وهذا دليل على عدم وجود تواصل أو توافق حول رأي موحّد داخل الكتلة النيابية ذاتها، وفق عطالله.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024