مكب يانوح: النفوذ الحزبي ينقذ مدرسة ويلوّث المياه الجوفية

خضر حسان

الخميس 2018/09/13
استحدثت بلدية يانوح في قضاء صور مكبّاً للنفايات في أحد عقاراتها على أطراف البلدة. يأمل رئيس البلدية علي جابر أن يستوعب المكب نفايات البلدة. ويؤكد خلال حديث إلى "المدن"، أن البلدة "لن تغرق بالنفايات".

مكب يانوح ككثير من المكبات في منطقة صور، تأسس بشكل عشوائي، دون أي دراسة بيئية. ويتم رمي النفايات فيه بشكل مخالف لأبسط أنظمة السلامة والصحة العامة. لكن هذه المشكلة "موجودة في كل لبنان"، وفق جابر.

مشكلة المكب ليست في عشوائيته فحسب، بل في وقوعه على مجرى طبيعي لمياه الأمطار التي تتجمّع سنوياً عبر ممرات طبيعية لتشكّل جداول تروي حقول الزيتون الممتدة من أطراف بلدة يانوح إلى أطراف بلدة معركة المجاورة. ومن يجول في تلك المنطقة، يعرف أنها تتحول إلى مقصد لأهالي البلدة طيلة موسم الأمطار، والتي تستمر إلى فصل الربيع، إذ تصبح المنطقة متنزّهاً طبيعياً. ناهيك عن وجود محطة لضخ مياه الشرب إلى بلدة معركة، التي ستصبح هدفاً للمياه المحمّلة بعصارة نفايات المكب بعد هطول الأمطار.

بلدية يانوح قامت بجرف قطعة من الأرض، وباشرت رمي النفايات دون الاكتراث بموقف جيرانها في معركة. وفي رأي جابر "لا أعتقد بأن معركة تتضرر من المكب"، نافياً أن يكون المكب في موقع لمجرى مياه الأمطار. لكنه يستدرك ويشير إلى أن "يانوح كلّها مجارٍ وينابيع مياه"، مفضّلاً التركيز على عملية التخلص من النفايات.

مشكلة المياه إذاً، ليست في حسبان رئيس بلدية يانوح. لكن، إذا كان لا بد من التطرق لخطر النفايات على المياه الجوفية، فإن هذا المكب لن يشكل ضرراً كبيراً، و"المياه لن تتضرر إذا بقي المكب لنحو 5 أشهر. واليوم لا يوجد حل نموذجياً لمشكلة النفايات".

يظن جابر أن غياب الحلول النموذجية يعني امكانية فتح مكبات عشوائية. وهو ما يرفضه رئيس بلدية معركة عادل سعد، الذي تواصل مع جابر، مبدياً اعتراضه على وجود المكب في القرب من بلدة معركة وفي مجرى المياه. وفي حديث إلى "المدن"، يؤكّد سعد عدم تجاوب جابر. واستمرار العمل في المكب وافتتاحه، دليل على عدم التجاوب الذي انسحب أيضاً إلى القائم مقامية، التي ورغم رسالة سعد "المدعّمة بالصور"، لم تتحرك. وكذلك مصلحة مياه الليطاني التي "أرسلنا إليها رسالة شفهية مع أحد المسؤولين فيها". وفي حال استمرار التجاهل "سنتوجّه إلى محافظ الجنوب".

لا يمكن لبلدية معركة أن تفرض توقف العمل وإقفال المكب، لأنه خارج نطاق أراضيها. وبلدية يانوح لا تكترث لضرر المكب. أما الجهات الرسمية، فغائبة، لأن القرار السياسي لأحزاب السلطة في منطقة صور يغطّي المكبات العشوائية التي انتشرت في كثيراً من بساتين الحمضيات والبراري. ولا يخرج مكب يانوح عن دائرة تلك الحماية السياسية التي يستفيد منها النافذون على حساب غير النافذين، أمثال أحمد زيون صاحب مزرعة للدواجن مقابلة للمكب. ما يعرّضها للروائح ودخان الحرائق المرتقبة، والأمراض التي سيحملها الدخان والهواء للدواجن. "وقد تواصلنا مع رئيس بلدية يانوح، وأكد أنه سيجد حلاً قريباً، خصوصاً أن المكب لن يستمر لأكثر من شهرين"، على حد تعبير زيون.

بين الشهرين والخمسة، لا أحد يضمن عدم تفاقم الوضع. فالمكب وُجِد ليبقى. والدلالة على ذلك هي "نقله من المنطقة المواجهة لمدرسة السراج، وهي مدرسة خاصة. وتفيد مصادر متابعة للملف أن نقل المكب من مكان إلى آخر "هو مفتاح الأحجية". لأن "بعض النافذين في المدرسة، والمحسوبين على جهة حزبية، طلبوا نقل المكب، بغض النظر عن مكان نقله. فالمهم ضمان عدم وجوده في المنطقة المحاذية للمدرسة".

في الظاهر، نقل المكب من قبالة المدرسة مطلب ضروري، لكن ليس إلى مجرى المياه، وليس بالقرب من مضخة مياه الشرب. وبالتأكيد، لا يكون باستعمال نفوذ حزبي يحفظ سلامة منطقة على حساب أخرى. فالنفوذ الحزبي ذاته هو من يسمح بتحويل الجنوب إلى مكب عشوائي كبير.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024