المستقبل يخسر التنظيم: العودة إلى ما قبل 7 أيار

منير الربيع

الخميس 2018/07/12

أن يخرج تيار المستقبل ببيان يؤكد فيه أن المسار الاصلاحي داخله مستمرّ، فهذا يعني أن ثمة كلاماً على الهوامش عما يجري في حاضنة التيار والدائرة القريبة من الرئيس سعد الحريري. يشير البيان إلى أنه يجري "التداول في بعض منصات التواصل الاجتماعي بأخبار وتقارير ملفقة أعدتها مواقع الكترونية، متخصصة بتنظيم حملات تشكيك وتضليل تستهدف تيار المستقبل وهيئاته التنظيمية. يؤكد التيار أن كل ما ينشر ويوزع هو مجرد فبركات إعلامية لا تمت إلى الواقع بصلة، ولا تعكس حقيقة المسار الاصلاحي الذي يجري العمل عليه، في إطار آليات العمل السياسية والحزبية المعتمدة". يضيف أن تيار المستقبل إذ يلفت انتباه جمهوره ومناصريه إلى أنه لا يستغرب غايات البعض وإصرارهم على تحويل المسار الاصلاحي إلى مادة لفبركة الأخبار ودس الأكاذيب للنيل من كرامة البعض ومواقعهم في سدة المسؤولية التنظيمية، يؤكد مواصلة العمل في هذا المسار لتحقيق النتائج المتوخاة، بمنأى عن محاولات التشويش والحملات الرخيصة التي تتولاها المواقع الصفراء.

ووفق ما تقول المصادر، فإن البيان كان لا بد منه للرد على كل ما يطاول تيار المستقبل، ووصف ما يجري داخله بمحاكم التفتيش، أو غير ذلك. وتؤكد أن ما يجري داخل التيار هو عملية تحقيق بشأن ما حصل في المنسقيات الأربع التي أعلن الحريري حلّها، وإذا ما تبين أن هناك سرقة للأموال فيتم اللجوء إلى القضاء، أو في حال كان هناك سوء تصرف وتقدير، فسيتم معالجة الأمر وفق الطرق المناسبة. والأرجحية تشير إلى ذهاب التيار في اتجاه عقد مؤتمر عام جديد.

كانت لافتة مشاركة الوزير السابق باسم السبع في الاجتماع الذي عقد بين الحريري والرئيس نبيه بري بحضور الوزيرين غطاس خوري وعلي حسن خليل. عودة صورة السبع مؤشر للتحولات داخل التيار، وعبارة عن تعزيز دور الرجل، واستعادته موقعاً كان قد غاب عنه في الفترة السابقة. وهذا يؤكد معلومات متداولة عن تعزيز صلاحيات الرجل داخل التيار وفي الدائرة القريبة من رئيسه.

في مقابل هذا الكلام، يعتبر البعض أن السبع في الأساس هو لصيق بالحريري، بالتالي لا يحتاج إلى العودة، لأنه لم يكن غائباً أو مغيباً، وهو ليس ممن تصحّ موازنتهم بين منزلتين مع التسوية أو ضدها، ولم يضع نفسه في هذه الخانة، وهناك من يعتبر أنه يصف الحريري بالوطني لإقدامه على خطوات تخرج لبنان من أزماته السياسية. في الكلام المتداول داخل التيار، فإن السبع يلتزم بعض المهمات التنظيمية، فيما مصادر أخرى تنفي ذلك، وتعتبر أن هذا الكلام لا يزال من المبكر الحديث عنه. ولا يمكن اعتبار أن أشخاصاً يقتربون من دائرة القرار وآخرون يبتعدون.

لكن أيضاً، صادف البيان ما حصل على وسائل التواصل الاجتماعي بين مناصرين ومؤيدين ومحسوبين على التيار، وبين آخرين مناصرين للوزير نهاد المشنوق، على خلفية الفيديو المنتشر لسيارة إسعاف منعت من المرور بالمريض الذي تقلّه بسبب مرور موكب أمني. أحد المؤيدين للتيار اعتبر أن المشنوق هو صاحب الموكب فيما الحريري اعترف واعتذر. وهذا كان سبباً لاندلاع سجالات بين الطرفين. والمفارقة أن السجال جاء بعد كلام أساسي للمشنوق، عن حياديته في هذه المرحلة، وأنه يحتاج إلى الاستراحة، تحت خط الحريرية السياسية لكنه لم يقرر إذا ما كان سينفصل عن المستقبل أم لا، بل يترك الأمر للتشاور مع الحريري. كلام المشنوق ليس تفصيلاً، وهو يعرف كيفية تمرير الرسائل، ويرسل تحذيرات أساسية، خصوصاً أن خسارة الحريري نائب بيروتي جديد، ستمثّل مراكمة الخسائر للتيار.

هنا تنقسم وجهات النظر. البعض يعتبر أن المشنوق يجيد إيصال الرسائل واتخاذ الموقف لتحسين وضعيته. فالحريري الذي خرج من الانتخابات النيابية بأربعة نواب في بيروت الثانية وصفر نواب في بيروت الأولى، يعني أنه أكثر من نصف مقاعد العاصمة. وفي غمرة المطالبات السنية بالتمثيل الوزاري، فإن انفصال المشنوق سيكون مؤشراً سلبياً للتيار. وهذه يقرأها البعض بأنه نقطة يلعب المشنوق عليها لإثبات قوته وفعاليته. واستكمل ذلك في إشارات المقربين من المشنوق بأن هناك خلايا داخل تيار المستقبل تعمل على استهداف وزير الداخلية بحملات منظمة. البعض يحيل ذلك إلى صراع الأجنحة.

الأكيد أن الحريري مصرّ حتى الآن على النفضة الداخلية في التيار. وبعض المصادر تؤكد أن قرار حل الهيئات والمنسقيات الذي خرج إلى العلن هو الجزء البسيط من الإجراءات التي اتخذت أو ستتخذ. وتشير المصادر إلى أن القرارات غير المعلنة كثيرة وتصل إلى حدّ وقف أعمال كل الإطار التنظيمي للتيار، وتعطيل صلاحيات أشخاص نافذين وأساسيين. وهذا لن يعلن عنه حالياً وقد لا يعلن عنه أبداً. وسيبقى الإطار التنظيمي صورياً ومفرّغاً من أي صلاحيات، مقابل حصر الصلاحيات كلها بيد الحريري.

بعد أحداث 7 أيار 2008، ومرور التيار في أزمة مالية خانقة ما بعد انتخابات العام 2009، كان التوجه لإحياء الإطار التنظيمي أو لاتخاذ شكل الهيكلية الحزبية، وعقد المؤتمر العام في حينها. كان اللجوء إلى هذا التدبير لمواجهة الأزمة المالية، وضم الشباب والمؤيدين على قاعدة المبادئ والتثقيف السياسي، لكن الانتخابات وكل مراحلها وتداعياتها وما سبقها أثبتت عدم نجاعة هذا الخيار. ويبدو أن ما سيحصل مستقبلاً هو العودة إلى صيغة التيار ما قبل الإطار التنظيمي، وهو الارتكاز على المفاتيح والشخصيات الأساسية في المدن والبلدات، ليكون لها الفعل الأساسي في حركة التيار وسياستها، مقابل تهميش التنظيم.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024