عواصف رعديّة وسياسيّة تُطيح بتظاهرة الأحد

وليد حسين

الأحد 2019/01/06
كان من المقرّر أن ينظّم بعض الناشطين والمجموعات المدنيّة، أصحاب "السترات الصفراء"، تحرّكاً احتجاجياً ثانياً، بعد تظاهرة يوم الأحد 23 كانون الأول، للمطالبة "بسياسات تندرج جميعها تحت سقف العدالة الاجتماعية"، لا سيّما في ظلّ الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها لبنان، وبعد أكثر من سبعة أشهر على الإخفاق في تشكيل الحكومة. وكان هؤلاء الناشطون، قد دعوا إلى تظاهرة أرادوا لها أن تكون حاشدة، طالبين من المواطنين ملء الساحات "للضغط على جميع أركان السلطة لتحقيق المطالب".

العاصفة تهبّ مرتين
لكن العاصفتين الرعديّة والسياسية، حالتا دون توافق الداعين على وحدة المطالب، ما أدّى إلى إلغاء التظاهرة التي كانت مقررة اليوم الأحد 6 كانون الثاني في ساحة الشهداء. وجاء في البيان أنّ المجموعات ارتأت تأجيل التظاهرة إلى موعد يحدّد لاحقاً، كي لا يظنّ البعض أنّ هذا الإلغاء هو عزوف عن متابعة الحراك الشعبي، بل هدفه التحضير لأشكال جديدة من التحركات.

وكانت مجموعات السترات الصفراء وبعض الشخصيات المقرّبة من قوى الثامن من آذار وحزب الله وحركة أمل، قد تداولوا في تنظيم هذه التظاهرة، لكن الخلافات التي وقعت حول طبيعة المطالب المرفوعة، والجدال حول تسييس التظاهرة، حال دون توافقهم والمضيّ بالتحرّك. وحسب إحدى الناشطات التي أسست صفحة "قرفنا" على فايسبوك، والتي دعت إلى التظاهر، مجدولين لحّام، فقد ظهر من خلال الاجتماعات الكثيرة، وعمليات التداول المضنية بين المجموعات، بأن البعض يريد تسييس التظاهرة، والبعض الآخر يريد فقط المطالبة بتشكيل الحكومة، والبعض الآخر يسعى لتوحيد المطالب من دون أن يفلح في ذلك.

وأضافت لحّام في حديثها إلى "المدن"، أنه بينما تصرّ مجموعة السترات الصفراء على حصر المطالب بالشؤون الاجتماعية والاقتصادية، التي يعاني منها جميع المواطنين، اعترض بعض الناشطين على حصر المطالب بتشكيل الحكومة، كما يريد البعض، لا سيما أنه قد يفهم من هذا المطلب بأن التحرك سيكون موجهاً ضد طرف سياسي بعينه. أما الناشطون المقرّبون من حزب الله وحركة أمل، فرفضوا تحويل مطالب التظاهرات إلى مطالب سياسية، لأنهم في هذه الحالة يفضّلون البقاء إلى جانب تلك الاحزاب في العمل السياسي. لكن في الوقت نفسه، يرفض هؤلاء الأخيرون التعرّض للسياسيين، رغم كون هناك آراء بين الناشطين تصرّ على أن المطلوب أن يكون التحرك ضد جميع السياسيين، ليس بشخصهم وإنما بسبب سياساتهم.
وقد تزامنت هذه الخلافات مع هبوب العاصفة التي تضرب لبنان، ما يحول دون وصول العديد من الناس من المناطق البعيدة إلى بيروت. بالتالي جرى تأجيل التظاهرة إلى موعد يحدّد لاحقاً، وفق لحّام.

نخبويون؟!
وكانت هذه المجموعات قد تلقّت انتقادات من مجموعات الحراك المدني مثل "طلعت ريحتكم" و"بيروت مدينتي" وغيرها، بسبب وجود جهات داعية إلى هذه التظاهرة، محسوبين على فريق الثامن من آذار، وبأنّ تلك التظاهرات تقودها قوى تنتمي للطائفة الشيعية. وبالتالي دعت مجموعات الحراك المدني إلى تظاهرة يوم الأحد 12 كانون الثاني المقبل. في المقابل ترى مجموعات السترات الصفراء أن مجموعات الحراك المدني نخبويون ويريدون تحريك الشارع حسب أهوائهم. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024