هل يخضع دياب لتوصية نصرالله ويزور الأسد؟

منير الربيع

الجمعة 2020/05/15

اعتدنا مع حكومة حسان دياب تطبيق كلام أمين عام حزب الله وتوصياته بحذافيرها. لم تقدم الحكومة على اتخاذ قرار الإقفال والتعبئة العامة إلا بعد موقف علني من نصر الله طالبها بذلك!لم تقدم على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي إلا بعد توصية إيجابية من نصر الله أيضاً، على الرغم من رسمه لحدود معينة تتعلق بهذا التفاوض! مواقف متعددة ربطت إجراءات الحكومة بتوصيات من قبل حزب الله.

دياب إلى سوريا؟
قبل يومين، ركز أمين عام حزب الله في إطلالته الأخيرة على الملف السوري. اختصر نصر الله كل الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية والسياسية والتهريب، بوجوب التطبيع مع النظام السوري. وتلك معادلة تشبه إلى حدّ بعيد معادلة التوجه نحو الشرق، أو بمعادلة اقترحها كحل ذات يوم لأزمة الاقتصاد اللبناني وركزت على ضرورة فتح الحدود مع سوريا وتطبيع العلاقات والاستفادة من فتح معبر البوكمال لاستيراد المواد وتصدير المنتوجات.

عند كل أزمة مفصلية يفتح نصر الله ملف تطبيع العلاقة مع النظام السوري. أيام حكومة الحريري، كانت المحاولات كثيرة لفرض هذا التوجه. لكن الحريري لم يتنازل، فيما توجه بعض الوزراء إلى دمشق. اليوم يبدو الواقع قد تغيّر، حزب الله يحتاج لبذل كل جهوده وضغوطه، لتعبيد الطريق الرسمية بزيارة من قبل رئيس الحكومة إلى سوريا.

أي خطوة من هذا النوع، ستنعكس سلباً على لبنان، لا سيما أن سوريا ستكون في الشهر المقبل أمام استحقاق "قانون قيصر"، والذي سيعاقب كل المتعاونين مع النظام السوري. إذا ما عادت الأمور إلى طبيعة حسان دياب وشخصيته، فهو طبعاً يتحمس لزيارة سوريا وعقد لقاءات رسمية هناك، ربما بذلك يكسر العزلة العربية، التي كسرها ديبلوماسياً بعيد تكليفه بلقائه مع السفير السوري في بيروت، في وقت لم يلتق أي سفير عربي آخر. وهناك من يشير إلى ان بعض الكواليس السياسية تضج في مسألة ترتيب زيارة إلى سوريا، ولكن في المقابل هناك رسائل تحذيرية متعددة من مغبة الإقدام على مثل هذه الخطوة.

مصير الأسد 
بمضمون موقفه، أبدى نصر الله الاهتمام الاستراتيجي بالملف السوري وتطوراته. خصوصاً بعد كل ما يحكى عن تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، والحديث عن التحضير لمرحلة انتقالية،. وهي مسألة حتماً تقلقه مع إيران، خصوصاً في ظل ما يحكى عن تفاهم روسي أميركي تركي، سينعكس على أرض الواقع، بعد التطورات التي شهدها الملف العراقي بتشكيل حكومة مصطفى الكاظمي والقرارات التي اتخذها واعتبرت انقلاباً على إيران.

وهنا مكمن الصراع الحقيقي الذي يخوضه حزب الله وإيران في سوريا، عنوانه هل يبقى الأسد أم يرحل. طبعاً الجدل غير محسوم، لانه لم يتبلور أي اتفاق حتى الآن. جزم نصرالله أن ليس هناك أي تغيير للنظام، يرتكز على أن لا موقف روسياً علنياً يبدي استعداداً لرحيل الأسد. ومنطقياً، هذا الأمر لا يمكن أن يحصل حالياً، لأن التفاهم على المستقبل السوري لم يستكمل بعد. وبالتالي، لا يمكن لموسكو أن تقدم هكذا ورقة من دون أي سعر مرتقب حالياً.

نفوذ الحزب وإيران في سوريا 
استغل نصر الله واقعة أن هناك ميليشيات سورية موالية لإيران، فيما الوجود العسكري لحزب الله وإيران أصبح يرتبط بمستشارين وحسب. ولذلك، حاول وضع القوى الضاغطة في مواجهة مع الميليشيات السورية، وليس مع حزب الله وإيران. وطبعاً، الحزب وإيران عملا على تشكيل هذه المجموعات تحسباً لهذه المرحلة، وللاحتفاظ بمناطق ومواقع النفوذ. إنها المرة الأولى التي يتحدث فيها نصر الله على هذا النحو، حول اقتصار الوجود على "مستشارين" أو مدرِّبين، لا سيما عندما لمّح إلى أنه بعد انتهاء المعارك الأساسية في المدن الرئيسية، تم سحب العديد من المقاتلين من سوريا.

سابقاً، عمل نصر الله على الالتفاف على العقوبات الأميركية والضغوط، باقتراح الذهاب إلى الشرق والتوجه نحو الصين وإيران. فاستمر التدهور. وبالأمس، خرج نصر الله ليحدد عنوان مكافحة التهريب، قائلاً أن حله يكون بالتفاوض مع النظام السوري وتطبيع العلاقات معه. وهذا في السياسة يعني التلازم بين الملفين، وعلى جغرافيا متماهية يسيطر عليها حزب الله، ولها عنوانها السياسي. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024