حزب الله: ماذا بعد الزبداني ومضايا؟

منير الربيع

الخميس 2017/04/20

ماذا بعد انتهاء "ملف" الزبداني ومضايا في ريف دمشق، بفعل التهجير الذي حصل؟ بالتأكيد، إن الأمور لن تقف هنا، فحزب الله الذي كان يسعى إلى تحقيق هذا الهدف منذ دخوله في الحرب السورية، سيستكمل نشاطه العسكري لأجل تأمين حاضنته الجغرافية ومنطقة نفوذه الممتدة بين سوريا ولبنان، عبر تحصين العاصمة دمشق أكثر فأكثر، وضمان السيطرة بشكل أوسع على المناطق المحيطة التي ترتبط بلبنان، بما يوفّر له الاحتفاظ بخط الإمداد الإستراتيجي الذي يصله بإيران عبر سوريا والعراق.

قبيل إنجاز إتفاق "المدن الأربع" كان الحزب قد أبدى استعداداً للدخول في مفاوضات مع فصائل المعارضة المسلّحة في القلمون، وعرض عليهم الإنسحاب من جرود القلمون مقابل إعادة اللاجئين إلى عدد من القرى والمدن في تلك المنطقة. لكن المفاوضات توقّفت بعد رفض المعارضة ذلك. أما الآن فإنها قد تعود إلى التفعيل، سواء بالتفاوض السلس أو بالضغط عسكرياً لتحقيق الهدف الذي يريد حزب الله، عبر استنساخ وادي بردى والزبداني ومناطق أخرى في سوريا، تعرّضت لحصار عسكري أدى إلى إرغام العسكريين والمدنيين فيها إلى مغادرة أراضيهم وبسط الحزب سيطرته الكاملة عليها.

مهما توسع الحزب وابتعد في معارك على الرقعة السورية، إلا أن اهتمامه الأساسي ينصب على المنطقة الممتدة من الجنوب السوري وتحديداً القنيطرة والجولان، إلى ريف حمص شمالاً، وما بينهما من مناطق العاصمة وريفها ربطاً بالقلمون وجروده. يريد الحزب لهذه المنطقة أن تكون تحت سيطرته بشكل كامل ولا لبس فيه، ولا وجود لأي قوّة شاذة عن توجهه وإرادته. هذا المشروع يضع التطورات أمام احتمالين قد يعمل الحزب على العمل عليهما معاً. وهما زيادة الضغط على مسلّحي القلمون لإجبارهم على الإنسحاب من مناطق وجودهم إلى الشمال السوري، من جهة، ونقل العديد من مقاتليه إلى الجنوب السوري، وتحديداً إلى القنيطرة ودرعا، لأجل خوض معارك مع فصائل المعارضة بغية السيطرة على رقعة جغرافية أوسع، من جهة أخرى.

للقنيطرة ومناطقها أهداف إستراتيجية في حسابات الحزب، فكما كانت حاله مع القلمون وريف دمشق، نظراً لتقارب هذه المناطق مع الحدود اللبنانية الشرقية ومناطق نفوذه البقاعية. كذلك الأمر بالنسبة إلى القنيطرة وعدد من القرى، كبيت جن وجوارها، التي تقع على الحدود الجنوبية لمناطق الحزب. وهو يريد السيطرة عليها ليدمج الأراضي اللبنانية بالأراضي السورية. وكل ذلك يدخل ضمن "توحيد الجبهات" المصطلح الذي استخدمه الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله إثر إغتيال إسرائيل القيادي سمير القنطار، معتبراً أن الرد سيكون عبر الحدود المفتوحة بين البلدين، بعد سقوط مسألة الفصل بين الجبهات.

لم يعد من داع لإبقاء الحزب على عداد قواته الكبير في الزبداني ومحيطها، فبما أن "المنطقة أصبحت آمنة"، وفق مفهوم الحزب، يمكن الإحتفاظ بانتشار عسكري لوجستي عبر بعض الفرق لحماية مناطق النفوذ وتثبيتها. أما العدد الأكبر من المقاتلين فسيتم نقله إلى درعا التي تشهد معارك عنيفة حالياً مع فصائل المعارضة، خصوصاً أن لدى الحزب تخوفاً من التحركات الأميركية في المنطقة الجنوبية إنطلاقاً من الأردن. وهو يعتبر أن هذه التحركات تهدف إلى ضرب نفوذه هناك. بالتالي، هو يتحضَر للمعركة في تلك المنطقة، لأن تقدّم قوات المعارضة هناك، سيشكّل عاملاً تمهيدياً للتوسع أكثر، ولقطع الطريق الذي يربط سوريا بالعراق عبر البادية. وهذا الأمر الإستراتيجي الذي تروجه واشنطن، لقطع الإتصال الجغرافي الإيراني بسوريا ولبنان عبر العراق.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024