نتائج الانتخابات لم تخالف توقعات الشيوعي

وليد حسين

الأربعاء 2018/05/16
بدت النتائج التي حصل عليها مرشحو الحزب الشيوعي لافتة، ليس لناحية عدم توافقها مع التوقعات التي كانت قبل الانتخابات فحسب، بل لناحية تراجع الشيوعي في مناطق لطالما شكّلت معاقله الاساسية، والجنوب مثالاً. ففي دائرة الجنوب 3 حصلت لائحة "صوت واحد للتغيير" على 5895 صوتاً، علماً أن توقعات بعض القادة في الجنوب كانت تشير إلى حصولها على ما يفوق 10 آلاف صوت. خاض الشيوعي معركته شبه منفرد وحصلت مرشحته في مرجعيون- حاصبيا هالة أبو كسم على 1593 صوتاً، ومرشحه في النبطية علي الحاج علي على 2541 صوتاً، ومرشحه في بنت جبيل أحمد مراد على 1044 صوتاً، أي بمجموع 5178 صوتاً. ما يعني أنّ حلفاء اللائحة من منظمة العمل الشيوعي والقوميين السوريين رفدوا اللائحة فقط بـ717 صوتاً. أما في دائرة الجنوب 2 فقد حصل مرشح الشيوعي في صور رائد عطايا على 1382 صوتاً، علماً أنه كان من المتوقع أن يحصل على أكثر من 4 آلاف صوت. وهذا يسري على المرشحة سهام أنطون التي حصلت في دائرة بعلبك- الهرمل على 1123 صوتاً.

في حديث إلى "المدن" اعتبر عضو المكتب السياسي حسن خليل أن "الشيوعي ليس متفاجئاً بالنتائج التي حصل عليها، لكون القانون الانتخابي الذي فصّلته قوى السلطة على قياسها أعاد انتاج النواب أنفسهم والقوى السياسية ذاتها وان اختلفت بعض الوجوه. الأمر الوحيد المستجد الذي أتى به القانون هو ازدياد منسوب الخطاب الطائفي والمذهبي التحريضي الذي برز خلال فترة الانتخابات. بالتالي، لم يكن الشيوعي متوهماً بأن القانون سيؤدي إلى تغيير جدي في بنية النظام السياسي الطائفي". لقد كرّس القانون الحالة المذهبية، سواء أكان لناحية الدوائر الانتخابية أو لناحية الصوت التفضيلي. رغم ذلك، شارك الشيوعي في الانتخابات رغم قناعته بعدم امكانية تغيير موازين القوى السياسية على الأرض، كي لا يترك السلطة السياسية تجدّد لنفسها من دون أي مواجهة.

منذ البداية اعتبر الشيوعي أن الاستحقاق الانتخابي هو بمثابة معركة سياسية يخوضها إلى جانب قوى الاعتراض، التي افتتحها في حراك اسقاط النظام الطائفي في العام 2011، مروراً بمعارك هيئة التنسيق النقابية، ووصولاً إلى الحراك على أثر أزمة النفايات في العام 2015. بالتالي، الانتخابات كانت محطة لخوض المعركة ضد النظام السياسي الطائفي برموزه واحزابه وفساده، وفق خليل.

وضع الشيوعي ضوابط حول التحالفات الانتخابية وتجميع الأصوات من خلال العمل على تشكيل لوائح تضمّ قوى اعتراض وطنيّة وعلمانيّة لا طائفيّة، ونجح في خوض الانتخابات من خلال مرشحين في خمس دوائر ودعم مرشحين مستقلين في أربع دوائر. أما في الدوائر المتبقية فكان القرار بعدم الاقتراع للوائح قوى السلطة.

على مستوى دائرتي الجنوب وبعلبك الهرمل كان الشيوعي يطمح إلى أن يحقّق رقماً أعلى مما حصل عليه، لكن مستوى الخطاب السياسي المناهض لقوى الاعتراض العلمانية غير الطائفية من ناحية، وبروز أسباب عدّيدة، سيكشف عنها يوماً ما، لم تمكّنه من جمع كل المعترضين في لائحة واحدة. ما أدى إلى عدم تحقيق النتائج المتوقعة. ويلفت خليل إلى أن الشيوعي واجه في هذه الدوائر لوائح السلطة بوجهيها، أي قوى 8 آذار و14 آذار، رافضاً كل العروض التي قدمت له للدخول في لوائح السلطة.

هل دفع الشيوعي الثمن في ترك الحرية للجان المناطق عقد التحالفات الانتخابية التي تراها مناسبة لها، بمعنى أن هناك منظمات حزبية شاركت في لوائح تضمّ رموزاً مقرّبة من بعض قوى السلطة وأخرى أصرّت على عدم خوض الانتخابات مع تلك القوى في مناطق أخرى. ما  أفقد الحزب القدرة على التفاوض لعقد تحالفات انتخابية وتبادل الاصوات؟

بحسب خليل منطق الأمور يقول إن المنظمات الحزبية التي يقع على عاتقها تنفيذ القرار يجب أن تكون شريكة في اتخاذه. ولكون الحزب لا يعمل وفق منطق فرض القرار على المنظمات الحزبية، أجرى نقاشات مع المنظمات وجميع المعنيين، وعلى هذا الأساس خاض المعركة. لكن في الوقت ذاته، ينفي خليل وجود تحالفات انتخابية غير منسجمة مع خط الحزب السياسي، ولم يلجأ إلى تحالفات لها طابع مناطقي بالمعنى الضيق، بل جميع تحالفاته كانت مع قوى اعتراض لها طابع وطني. والبرنامج الانتخابي الذي خاض الحزب المعركة على أساسه كان واحداً في جميع المناطق.

أما في شأن مشاركة الشيوعي في لائحة "معاً نحو التغيير" التي ضمّت المرشح وسام الحاج المقرب من التيار الوطني الحر في صور- الزهراني، فيلفت خليل إلى أنّ الحاج ترشّح كشخص مستقل، لكن سلوك قوى السلطة في قرصنة المعارك التي لها وجهة سياسية واضحة جعلها تتبنى المرشحين على قاعدة أن الشخص المسيحي أو السني أو الشيعي أو الدرزي لهم مرجعيتهم في البلد وليسوا مواطنين أحراراً. هذا الأمر معطوف على بعض الاخطاء التي ارتكبها هذا المرشّح في إعلان قربه من التيار الوطني الحر، أدى إلى التباس لدى الناس. لكن الحزب غير مسؤول عن القرصنة التي قام بها البعض ورفض الحزب تصرفات الأخير وأعلن موقفاً رسمياً منه. زد على ذلك أن هناك ميثاق شرف وقع عليه جميع المرشحين على تلك اللائحة. ولكون القانون لا يسمح في تبديل أو تعديل اسماء المرشحين بقي الحاج في اللائحة وترك الحزب الخيار للشيوعيين في منح أو عدم منح الأصوات التفضيلية لغير المرشحين الحزبيين. بالتالي، صوّت معظم الشيوعيين للائحة من دون منح أي صوت تفضيلي، علماً أن الحزب لم يلتزم مع أي مرشح لمنحه أصواتاً تفضيلية، وفق ما يؤكّد خليل.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024