يوم برلماني طويل: تأجيل "العفو".. ومبارزات لفظية

أكرم حمدان

الأربعاء 2020/04/22

قبل نحو 52 عاماً اجتمع مجلس النواب اللبناني في قصر الأونيسكو، برئاسة صبري حمادة. وكانت الحكومة آنذاك برئاسة رشيد كرامي. وقد ناقش حينها وأقر مجلس النواب قانون العفو عن القوميين السوريين، الذين نفذوا انقلاب عام 1962 الفاشل.

واليوم ناقش مجلس النواب، برئاسة الرئيس نبيه بري، وحضور حكومة الرئيس حسان دياب، قانوناً للعفو يشمل بطريقة غير مباشرة أشخاصاً ينتمون لأحزاب مختلفة وتحت عناوين متنوعة.

وما بين العام 1968  و2020 اختلفت الشخصيات والقيادات وتغيرت الوسائل والأساليب، ودفع فيروس كورونا المستجد لتكرار المشهد بطريقة مختلفة.

الجلسة النيابية التي عقدت في قصر الأونيسكو قبل ظهر اليوم الثلاثاء 21 نيسان الجاري، لإقرار سلسلة مشاريع واقتراحات القوانين، شهدت المزيد من المواقف التي لم تكن لتتجاوز السقف المرسوم لها والإيقاع المضبوط الذي فرضه مايسترو المسرح في قصر الأونيسكو رئيس مجلس النواب نبيه بري.

إقرار 16 مشروع قانون
أقر المجلس النيابي في جلسته التشريعية النهارية التي تمتد لثلاثة أيام، 16 مشروع قانون من أصل 66 بنداً موزعة بين مشروع واقتراح مدرجة على جدول الأعمال.

وأعاد المجلس إلى الحكومة اتفاقية القرض مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية لتعزيز إنتاج المواشي بعدما سحب رئيس الحكومة حسان دياب المشروع، لتحديد آلية الصرف ودرسه.
كما أقر المجلس اتفاقية قرض مقدم من البنك الدولي للانشاء والتعمير لتنفيذ مشروع تعزيز النظام الصحي في لبنان بقيمة 40 مليون دولار يوزع منها لجهود مكافحة كورونا.
وأقر أيضاً اقتراح يرمي إلى تعديل المادة 61 من قانون الموظفين، لناحية رفع الحصانة.

أمن ودولار ووقاية
وانعقدت الجلسة التشريعية في قصر الأونيسكو وسط تدابير أمنية ووقائية مشددة "بسبب الأوضاع والمستجدات الراهنة".
وقال الرئيس برّي إن "الحرية لها حدودها. وترك الأمور هكذا من دون أن تتحول إلى محاسبة وقضاء وأمن بالنسبة لارتفاع سعر الدولار قد يدفع الأمور إلى التفاقم، فيجب أن يُتابع الصيارفة. وقد نستفيق على ارتفاع للدولار لدرجة لا يتحملها اللبنانيون". فيما لفت رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب إلى أن "هناك عدداً كبيراً من محال الصيرفة قد أغلقت. وكان هناك مخالفات يجب معالجتها. وهذا موضوع نعالجه، وهناك إجراءات جديدة سنقوم بها".

بدأت اعمال الجلسة التشريعية، عند الحادية عشرة والدقيقة الخامسة في قصر الأونيسكو، برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي خصص له كرسي الرئاسة على المسرح، محاطاً بأمناء السر والمقررين، فيما توزع النواب على المقاعد التي كتبت عليها اسماؤهم، مع ترك مسافات بينهم التزاماً بالتدابير الوقائية المطلوبة. وقد جلس رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب والأعضاء على مقاعد بالقرب من النواب.

برّي يستبق الجلسة
أكد برّي أن المجلس النيابي يعمل، "نعم يعمل، كرر، وهو مصر على القيام بدوره التشريعي ودوره الرقابي، على عكس ما يقال. أما التقصير في المشاريع والاقتراحات، فقد ناقشها المجلس، وربما أخّر بعضها إلى وقت لاحق ولو كانت تحمل صفة الاستعجال، بسبب التشابه بين هذه الاقتراحات والمشاريع، وحرصاً على الآراء خلال الجلسة. وحرص بري على توجيه عدد من الرسائل، منها في اتجاه  قصر بعبدا. وشطب من محضر الجلسة ما أثارته النائبة بولا يعقوبيان لجهة الأسباب التي وردت في رد قانون نفق طريق بيروت البقاع ومواصفاته. وقد لمح الرئيس بري إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، واعتبر أن هذا الأسلوب (أسباب رد القانون) هو أسلوب المستشارين وليس أسلوب الرئاسة.

"منظر مرعب"، قال الجميّل
وكذلك سجلت الجلسة في مستهلها اعتراضاً من النائبين سامي ونديم الجميل على وجود عناصر مدنية مسلحة.

إذ قال النائب نديم الجميل: "كأننا دخلنا إلى وكر ميليشيا وليس إلى جلسة، بسبب هذا الانتشار الأمني الكثيف والمسلح".

ورد الرئيس بري قائلاً: "من هم في الخارج قوى الأمن الداخلي.
فقال الجميل: "منظر مرعب".
وردّ برّي: "في الخارج قوى أمن داخلي، وداخل القصر عناصر حرس مجلس النواب".
ورفعت الجلسة عند الثالثة للاستراحة، لتستأنف عند السادسة مساء. ولم تسجل أية مبارزه أو أي سجال سياسي بين القوى والأطراف، ولاسيما بين المعارضة والحكومة. واكتفى المتدخلون بالنقاش التشريعي، مع إرسال رسائل سياسية، حين سنحت الفرصة لهم.

تأجيل قانون العفو
وربما كانت الجلسة المسائية المحطة هي بداية الاقتراب من الاقتراحات الأساسية، ولا سيما اقتراحي قانون العفو. وهناك صيغتان، واحدة مقدمة من كتلة التنمية والتحرير تناسب الرئيس بري، والأخرى مقدمة من كتله المستقبل بتوقيع النائبة بهية الحريري. ويجب العمل في الكواليس على إيجاد صيغة مشتركة وقاسم مشترك في إخراج قانون العفو من دون اعتراضات، ولا سيما من نواب كثر في التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وبعض النواب المستقلين.

وكانت الجلسة مختلفة من حيث الشكل والمضمون لجهه توزيع طريقه جلوس النواب داخل القاعة، ولجهه توزيع الكلام والمواضيع التي تمت مناقشتها.

وقد حضر الجلسة 109 نواب ورئيس الحكومة وأعضائها جميعاً، بينما جلس بعض الوزاراء في زاوية جانبية، بلا  أجهزة صوت ليشاركوا في الكلام. وهذا ما حصل مع وزير البيئة والتنمية الحضرية دميانوس قطار، الذي لم يفسح له مجال الكلام، ولم يشاهد وهو يطلب الكلام من تلك الزاوية الجانبية داخل قصر الأونيسكو. وكثيرة هي الملاحظات التي شهدتها هذه الجلسة. وفي المحصلة سيتابع مجلس النواب خلال الساعات المقبلة ما تبقى على جدول أعماله، وسط انقسام حول قانون العفو بالدرجة الأولى.

برّي – باسيل وفصاحة ختامية
وقد أسقط مجلس النواب صفة العجلة عن اقتراح قانون العفو العام وأحال كل الاقتراحات على اللجان المشتركة وإعطائها مهلة 15 يوماً لدراستها.

واعترض رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، على اقتراح العفو قائلاً: "الوباء لا يغطّي الجريمة ولا يجوز تمرير العفو تحت جنح الكورونا والسياسة العقابية تضعها الحكومة ونرفض مناقشة العفو بهذا الشكل".
ورد رئيس مجلس النواب نبيه بري على باسيل بالقول: "من حق المجلس أن يشرع وعندما يأتي المشروع من المجلس يكون اقتراحاً وعندما يأتي من الحكومة يكون مشروعاً".

وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال مداخلة في الجلسة التشريعية المسائية إن "المشكلة في لبنان، أن الأحزاب لم تحزب الطوائف بل الطوائف طيفت الأحزاب، وكفى دورانا حول الحقيقة، فالمجلس النيابي لم يستطع القيام بدوره الرقابي بسبب النظام الطائفي".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024