‎"لبنان القوي" منقسم.. وباسيل يلوّح بتكرار تجربة لحود-الحريري

جوزفين ديب

الثلاثاء 2020/10/20

تسمية سعد الحريري لرئاسة الحكومة أو عدم تسميته. تجيير أصوات تكتّل "لبنان القويّ" إلى رئاسة الجمهورية، أو الاكتفاء بعدم التسمية. خيارات لم تمرّ مرور الكرام في اجتماع التكتل الأخير.

‎ورغم أن قرار المجلس السياسي في "التيار الوطني الحرّ" محصور برئيسه جبران باسيل، إلا أن اجتماع التكتل، الذي يضم نواباً ووزراء، شهد اختلافاً في وجهات النظر. والجدال تمحور حول ضرورة الذّهاب إلى حكومة، ولو رئيسها سعد الحريري، لأنّ البلد لم يعدْ يحتمل الأزمات السياسية.

تخلل اجتماع تكتّل "لبنان القويّ"، الثلاثاء الماضي، معارضة عدد من النواب لخيار رئيس التكتل عدم تسمية الحريري. أو الأصح تضمّن بحثاً في ماهية الخيارات المتاحة للتكتل. فطرحت الخيارات التالية: تسمية سعد الحريري، أو عدم تسميته، أو إيداع رئيس الجمهورية أصوات التكتل.

‎وبينما كان باسيل متصلباً في موقفه الرافض لتسمية الحريري، طرح في أثناء النقاش عدد من النواب رأيهم المتباين حيال قرار باسيل. ومنهم من رأى أن لا وقت للخلافات الشخصية وسط ضيق الخيارات المتاحة أمام رئاسة الحكومة.

‎قال نواب لباسيل إنه "على رغم التجربة السيئة مع الحريري في الحكومات السابقة، إلا أنه لا بديل لدينا سوى التعاون لتأليف حكومة، وسط الانهيار الحاصل، لأن هموم الناس في مكان آخر". ومنهم من قال إنّ التكتّل لا يمكنه عدم تسمية الحريري ومن ثم مفاوضته لاحقاً على الحصص الحكومية. فالخيار الأمثل في حال عدم التسمية هو الانتقال إلى المعارضة، تماماً كما تفعل القوات اللبنانية. لكن انتقال تكتل "لبنان القوي" إلى المعارضة مستحيل تماماً في عهد الرئيس ميشال عون. والأجدى هو تسمية الحريري والتعاون لإنجاح الحكومة، "رأفة باللبنانيين".

انتهى النقاش بالعودة إلى الاتفاق على عدم تسمية الحريري، مع ترك الباب مفتوحاً أمام خيار إيداع رئيس الجمهورية الأصوات. لكن ماذا يعني إيداع رئيس الجمهورية أصوت النواب؟

في العام 1998 أودع عدد من النواب المسيحيين أصواتهم لدى رئيس الجمهورية آنذاك إميل لحود. حينها، رأى المرشح لرئاسة الحكومة الرئيس رفيق الحريري في ذلك مخالفة دستورية، فانسحب من التكليف. واليوم، يبدو أن الفكرة نفسها مطروحة لدى تكتل لبنان القوي، على أن تحسم في اليومين المقبلين.

‎يقول المقربون من التيار إنّ إيداع الأصوات رئيس الجمهورية ليس مخالفة دستورية، فما من نصّ يمنع ذلك. وبالتالي، ليس المقصود أن يعود الحريري ويرى نفسه أمام موقف أبيه عام ثمانية وتسعين، يوم اعتذر الرئيس رفيق الحريري، بعدما أودعت كتلة مسيحية أصواتها لدى الرئيس إميل لحود.

في المقابل لا يبدو فريق الرئيس سعد الحريري مستفَزّاً من خطوة كهذه. فهو يدرك أن هدف باسيل إحراجه لإخراجه. وعليه، استمر بترشيحه رغم تأجيل الاستشارات النيابية والشكوك حول دستوريتها. وهكذا سيستمر بترشيحه مهما بلغ حد الاستفزاز. فهو يدرك أنه سيصبح رئيس حكومة مكلّف بحوالى سبعين صوتاً وحوالى 19 صوتاً مسيحياً من كتل المرده والطاشناق والقومي والمسيحيين المستقلين.

يتّكل الحريري على الضغط الدولي، ليس دعماً له، بل دعم للإسراع بتشكيل حكومة عاجلة تنفذ المطلوب منها في السياسة والاقتصاد.

في المقابل، يجد رئيس الجمهورية نفسه محاصراً بفشل محاولات تقريب المسافات بين الحريري وباسيل، واستحالة تأجيل جديد للاستشارات النيابية لتسمية رئيس للحكومة. فهو يدرك أيضاً حجم الضغط الدولي الذي يواجهه، وسيواجه أضعافه إن اختار العرقلة أو المماطلة.. ليس فقط عبر الرسالة التي نقلها المدير العام للأمن العام عباس ابراهيم، بل عبر وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية مايك بومبيو، الذي اتصل بعون مساء الاثنين للحديث عن مساعدات أميركية للمتضررين من انفجار المرفأ، وعن ترسيم للحدود، من دون استبعاد أن يكون بومبيو عبّر عن رغبة بلاده بحكومة لبنانية عاجلة تواكب حجم المتغيرات في لبنان.

إذاً، الاستشارات النيابية باقية في موعدها الخميس المقبل. سيما بعد فشل كل مساعي الفرنسيين، ومساعي علاء الخواجه ونادر الحريري لتقريب وجهات النظر بين الحريري وباسيل. مع ذلك، فإن تكليف سعد الحريري الخميس لن يعني الإفراج عن الحكومة سريعاً. فالتيار الوطني الحرّ يرى في تشكيل الحكومة "حلفاً رباعياً" جديداً ضده، مختلف عن شكل التحالف الرباعي عام 2005.

هل سينسحب استرضاء الحريري للثنائي الشيعي ولوليد جنبلاط على المسيحيين؟ هذا هو السؤال الذي سيوجهه باسيل للحريري في الاستشارات مع الكتل النيابية بعد التكليف.

جواب الحريري يحدّد إذا كان سيبقى مكبلاً بتكليفه، أو يتمكن من تأليف حكومة بأسرع وقت ممكن، طالما يملك رئيس الجمهورية بالاشتراك مع رئيس الحكومة صلاحية توقيع مراسيم تشكيل الحكومة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024