مناورات التكليف والتأليف لإنهاك الحريري واستخفافاً بالانتفاضة

منير الربيع

الجمعة 2019/11/01

قبل الذهاب إلى الاستشارات النيابية الملزمة، يجري كل طرف سياسي مناورته. وفي هذه العملية يختلط الحابل بالنابل في لبنان: تسريبات تقابلها شائعات مضادة.

زعامة ومكائد
كل طرف يهدف الى تحسين شروطه. والرئيس سعد الحريري أول من  استعرض قواه في الشارع بمسيرات قام بها مناصروه في مناطق كثيرة. وهذه محاولة لإعادة تثبيت زعامته السنية، بعد استقالته من الحكومة، واستعداداً للاستشارات النيابية، وللقول إن الحريري هو الزعيم السني الأوحد، ويصعب على أي شخصية سواه القبول بتكليفها تشكيل الحكومة. هذا يعني أن الحريري يستدرج العروض، ويعمل على  فرض شروطه.

في المقابل يجري رئيس الجمهورية والوزير باسيل مناورتهما: لقاءات سياسية، ومواقف عاتبة، بل غاضبة على الحريري، بسبب إعلانه استقالة حكومته، من دون التنسيق أو الاتفاق على المرحلة المقبلة.

عون وباسيل يبتزان الحريري، ويحرقان أعصابه، بإيحائهما بإمكان اختيار بديل عنه. وفي هذا السياق، تظهر تسريبات عن زيارة شخصيات سنية قصر بعبدا. غاية عون وباسيل تعزيز شروطهما، وتكبيل الحريري لدفعه، كالعادة، إلى التنازل عن شروطه التي يصفونها بالدلع لإرضاء بيئته وبعض القوى الخارجية. ويلوح عون وباسيل باحتمال اختيار شخصية سنية غير الحريري، لحمله على الإقلاع عن شروطه، والعودة الى بيت الطاعة.

مناورات حزب الله
يرى حزب الله الأمور في إطار أوسع، أي إطار الصراع الدائر في المنطقة، والادعاء أن الحراك الذي إدى إلى استقالة الحريري هو أميركي، وهدفه كسر المقاومة، وأن الحريري استجاب لهذا الهدف. ومحاولة حزب الله اسقاط طائرة استطلاع إسرائيلية فوق النبطية، تندرج في لفت الانظار إلى إسرائيل، واستنفار بيئته وجمهوره ضد العدو، بدلاً من المشاركة في الانتفاضة.

وفي هذا الوقت، يتريث حزب الله في الاستشارات النيابية وفي قراره من سيختار لرئاسة الحكومة. هو يتقن الصمت في مثل هذه الأوقات، لاستدراج عروض من الجميع، حلفاء وخصوماً. هو يعلم أن الحريري راغب في العودة، فيلعب لعبة عض الأصابع، لإلغاء الشروط التي عمل الحريري على تسويقها.

يرى حزب الله أن المفاوضات والمناورات الأساسية تبدأ بعد الاستشارات النيابية، وتسمية رئيس الحكومة، التي - بالنسبة له- لن تكون المشكلة. فالأساس شكل الحكومة ومن تضم. وهذا يحتاج  إلى نفس طويل جداً، ومفاوضات شاقة. وحتى لو تمت تسمية الحريري بشروطه في التكليف، فإن حسابات التأليف ستكون هي الأصعب، وسيكون عامل الوقت فيها أساسياً لدفع الحريري إلى التراجع عن كل شروطه.

بري يريد الحريري
الرئيس نبيه بري موقفه واضح: تأييد تسمية الحريري لتشكيل الحكومة. ويعلم بري أن حزب الله وعون ليس لديهما خيار أفضل من الحريري، ليوفر الشرعية المحلية والدولية بعلاقاته الواسعة. خصوصاً أن الفرنسيين يتمسكون به، ربطاً بمؤتمر سيدر. أما التسريبات التي تتحدث عن تولي مقربين من الحريري رئاسة الحكومة، فجواب بري عليها واضح: الحريري أفضل ممن ينوب عنه، اختصاراً للطريق. وفي هذا الإطار، تم اللقاء بين الحريري والوزير علي حسن خليل، فبحثا في كيفية خفض الشروط والشروط المضادة، والذهاب إلى اتفاق على تشكيل حكومة تضم سياسيين وتكنوقراط، ترضي الناس والمجتمع الدولي.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024