الرئيس عون يدق على صدره في كازينو لبنان

خضر حسان

الثلاثاء 2017/04/11
أقفل التوافق السياسي، خصوصاً بين حركة أمل والتيار الوطني الحر، ملف الفساد في كازينو لبنان، والمتضمن ملفات سرقة المازوت، والتوظيفات الوهمية، والإستنسابية في توزيع المخصصات لمجلس الإدارة وضخامة أحجامها. بالإضافة الى الملف الأبرز، وهو حجب مجلس إدارة الكازينو الحسابات المالية للشركة منذ العام 2011. وقد طوى التوافق صفحة مجلس الإدارة القديم الذي كان يترأسه حميد كريدي، المحسوب على رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، عبر انتخاب مجلس جديد برئاسة رولان خوري، المحسوب على التيار، وعضوية رئيس مجلس إدارة شركة إنترا التي تملك 52% من أسهم الكازينو، محمد شعيب، المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه بري. وذلك أثناء انعقاد جمعية عمومية للكازينو الإثنين 10 نيسان.

الجمعية العامة شرّعت تغيير مجلس الإدارة. بالتالي، إنتقال الكازينو الى مرحلة إدارية جديدة كان رئيس الجمهورية ميشال عون، قد عبّر عنها سابقاً من خلال تأكيده ضرورة محاربة الفساد في الكازينو، وشركة إنترا. وهذا الإنتقال ترافق مع قرار للجمعية العامة، بـ"ربط إبراء ذمة رئيس وأعضاء مجلس الإدارة القديمة، بنتائج التحقيقات الجارية في ملفات لها علاقة بالكازينو". والربط بنظر وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني، هو "مدخل كي يأخذ الحق مجراه في التحقيقات القضائية".

التحقيقات القضائية التي مُنع كريدي من السفر قبل إنهائها، بموجب قرار للمدعي العام التمييزي سمير حمود، ستسلك منعطفات تخفي وراءها كثيراً من المتورطين، ومبالغ مالية ضخمة، من المستحيل الكشف عنها، لأنها ستؤدي إلى كشف "رؤوس كبيرة في الكازينو". وفق ما تقوله مصادر في الكازينو لـ"المدن".

هذه الرؤوس "غطّت على مدى سنوات، ملفات الفساد التي لم يجرِ الإقتراب منها إلا مع نضج طبخة سياسية تقضي بتصفير عدّاد الفساد ورمي المسؤولية على كريدي ومن يدور في فلكه". ووجود صفقة سياسية تسعى لتجديد ملف الكازينو، لا يعني تبرئة كريدي كلياً، بل يؤكد وجود "منظومة فساد كاملة، لم يجرِ تطهيرها اليوم. أي أن الفساد لم ينتهِ، بل جرى تجديد صورته، وتصفير حساباته، بطريقة تشبه تصفير حسابات الخزانة في العام 1992، وبعدها حكمت البلاد الطبقة السياسية نفسها التي أدارت الحرب". على أن التصفير، "اتخذ شكل التحقيقات القضائية، في بلد يعرف الجميع معنى إنتظار التحقيقات فيه، خصوصاً تحقيقات مغطاة سياسياً".

لكن تويني يرفض "إستباق التحقيقات، وإطلاق الإتهامات"، وبرأيه، فإن "الدولة تلاحق حقّها في القضاء". أما عن وجود شعيب، في مجلس إدارة الكازينو، وهو المسؤول عن شركة متهمة بالفساد، فيقول تويني إنه "من الممكن أن اعضاء في مجلس إدارة الكازينو، يتلقون تقارير غير صحيحة عن الحسابات المالية في الكازينو. والمتهم بريء حتى تثبت إدانته".

من الواضح أن الإتفاق السياسي على تغيير مجلس الإدارة السابق، وقرار ربط حصوله على براءة ذمة بنتائج التحقيقات، يعني بأن البت في مسألة كريدي ستطول، "وعلى الأرجح لن يوجّه لكريدي أي إتهام مباشر. فالهدف ليس إدانته وإنما إزاحته عن منصبه وإنهاء ما تبقى من عهد سليمان في الكازينو". تضيف المصادر أن "إدانة كريدي قضائياً تستوجب جر كثير من الشركاء في مجلس الإدارة. وهذا ما لا تريده أي جهة سياسية عملت على طي الصفحة السابقة لمجلس الإدارة".

وتربط المصادر بين ما جرى في الكازينو، وما جرى للمدير العام السابق لهيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف، الذي كانت إزاحته عن منصبه سبيلاً لتمرير صفقة سياسية. لكن المسار القانوني مُجمّد فعلياً". فالطبقة السياسية بعد بدء "العهد الجديد" كانت بحاجة إلى سلسلة من التغييرات الضرورية لرسم صورة مغايرة عن صورة عهد ميشال سليمان، لكن دون المس بالمكتسبات والفضائح.

المجلس الجديد لإدارة كازينو لبنان يضم ممثلين عن حركة أمل وتيار المستقبل والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي، وهي الجهات السياسية نفسها التي تمثلت في المجلس القديم. فهل ستفتح هذه الأحزاب دفاتر مجلسها القديم، أو ستقبل بحكم القضاء ضد شخصيات أمّنت لها التغطية السياسية داخل الكازينو؟

رئيس الجمهورية "دق على صدره" معلناً متابعة الملف حتى نهايته، مصوباً على الكازينو وإنترا. لكن، قبل ذلك، على الرئيس أن لا يغفل عن غفوة الملفات في أدراج القضاء.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024