عودة الحريري وباسيل.. وهيا بنا ننتقم من "الإيكونوميست"

المدن - لبنان

الأربعاء 2019/10/09

الحال الاقتصادية الصعبة وحلولها الأصعب تدفع اللبنانيين إما للقنوط أو للمكابرة. أما السياسيون فهم موزَّعون بين من يسوّق الآمال الضئيلة بعد تضخيمها، ومن يروّج الاحتجاج والاعتراض سبيلاً للبروز والدعاية.   

والحال أن رفض الواقع والتعالي عليه، أو العجز عن مواجهته يدفع أحياناً إلى البحث عن كبش فداء، أو الاستكانة لنظرية المؤامرة أو رمي المسؤولية على الغير، أو على الإعلام أو على الصيارفة أو على "جشع التجار"..إلخ.

ضد "إيكونوميست"
على هذا النحو مثلاً، يمكن فهم خطوة مجموعة من المحامين اللبنانيين (خليل قباني، رامي عيتاني، محمد دوغان، سنا الرافعي ومرهف عريمط)، التي تقدمت بإخبار أمام النيابة العامة التمييزية ضد مجلة "the economist" الاقتصادية العالمية، لنشرها مقالاً تتحدث فيه عن وضع لبنان الاقتصادي السيء، واحتمال تعرضه للإنهيار، مرفقاً بصورة للعلم اللبناني مفككاً والأرزة تسقط منه.

وقد اعتبر المحامون في إخبارهم أن ما أقدمت عليه المجلة يضر بالسمعة والمكانة المالية للدولة اللبنانية، ويحقّر العلم والأرزة اللبنانية، مطالبين بمنع دخول العدد المتضمن للمقال المشار إليه وسحبه من الأسواق إن وُجد، وذلك سنداً إلى المادة 50 من قانون المطبوعات!

لا نعرف إن كان علينا الخوف أم الاستخفاف بهذه الواقعة. الخوف من هذا الميل للثأر من الصحافة التي تكشف الحقيقة، أم الاستخفاف بهذه الغيرة على الأرزة في رسم كاريكاتوري. والعدد المذكور من المجلة "المرجعية" في عالم الصحافة الاقتصادية صدر في 30 آب الماضي. ويبدو أن هؤلاء المحامين اللبنانيين لديهم نظرية اقتصادية مختلفة عن كل تقوله الحكومة ومصرف لبنان وخبراء الاقتصاد. وربما كان هؤلاء المحامون ليسوا قادرين (ونحن نتفهم ذلك) على تقديم إخبار مثلاً بقضية فساد واحدة بما ينفع الاقتصاد و"السمعة والمكانة المالية للدولة اللبنانية" حسبما قالوا في إخبارهم، أو ربما أراد المحامون عبر الاقتصاص من "الإيكونوميست" تربية الإعلام اللبناني نفسه، على ما أظهره طاقم قصر بعبدا في الأيام الأخيرة. على كل حال من المثير ترقب ما ستكتبه "الإيكونوميست" (إن أعارت الموضوع أدنى أهمية) عن هذا الإخبار وعن حمية المحامين الغيورين على سمعة بلدهم العطرة.

الحريري متفائل بالإمارات
بعيداً عن هذه الواقعة، كان رئيس الحكومة سعد الحريري على أهبة العودة إلى بيروت، بعد زيارة إلى الإمارات، ضمن مسعى البحث عن "مساعدات" تنقذ لبنان من خطر الانهيار الذي أشارت إليه "الإيكونوميست".  

فقد أكد الحريري أنه "يعود إلى بيروت ولبنان كله مدعوم من دولة الإمارات، وليس سعد الحريري، لأن الإمارات تريد للبنان أن يكون معافى وأن يعيش اللبنانيون بشكل جيد"، كاشفاً أن "هناك وعداً من الإماراتيين باستثمارات ومساعدات مالية للبنان، والعمل جار لحصولها".
كلام الحريري جاء خلال دردشة مع الصحافيين أجراها قبيل مغادرته العاصمة الإماراتية عائدًا إلى بيروت، حيث التقى ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وترأس الوفد اللبناني إلى المؤتمر الاستثماري اللبناني-الإماراتي.
وأشار الحريري إلى أن "العمل لا يزال جارياً مع الدولة الإماراتية من أجل دخولها في استثمارات في لبنان"، وقال: "عقدنا اجتماعات مع الجانب الإماراتي من أجل التعجيل في الاستثمار في لبنان، كما شرحنا لهم ما نخطط للقيام به خلال الأعوام القليلة المقبلة من إصلاحات وأمور أخرى لها علاقة بالموازنة والكهرباء وغيرها، كما نبحث في كيفية مساعدتهم لنا مالياً. الجو إيجابي جدا في هذا الاتجاه، ونحن من جهتنا علينا أن نقوم ببعض الأمور من أجل تشجيعهم على القدوم إلى لبنان والاستثمار فيه. وقريباً إن شاء الله سنسمع أخباراً جيدة في ما يخص الاستثمار ودعم لبنان واقتصاده".
واستطرد: "إننا نجري عملية التفاوض، ولذلك أدعو إلى أن نبقى في الجو الإيجابي، خصوصاً أن الخطوة الأصعب بالنسبة إلى الإماراتيين كانت رفع حظر سفر رعاياهم إلى لبنان، وقد تمت".

حاصباني: التنفيعات السياسية
أشار نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني إلى أن "هناك أكثر من 90 مؤسسة عامة، وفي كل منها بمعدل 4 إلى 5 أعضاء في مجلس الإدارة، أي حوالى 450 شخصاً يتوظفون في مراكز شرفية وتنفيعات سياسية، أضف إلى الجسم الإداري لكل مؤسسة. أي نحن أمام جيش من الموظفين في مؤسسة لا تتدخل الحكومة في إدارتها، ولها استقلالية مادية أيضاً. وقال: إذا كان بعض هذه المؤسسات العامة لا يؤمن استقلاليته المادية، وهو في عجز، وقسم منه غير مرتبط بوزارة المال، فيجب أن تكون هذه المؤسسات إما تابعة للقطاع الخاص بشكل كامل، وإما ضمن الوزارة برقابة كاملة أو لا حاجة لها".

باسيل ما زال باسيلاً
اعتبر رئيس "التيار الوطني الحر"، وزير الخارجية جبران باسيل، بعد الاجتماع الأسبوعي لتكتله "القوي"، أن "الفرق بين الموازنة السابقة وهذه الموازنة أننا كنا نطالب بالإصلاحات، واليوم نطالب بإصدار الموازنة بسرعة. لكن لا يجوز إصدارها إذا لم تصدر معها الإصلاحات المناسبة"، وقال: "إننا مجبورون أن نحقق هذه الإصلاحات، ومنها الكهرباء والهدر. وهذه الاجراءات تعطي نتيجة فعلية".

وأكد باسيل "إننا نريد أن يطال الإصلاح كل شيء من دون حمايات ومن دون امتيازات. ومن الممكن أن يكون هذا الوجع والألم الاقتصادي مناسبة لتصحيح التراكمات"، مشيراً إلى أنه "عندما يطال الإصلاح السياسيين وحصصهم يمكن بعدها أن يطال المواطنين. وعندما يطال كل موظفي القطاع العام بالشكل اللازم، عندها يمكن القول إننا سنطال العسكريين والقضاة وغيرهم".

وشدد على أن "اللبنانيين من حقهم ألا يصدقوننا ويرفضوا التضحية".
وأعلن باسيل: "التنفيذ يجب يبدأ اليوم، فإذا وجدت النية السياسية والأفكار يجب أن يبدأ التنفيذ، نحن نطلق اليوم باسم التكتل حملة "نفذ"، والناس ترى أننا نعمل ليلاً ونهاراً ونخرج بقوانين وقرارات، وبدل التلهي بالكلام، علينا الذهاب إلى العمل".
وسأل باسيل: "هل حملة الشائعات والاستهداف هي البديل، أو أن نريهم العمل الجدي والإنجاز الفعلي، وإلا سنستيقظ كل يوم على تبعات المؤامرة الاقتصادية التي يتعرض لها لبنان"، لافتاً إلى "إننا مدعوون إلى أن نلتقي في 13 تشرين ونحقق الغايات التي استشهد من أجلها الشهداء، واجتماعنا المركزي هو من أجل أن يفهم الجميع من نحن وما هو موقعنا. ومن خرج من تحت تراب 13 تشرين باستطاعته أن يخرج من تحت تراب الوضع الاقتصادي الصعب".
وختم كما يجب على باسيل أن يختم: "نقول لمن يتحرك في الشارع إننا نحن أيضاً لدينا شارع وسننزل في 13 تشرين، وليصوبوا في الاتجاه الصحيح. فنحن من نحمل القضية منذ اليوم الأول".
نأمل أن ينتبه مراسل "الإيكونوميست" لمعاني ذكرى 13 تشرين وأثرها العظيم على الاقتصاد والإصلاح.. والكهرباء وبواخرها، وما شابه.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024