الفاشية المسلحة ووالدة ديما صادق

يوسف بزي

السبت 2019/11/16

"الممانعة" المهووسة بالتشنيع الأخلاقي لخصومها، وتدعي لنفسها احتكار الفضيلة والإيمان والاستقامة، هي للمفارقة لم تمارس سوى السفالة في مخاطبة خصومها. والقذارة التي يحاولون إلصاقها بالآخرين، ترغي بأفواههم، تنضح من وجوههم، تلمع في نظراتهم، تنز من سبابة تهديدهم ووعيدهم.

لم تفلح كل حملات التسفيل التي تنبثق من مخيلتهم البورنوغرافية (سمة المتشددين والمتعففين) في إخضاع وتحطيم صورة ديما صادق وسمعتها، ومثيلاتها من النساء البارزات الآن أو الشابات اللواتي يتقدمن اليوم في طليعة الثورة المدنية.

"سفورهن" المرعب، طلاقتهن، ثقتهن بكينونتهن، فرديتهن، سلميتهن، حريتهن التي هي شرط حريتنا وتحررنا، هو الذي يصدع منظومة الإخضاع والسيطرة والقمع المسلح. بل رقيهن و"ضعفهن" الفعال كقيمة إنسانية، هو الذي يستشيطهم غضباً وحقداً، إذ يعاكس أصل نظرتهم للبشر وعلاقاتهم وحقوقهم.

في السنوات القليلة الماضية، باتت ديما صادق "هدفاً" مفضّلاً لـ"الشبيحة" الشغوفين والمتمرسين بتشويه السمعة. حملات متواصلة لا تتضمن سوى ما يعتمل في نفوسهم أصلاً، أي هي كاشفة عن دواخلهم المريضة بوساوس شيطانية يكابدونها بغلواء وتزمت ممضٍّ ومعذِّب لأرواحهم المرهقة.

لم تفلح الافتراءات الفاحشة بحق هذه الإعلامية سوى بإجبارها على عدم التخلي عن شجاعتها، وبمكابدة ضعفها، وبالتعالي الصعب والمؤلم على الخدش اليومي لسمعتها. لم يخطر ببالها أن الوضاعة ستصل إلى الاعتداء المتواصل والمحموم على والدتها الثمانينية واقتحام هاتفها يومياً بأقذع التهم والافتراءات حتى أصابوها بجلطة دماغية أدخلتها الغيبوبة. لم تتخيل ديما صادق أن بوسعهم التمادي في الدناءة حتى أكثر من عصابات المافيا التي تعلن في "ميثاق شرفها": إلا الأطفال والنساء.

لا تفعل "الممانعة" وأسلحتها وأحزابها بالبلاد سوى ما فعلته بوالدة ديما صادق وعلاء أبو فخر. أما تقعدنا مصابين بجلطة القهر واليأس والغيبوبة، وإما تغتالنا وتقتل مستقبل أبنائنا.

ليس لأتباع "الممانعة" سوى لغة تحقيرنا وترهيبنا وهتك كرامتنا وتخويننا. لا يقترحون علينا سوى معايشة الخوف ومضغه. بل لا يقترحون على أنفسهم وعلى العالم سوى الكراهية والعنف وازدراء الحياة وتنصيب البغض والحقد أصلاً للاجتماع والسياسة.

لماذا ديما صادق؟ ليس لأنها استثناء، بل لأنها تشبه كل النساء اللبنانيات التواقات الآن لمواجهة الفاشية. وأكثر ما تمقته فاشية "المقاومة" (وحزبها وحلفائها وأتباعها) هو النساء اللواتي خرجن عن الخضوع لذكورية السلطة وذكورية السلاح وذكورية اللغة وذكورية القيم.

وعلى هذا كله، أي مقابلة الجبروت المسلح بإمرأة ثمانينية، تظهر تفاهة الشر المتأصل في عبّاد القوة المتشدقين بـ"الشرف" و"الكرامة".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024