حزب الله ضعيف الأثر في الانتخابات الإسرائيلية

سامي خليفة

الجمعة 2019/04/05

مع اقتراب موعد الإنتخابات الإسرائيلية في 9 نيسان الحالي، لا يحتل ملف لبنان وحزب الله حيزاً مهماً في التراشقات الانتخابية الأخيرة بين أبرز المتنافسين، حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو، وحزب "كاحول لفان" برئاسة الجنرال بيني غانتس. فالمواضيع الأساسية لاستقطاب الناخبين تتمحور حول الأوضاع الداخلية، والخطر الداهم الآتي من غزة.

أولويات الشارع الإسرائيلي
دأبت وسائل الإعلام الإسرائيلية، منذ فترة، على التركيز على خطر حزب الله. ونقلت عشرات التقارير والتصريحات، التي تشرح خطر الحزب على الدولة العبرية. لكن شهدنا منذ أواخر آذار الماضي تراجعاً في الاهتمام بالملف اللبناني، مع الإشارة بأن أولويات الشارع الإسرائيلي تركز على مستويات الفقر، التي قفزت في السنوات الأخيرة، حين بات 24 في المئة من سكان إسرائيل تحت خط الفقر. يُقابل ذلك، ارتفاع في أسعار الغذاء وإيجارات المساكن، في حين أن الأجور منخفضة، بالنسبة للغالبية العظمى من القوى العاملة.

كما هو الحال في الانتخابات الإسرائيلية السابقة، لا يزال الأمن يمثل أولوية للجمهور الإسرائيلي. وعلى الرغم من أن الدولة العبرية لم تشهد عملية عسكرية طويلة منذ حرب 2014 مع حماس في غزة، إلا أن الصواريخ الثلاثة التي أُطلقت من غزة على تل أبيب الكبرى، خلال الأسبوعين الماضيين، جعل خطر غزة يتقدم على القلق من الجبهة اللبنانية.

عندما ينتخب الإسرائيليون رؤساء حكومتهم، فإن المعيار الأهم يكون إذا كانوا مؤهلين للتعامل مع البيئة الأمنية، مع حماس في الجنوب، لبنان من الشمال، سوريا والضفة الغربية. لكن الكفاءة الأمنية ليست معرضاً للنقاش في هذه الانتخابات، لأن تحالف "أزرق - أبيض"، الذي بات يشكل تهديداً حقيقياً لليمين، ونشأ مؤخراً عن اتحاد حزب "حصانة إسرائيل" (وسط)، و"هناك مستقبل"، المنافس الرئيسي لحزب الليكود، يرأسه ثلاثة رؤساء أركان سابقين في الجيش الإسرائيلي. كما أنه لا يوجد فارق أيديولوجي حقيقي في الطريقة التي يتعامل بها المرشحون مع إيران وسوريا وحزب الله في لبنان.

حملة نتنياهو
على الرغم من توالي الشبهات بتورط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قضايا فساد، بالتزامن مع اقتراب الانتخابات العامة، التي يعقبها مداولات قانونية قد تستغرق شهور طويلة، قبل قرار تقديمه للمحاكمة. فإن آخر الاستطلاعات أظهرت بوادر تحول في قوة حزب الليكود برئاسته، وارتفاع عدد المقاعد التي يحصل عليها، مقابل تراجع قوة حزب "كاحول لفان".

استخدم نتنياهو، خلال الأشهر القليلة الماضية، ملف لبنان بشكلٍ مكثف لحملته الدعائية. إذ قام بتصوير ما اعتبره انجازاً في الكشف عن مشروع إيران الصاروخي في لبنان، وصولاً إلى موضوع الأنفاق على الجبهة اللبنانية، وما تبعه من تسريبٍ لتفاصيل سرية تُظهر، حسب وجهة نظرة حملته الانتخابية، مدى الجهد الذي يبذله نتنياهو للحد من مخاطر الحزب الأمنية.

إلا أنه على أعتاب الانتخابات، بدأت حملة نتنياهو تركز أكثر على قضية الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، وعلاقة نتنياهو الوثيقة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي صنعت إنجازاتٍ للدولة العبرية، كان آخرها الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.

تحالف "أزرق - أبيض"
لا يختلف رئيس أركان الجيش الأسبق، بيني غانتس، مع نتنياهو في مقاربة موضوع حزب الله، فقد كرر غانتس غير مرة، بأنه يرى الحزب كأخطر منظمة إرهابية في العالم، منتقداً سلوك نتنياهو الحذر تجاه لبنان، وعدم اتخاذ تدابير أكثر قساوة.

لكن الدواعي الانتخابية، واحتدام الصراع مع غزة، حتّم على غانتس ترتيب أولوياته، فقد بان انتقاد نتنياهو على فشله في غزة هو محور الاهتمام الأول، مع عدم الالتزام بإيجاد طريق للخروج من المأزق الإسرائيلي الفلسطيني، واستبعاد أي شراكة مع الأطراف العربية. وفي الواقع، يبدو أن حملة غانتس تتبع نتنياهو إلى اليمين - بل وتستخدم قتل الفلسطينيين كدليل على صلابة الجنرال السابق.

في عام 2006، عندما اندلعت الحرب في لبنان، كانت الصواريخ تتساقط على المدن الإسرائيلية. وكانت الخسائر الإسرائيلية تتصاعد. لذلك، بحث الجنرالات الإسرائيليون عن بعض الأدلة على النجاح. لقد وضعوا في الاعتبار "صورة النصر"، وهي صورة رمزية لساحة المعركة تمثل أفضل القيم للهوية الإسرائيلية (الشرف والشجاعة والمرونة) وتشير إلى أن الجيش الإسرائيلي كان يفوز. وفي نهاية المطاف، تم العثور على صورة النصر لجندي، مشوش وجريح، ويعطي علامة النصر وهو متمدد. والملفت في حملة غانتس أنه أعاد استخدام الأفكار ذاتها في حملته، للترويج لنفسه عندما كان يقود الجيش الإسرائيلي في غزة، بأنه القائد القادر على الحسم والمواجهة، من خلال فيديو ترويجي لحملته تحت شعار "الأقوياء فقط هم المنتصرون".

ما بعد الانتخابات
طبعاً، ستشهد مرحلة ما بعد الإنتخابات عودة الاهتمام المكثف بالملف اللبناني. فإذا استطاع غانتس الفوز سيعود ليتناول الصراع مع الحزب كأولوية أمنية. أما إذا تمكن نتنياهو من الاحتفاظ  بمنصبه، فإنه سيواصل سياسته التي اعتدنا عليها، بتقديم خطر إيران وحزب الله على كل شيء آخر. وسيستغل علاقته القوية بالإدارة الأميركية الحالية، لتحصيل المكاسب على الساحة اللبنانية، وفرض المزيد من الضغوط.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024