الطريق إلى دمشق: ميقاتي يختار المسار الأردني

منير الربيع

الأربعاء 2021/10/06

لا بد للبنان من مراقبة التطورات الطارئة بين بعض الدول العربية وسوريا. دشّن الانفتاح الأردني على دمشق طريقاً سياسياً جديداً في المنطقة، لا سيما بعد الاتصال بين رئيس النظام بشار الأسد والملك الأردني عبد الله الثاني. لبنان، ومنذ تشكيل الحكومة، يعمل باحثاً في كيفية إعادة العلاقات مع سوريا، واستكمال المسار الذي ابتدأته حكومة حسان دياب. ويعتبر ميقاتي نفسه مدعوماً من الأردن. وهو قبل نجاحه بتشكيل الحكومة، كان يراهن على فحوى زيارة الملك عبد الله إلى واشنطن ولقائه الرئيس الأميركي جو بايدن. وحسب ما تشير المعلومات، فإن ميقاتي طلب في الفترة الأخيرة من نائبه سعادة الشامي القيام بتنسيق دائم مع الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري، نصري الخوري. وهذا مؤشر بحدّ ذاته على مسار العلاقة.

الأردن والأسد
من ناحية الشكل على الأقل، يبدو أن الأردن هو المبادر إلى مثل هذه الخطوات، وبناء على تنسيق مع الإدارة الأميركية. خصوصاً أن الملك عبد الله الثاني هو الرئيس العربي الوحيد الذي التقى الرئيس الأميركي جو بايدن. وهناك من يعتبر أن أميركا تهتم إلى حدّ بعيد بالوضع في الأردن. وكل الاتفاقات التي تحصل، هدفها استفادة عمّان من مردودها المالي، خصوصاً من خلال اتفاق تمرير الكهرباء الأردنية إلى لبنان والغاز المصري. وهو ما يحتم تنسيقاً مع دمشق. يضاف ذلك إلى حجم تصاعد العمل على خط التنسيق السوري مع الدول العربية. فبعض الدول العربية التي تبدي حماستها لذلك، تعود إلى فكرة قديمة طرحت سابقاً، وهي أن تجديد العلاقة مع النظام السوري هدفه تطويق النفوذ الإيراني وإضعافه. ولكن كل هذه التجارب حتى الآن أثبتت فشلها، خصوصاً أن إيران كانت حاضرة بقوة بكل مفاصل البنية السورية سياسياً ومؤسساتياً وأمنياً ومالياً وجغرافياً وديمغرافياً.

ثمة سؤال آخر يُطرح، وهو ما مدى قدرة بشار الأسد على التمايز عن الموقف الإيراني؟ وهل هذه الفكرة مطروحة في الأساس؟ الوقائع تشير إلى أن الأسد يفتقد لكل مقومات السيطرة على الوضع السوري العام، لا في الجوانب الأمنية والعسكرية ولا في الجوانب المالية والاقتصادية. فيما الأزمات تتفشى في المجتمع السوري بشكل عمودي وأفقي. وهو واقع أصبح الوضع اللبناني يشبهه إلى حدّ بعيد.

السياسة الخليجية 
أما بحال كان الانفتاح على دمشق من بوابة التسليم بالانتصار الإيراني في سوريا، كما كان هذا الإنتصار في لبنان، فيعني أن أي دعم سيتلقاه النظام السوري سيكون عبارة عن توفير دعم للنفوذ الإيراني على الأراضي السورية. وهو بحد ذاته سينعكس على الوضع في لبنان، والذي يستعجل حزب الله فيه إعلان انتصاره. وهنا يظهر الموقف الخليجي الواضح برفض التعاطي مع الملف اللبناني وإدارة الظهر له، وعدم الموافقة على تدفق أموال واستثمارات إليه، وبالتالي، عدم تغيير هذه السياسة يعني غياب البدائل العربية، وتأكيداً على رفض النفوذ الإيراني.. إلا إذا كان هناك وجهة نظر جديدة تُطرح وتتعلق بأن يتم تكريس الاعتراف بالنفوذ الإيراني في لبنان وسوريا معاً، مقابل تحسين الوضع في ملفات معقدة أكثر، لا سيما الوضع في اليمن، والبحث عن تسوية هناك. وهنا لا بد من الدخول إلى مسار الحوار الإيراني السعودي في العراق، وإمكانية البحث عن مقايضات. وهنا، لا بد من التذكير أن تحريك الإيرانيين للحوثيين في اليمن تصعيدياً حصلت في أعقاب استشعار الخناق الكبير في سوريا، فكان فتح ملف اليمن نوعاً من الردّ على الاختناق في سوريا. وبحال كان لا بد من الوصول إلى تسوية حول اليمن، فقد تفتح الطريق أمام تسوية في سوريا.

إذابة الحدود
هناك قناعة بأن الأسد غير قادر على الخروج من مظلة النفوذ الإيراني. فهو يعتبر أن الإيرانيين إلى جانب الروس هم أصحاب الفضل في بقائه، فيما قد يتوهم أنه قادر على لعب دور والده في موازنة العلاقة بين إيران من جهة ودول الخليج من جهة أخرى. لا يمكن للبنان أن يكون بعيداً عن مسار كل هذه التطورات، خصوصاً بعد نشاط حزب الله الكبير في إذابة الحدود، وإعادة تكريس منطق وحدة المسار والمصير، وصولاً إلى إدخال النفط الإيراني إلى لبنان. وبالتالي، فإن أي اتفاق لا بد له أن يشمل لبنان، سواء تم الوصول إلى إتفاق إيراني سعودي، أم بحال استمر الخلاف، مع كل انعكاساته على مسار الانهيارات الاقتصادية والمالية المستمرة. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024