جبهة جديدة للمعارضة: ضد السلاح والمنظومة السياسية والمافيا المالية

وليد حسين

الأربعاء 2021/04/07

بعد سنة ونصف على انتفاضة 17 تشرين، فشلت كل المحاولات لتشكيل جبهة سياسية تطرح نفسها بديلاً فعلياً لتحالف قوى السلطة الحالية. وماتت في مهدها محاولات البعض لضم أقصى اليمين وأقصى اليسار. ولم تقو المجموعات والأحزاب المعارضة المنضوية في الانتفاضة، على أكثر من الاتفاق على تنسيق تحركات في الشارع. فمقاربة الملفات السياسية والمالية والسيادية في لبنان، حالت دون اتفاق الجميع عليها لتأسيس عمل جبهوي لتسلم السلطة. والنتيجة كانت الكثير من الاعتراض والقليل من البراغماتية ومن الفعل السياسي، ولم يحمل أي طرف خارجي مجموعات تشرين على محمل الجد.

بديل عن السلطة
منذ سبعة أشهر بدأت بعض المجموعات بالعمل على تأسيس جبهة سياسية، وخلصت إلى طرح تأسيس جبهة بتوجهات "ليبرالية ديموقراطية اجتماعية" هدفها العمل السياسي لاستلام السلطة، لا المعارضة لأجل المعارضة. وستطلق مجموعات - لقاء تشرين، وحزب تقدم، وحزب الكتائب اللبنانية، وتحالف مواكبة الثورة، ونبض الجنوب، وريبلز، والجمهورية الثالثة، وخط أحمر، وعامية 17 تشرين، وحركة الاستقلال - النائب المستقيل ميشال معوض وغيرها - هذه الجبهة في غضون نهاية الشهر الحالي، تحت اسم "جبهة المعارضة اللبنانية"، طارحة نفسها بديلاً عن تحالف السلطة.

وتطرح هذه الجبهة نفسها جبهة سياسية غير انتخابية، هدفها استلام السلطة. وهي تعلو على الأحزاب والمجموعات المنضوية فيها، ببرنامج سياسي واقتصادي للبنان، للخروج من الأزمة الحالية وجذب الدعم الدولي المطلوب.

جبهات وبرامج
وبخلاف المجموعات التي تتحرك في الشارع من دون أفق سياسي، بعدما فشل الشارع في تغيير موازين القوى، تعتبر الجهات المؤسسة للجبهة في حديث لـ"المدن"، أن المنطق الانقلابي (الحكومة الثورية التي تدعو له بعض المجموعات) والمنطق الهلامي (الدعوة لحكومة انتقالية بصلاحيات تشريعية) لن يفض إلى أي مكان. فأحزاب السلطة لن تتخلى عن السلطة بمجرد رفع المجموعات الشعارات. لذا تطرح الجبهة الجديدة حكومة بديلة من خلال الآليات الدستورية. والانتقال في لبنان لن يكون على مستوى السلطة التنفيذية، بل على كل المستويات، أي التشريعية والقضائية وصولاً إلى السلطات المحلية. أي عبر إجراء انتخابات نيابية تحتكم للشعب، وتعيد تشكيل السلطة من جديد.

وتعتبر الجهات المؤسسة أن الانقسام العامودي بين مجموعات تشرين على قضية سلاح حزب الله ومالية الدولة والقطاع المصرفي والقضايا السيادية وشروط البنك الدولي وغيرها من القضايا، لم تؤدِ إلى توحيد الجميع في عمل جبهوي. لذا كان من الأفضل الانتقال إلى تشكيل جبهات سياسية تتصارع على البرامج الإصلاحية لإنقاذ لبنان.

وتؤكد الجهات المؤسسة أن الوقت حان لتشكيل معارضة سياسية لأحزاب السلطة، برؤية واضحة لكيفية إدارة البلد. وهذا المشروع السياسي بديل لا تستطيع مجموعات حراك الشارع القيام به.

وكان يفترض إطلاق هذه الجبهة في نهاية الشهر المنصرم، لكن جدية العمل وتشكيل مروحة تضم كل المناطق اللبنانية، والاتفاق على التفاصيل السياسية بين المكونات، أجلت الإطلاق إلى الشهر الحالي. وقد باتت جميع الظروف مؤاتية لأطلاقها قربياً، كما أكدت الجهات المؤسسة.

ضد أطراف ثلاثة
وعن إمكانية وجود تضارب بين المصالح الحزبية أو مصالح المجموعات مع العمل الجبهوي، لفتت الجهات إلى أن الجميع سيعمل تحت مظلة الجبهة، ولن ينفرد أي حزب أو جهة في إطلاق مواقف غير متفق عليها بين الجميع. وقد عملوا طوال الأشهر الفائتة على وضع خريطة طريق واضحة لكيفية إدارة العمل المشترك، وخصوصاً لناحية علاقة الجبهة مع الخارج ومع القطاع المصرفي ومع الأحزاب اللبنانية.

فالمنطلق هو رفض المنظومة السياسية الحالية ورفض الميليشيات والسلاح، والعمل على الإصلاح المالي والإداري للبلد. فلن تكون هناك أي تغطية للسلاح غير الشرعي، مثل عدم تغطية المنظومة المالية والقطاع المصرفي. بل يجب إجراء التدقيق المالي الجنائي وإعادة هيكلة القطاع المصرفي والشروع بالإصلاح الإداري للدولة وفق متطلبات الجهات المانحة. وهذه الأخيرة تعتبر من المحرمات عند المجموعات اليسارية، التي بدفاعها عن القطاع العام، تدافع عن الفساد والهدر والمحسوبيات من دون قصد. ولم تجرؤ على مقاربة هذا الملف لتأسيس إدارة بديلة تكون فاعلة.

وتأمل الجهات المؤسسة تشكيل بديل لحكم البلد شبيه بالجبهات السياسية التي تشكلت في دول أوروبية عدة بين شخصيات وجهات خرجت من أحزاب اليمين واليسار الوسط. وتعتقد أن البلد بحاجة لقوى سياسية لديها التمثيل الشعبي وشبكة علاقات سياسية ومالية واقتصادية تعيد ثقة اللبنانيين والخارج بلبنان.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024