بكركي: لا سلاح في الكنائس والأديرة

جوزفين ديب

الثلاثاء 2020/10/27

"لا وجود للسلاح لا في الكنائس ولا في الأديرة. ونستبعد صحة وجود سلاح لدى حزب القوات اللبنانية ونرفض أن يكون الكلام صحيحاً". هو التعليق الأول الذي أتى على لسان مصادر بكركي، في ردها على الكلام عن امتلاك السلاح والمقاتلين الجاهزين للمواجهة، في مسار قد يؤدي إلى الأمن الذاتي. وهو الكلام الصادر عنها في ردها على الاتهامات التي طالت الكنيسة والأديرة بإخفاء السلاح فيها: "كيف نسير على خط السلاح والتسلح والأمن الذاتي، ونحن الذين نحمل مشروع الدولة وسيادتها على كل الأراضي اللبنانية"؟ تسأل بكركي، مكررة إعلان مشروعها القائل بسحب السلاح من الجميع، على أن يكون السلاح بأمرة الجيش اللبناني والدولة اللبنانية فقط.

تنقيح المذكرة
لا لتعزيز الميليشيات. هو عنوان مشروع البطريركية المارونية، التي من خلاله تعلن عن رفضها "الأمن الذاتي" والجزر الأمنية. فكيف بها توافق على أن يتم التحضير لهذه المشاريع في البيئة المارونية والمسيحية؟ تتساءل مصادر مطلعة على أجواء بكركي، مؤكدة أن البطريرك الماروني لن يتهاون في عظاته أمام السلاح أو أمام الجزر الأمنية. فإحدى البنود الأساسية في مذكرة بكركي هي أن تمسك الدولة بالقوى العسكرية الرسمية بأمن البلاد.

"مذكرة بكركي" هي الأساس التي ينطلق منه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في توصيف مستقبل لبنان. فهو فنّد هذه المذكرة بأسبابها الموجبة وسبل تحقيقها. في هذه المذكرة مشروع حياد لبنان عن كل الصراعات من حوله. وعن كل المحاور من حوله. يقول الراعي إن أساس لبنان هو الحياد. يذكر بصيغة العام 1943. الصيغة التي وضعها اللبنانيون، مسيحيين ومسلمين، على أن لا يتبع المسيحيون دول الغرب وعلى أن يتخلى المسلمون عن كل مشاريع الوحدة العربية على اختلافها. هكذ بدأ كل شيء، يقول الراعي. لكن اللبنانيين أساؤوا الحكم. فعادوا إلى التحالف والتواطؤ مع الخارج.

في مقدمة مذكرة بكركي سرد تاريخي عن ارتباط اللبنانيين بالخارج. لم يكن هذا السرد موفقاً في نقطتين على الأقل، يقول منتقدوها. الأولى، في ذكر الراعي لتحالف المسلمين مع جمال عبد الناصر، مسقطاً تحالف المسيحيين يومها مع حلف بغداد. والنقطة الثانية، في ذكر تحالف المسلمين مع المنظمات الفلسطينية، مسقطاً تحالف المسيحيين مع إسرائيل. كثيرون انتقدوا مذكرة الحياد على أنها غير حيادية. تجيب بكركي أنها بصدد إعادة تنقيح مذكرتها. فالمقصود منها العودة إلى أساس الصيغة اللبنانية، وكل ما يتفرع عنها في النظام.

في الدولة المدنية
هل قصد الراعي بدعوته إلى عقد اجتماعي جديد في نظام جديد؟
يتمسك البطريرك الماروني بالنظام اللبناني. فهو يدرك جيداُ أن الذهاب إلى نظام جديد قد لا يكون لصالح المسيحيين، الذين يحافظون على المناصفة في النظام الحالي. لا بل تبدو بكركي مدركة تماماً أن "الدولة العميقة" للبنان لا تزال مسيحية. وبالتالي، لا يدعو الراعي إلى البحث عن نظام جديد أو طائف جديد. بل يدعو إلى تطبيق اتفاق الطائف كما هو. ماذا عن العقد الاجتماعي الجديد الذي تحدث عنه الراعي منذ سنوات؟ تقول مصادر بكركي إن اللبنانيين يجب أن يجسلوا على طاولة مستديرة للحوار. الكل خائف من الكل. هكذا هي الحال بين الطوائف، بينما هي بحاجة إلى الاتفاق على العيش معاً، وفق ما اتفقت عليه في الطائف. فلبنان دولة مدنية، وبكركي تدعو إلى ترسيخ هذا الأمر. تدعو إلى أن يكون الزواج المدني إلزامياً لا اختيارياً. هكذا يوحد القانون المدني بين اللبنانيين في الزواج،  ويبقى الزواج الديني اختيارياً. إلا أن ما تقوله بكركي عن الزواج لا ينسحب على الأحوال الشخصية. إذ تدعو بكركي إلى إبقاء قانون الأحوال الشخصية دينياً وليس مدنياً. يرى المراقبون في مواقف بكركي ، وتحديداً في هذا الأمر، تناقضاً. إلا أنه ليس سوى دليل على أن بكركي تريد إنضاج العمل السياسي والتشاركي في النظام الحالي، وفق اتفاق الطائف ولا تدعو إلى البحث في اتفاق آخر.

كيف سيحصل ذلك، مع كل العناوين التي طرحتها مذكرة بكركي من الحياد إلى الدولة القوية إلى حصر السلاح بيد الدولة؟ ترى بكركي في اللامركزية الإدارية الموسّعة نموذجاً مناسباً للبنان. أما ما يحكى عن التقسيم أو الفيدرالية أو غيرها من أشكال الأنظمة، فترفضها بكركي رفضاً قاطعاً، مؤكدة أن مشروعها قائم ومستمر للتحاور مع الجميع، تحت سقف دولة قوية، سلاحها محصور بيد قواتها الأمنية، على أن يتطور نظامها إلى اللامركزية الإدارية الموسعة تحت سقف الطائف.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024