بعد تشكيل الحكومة..سلاح حزب الله هو الجوهر والباقي تفاصيل

منير الربيع

الإثنين 2020/09/14
أصبحت المبادرة الفرنسية في حاجة إلى دراسة ثانية وثالثة. فالتساؤلات التي تطرحها القوى السياسية حول مسار هذه المبادرة ومصيرها، كثيرة.

لغز ماكرون والعقوبات
في الأيام الأولى لإطلاقها، ساد ارتياح كبير لدى حزب الله الذي منحه الرئيس الفرنسي نقاطاً كثيرة، فشعر خصومه بتجدد هزيمتهم. لقد اعترف ماكرون بحزب الله مكوناً أساسياً في لبنان، ولا يمكن تجنّبه. بل اعتبره أفضل من غيره سياسياً وتنظيمياً، وبدت المبادرة حبل خلاص ونجاة له.

لكن هذه الصورة بدأت تنقلب رأساً على عقب في الأيام الأخيرة. ولا أحد يمتلك الإجابة عما إذا ما كانت المبادرة الفرنسية في حقيقتها تتضمن هذا المسار الذي سلكته، أم أن الضغوط الأميركية هي التي اجبرت الفرنسيين على إعادة توجيهها.

أول وأكثر من يطرح هذه الأسئلة هو حزب الله. ومركزية السؤال تدور حول إذا ما إذا كان ماكرون قد استخدم كلاماً المعسول لتمرير مبادرته وحمل الجميع على الرضى بها؟ أم أن تدخل واشنطن بفرضها العقوبات، ضغط على باريس على نحو أدى إلى تغيير وجهة مبادرتها؟

لا يبدو أن الجواب سيظهر سريعاً. لكن الأكيد أن علامات متناقضة ظهرت منذ زيارة لرئيس الفرنسي الأولى.

فمضمون ما قدمه الفرنسيون أدى إلى تضارب في التفسير، وتناقض في المواقف والتصريحات. والأكيد أن فرنسا لن تتخلى عن اهتمامها بلبنان. ولتحقيق إرادتها لا بد من أن تكون متوائمة مع الولايات المتحدة الأميركية، وتراعي شروطها.

انقلاب ميزان القوى 
أدى هذا الالتباس إلى تغيير كبير في موازين القوى. فالمشهد الذي ظهر فيه خصوم حزب الله، وتحديداً رؤساء الحكومة السابقين يوم اختاروا مصطفى أديب، وطريقة اختيارهم إياه، أظهرتا هزيمة جديدة لهم أقله في الشكل. وقيل إن الهزيمة ستنسحب على المضمون أيضاً، بفعل مواقف الرئيس الفرنسي.

لكن ما حصل بعد ذلك، أظهر تغييراً حقيقياً في الوجهة. فوصل الأمر بالرئيس نبيه بري وحزب الله وجبران باسيل إلى العتب على عدم إشراكهم في التشاور حول عملية تشكيل الحكومة. وكان العتب واضحاً في القول إن المهزوم سياسياً - وفق منطق حزب الله - ولا يمتلك الأكثرية النيابية، يعمل على تشكيل الحكومة وحده ومن دون مراجعة الآخرين، مستنداً على دعم وضغط دوليين لفرض ما يريده.

وهذا في ذاته يشير إلى تغير في موازين القوى. فيما يقول حزب الله إنه غير موافق، وينتظر نتيجة المشاورات ليبني على الشئ مقتضاه.

ماذا خلف هذه التفاصيل؟ 
هذه النقاشات والسجالات تؤكد أنها تتعلق بتفصيل معين أو مجموعة تفاصيل، بعيداً عن الجوهر الأساسي للمرحلة التي يقبل عليها لبنان بعد تشكيل الحكومة، وستكون حافلة بالمزيد من الضغوط.

جبران باسيل أخرج نفسه من معادلة الصراع. وبقي رئيس مجلس النواب يقاتل في سبيل وزارة المال. أما حزب الله فمهتم بما هو أبعد وأشمل من ذلك: الشروط المطروحة والمتعلقة بتطبيق القرارات الدولية، وترسيم الحدود وضبط المعابر. وهذا يطال جوهر عمل حزب الله وسلاحه. وهنا مربط الفرس، ومحط الأنظار والتطورات التي تنعكس بقوة على الساحة الداخلية في الأسابيع المقبلة. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024