رفيقاه رهينتا النظام السوري: عودة حسين الحجيري قتيلاً

لوسي بارسخيان

الإثنين 2019/05/27

عاد حسين الحجيري جثة إلى بلدته عرسال،ـ بعد أن توجه في 23 أيار الجاري إلى الجرود المعروفة بإسم الشاحوط، التي تبعد نحو 20 كيلومتراً عن المنطقة السكنية في البلدة، لاصطياد طيور الحجل. فيما لا يزال صديقان كانا يرافقانه، هما وسام كرنبي ونايف رايد، معتقلين لدى السلطات السورية، وفقا للمعلومات التي تم تداولها في البلدة، وإثر تدخل "الأمن العام" اللبناني في وساطة لاستعادة جثمان حسين.

الموت ضرباً وطعناً
لم يكن حسين وصديقاه يحملون السلاح، ولا حتى بارودة صيد، كما تؤكد المصادر في البلدة، كون اصطياد الحجل يتم بالشباك، بعد استدراجه بطرق يتقنها من يمارس هذه الهواية. وحسب المعلومات، كان يفترض أن يتناول الشبان الثلاثة الإفطار في الجرد، قبل عودتهم، إلا أنه بعد فقدان الاتصال بهم لأكثر من 12 ساعة، بدأت ترد الأخبار إلى البلدة عن اعتقالهم من قبل السلطات السورية.

المعلومات الأولى أشارت إلى اشتباك وقع بين الشبان وحراس الحدود في المنطقة، إلا أن واقع الشباب الأعزل استبعد هذه الفرضية، التي دحضها أيضا الكشف المباشر على جثة حسين، والذي بيّن أنه لم يمت بطلق ناري، كما أشيع في بداية اعتقاله، وإنما بضربة حادة على رأسه، إضافة إلى ظهور أثر طعنة في صدره.

حقد النظام السوري وبرودة الدولة اللبنانية
وحسب ما تبلغه أهالي البلدة من وساطات جرت لاسترجاع الشبان الثلاثة، وأبرزها كان من مختار البلدة محمد علول، قبل أن يتدخل "الأمن العام" مباشرة لإحضار جثة حسين، أن الشبان تجاوزوا الحدود باتجاه الأراضي السورية. الأمر الذي تستغربه أوساط البلدة، خصوصاً أن الاراضي في هذه المنطقة متداخلة جداً، وكثيراً ما يتم تجاوزها من قبل مواطنين سوريين أيضاً، فيتم اعتقال هؤلاء لفترة قصيرة، ليطلقوا لاحقاً على الحدود. أما أن يعتقل جيش النظام السوري الشبان اللبنانيين الثلاثة، وتجري تصفية أحدهم بذريعة التسلل إلى الأراضي السورية، فلا يضع الأهالي ذلك إلا في إطار "الحقد"، الذي أعربوا عن استهجانهم له عبر وسائل التواصل الإجتماعي، مثل استهجانهم للبرودة التي تعاملت بها السلطات الرسمية اللبنانية إزاء اختطاف مواطنين لها على الحدود، من دون أن تحرك ساكناً إلا بعد انتشار خبر وفاة أحد الشبان الثلاثة.

لعل ذنب حسين كما يتم تداوله في البلدة، أنه أبدى اعتراضاً على اعتقاله، من خلال إصراره على أنه لم يتجاوز مع أصدقائه الحدود اللبنانية، فكان نصيبه الموت. وعليه، سادت حالة الغليان مراسم تشييعه التي أقيمت عند الأولى من بعد ظهر الأحد، بعد أن تسلم الأمن العام اللبناني جثته في الليلة السابقة. فيما بدا أهالي البلدة في حالة ترقب لمصير صديقيه المعتقلين في الأراضي السورية، واللذين ينتظران، وفق المعلومات، تدخلات تجري للإفراج عنهما فورا. الأمر الذي يترقبه أبناء البلدة بعد انتهاء مراسم التشييع والعزاء.

ما مهمة الجيش؟
هذه الحادثة، وتكرارها في جرود عرسال، طرحت النقاش في البلدة حول المهمات الموكلة للجيش اللبناني في الجرود، والذي يفترض أن يحمي أمن اللبنانيين ضمن حدودهم، بدلا من أن تتحول مهمته مزيداً من التضييق على حركتهم.

فمنذ "تصفية" المجموعات المسلحة وطردها من الأراضي اللبنانية، وإنهاء حالة تواجد عناصر حزب الله في جرود عرسال، لم يشعر الأهالي، كما يقولون، بأنهم مطمئنون كلياً في حركتهم باتجاه أراضيهم وأرزاقهم، سوى لفترة قصيرة بسط خلالها الجيش اللبناني فعلا سيطرته على المناطق الجردية، إلا أنه عاد وتراجع بإجراءاته، إثر تبلغه استياء الجهات السورية من تواجد مراكز الجيش اللبناني المتقدمة في الجرود، واعتبروا بعضها يشكل تعدياً على أراض سورية في منطقة هي شديدة التداخل، في وقت بات هذا التداخل يفرض إشكالية كبيرة في هذه المنطقة، وفق ما تقوله المصادر.

فلتان الحدود
وعليه، تشير المعلومات إلى أن تواجد الجيش في هذه الجرود يكاد يكون محصورا ضمن مراكز بعيدة عن الحدود، التي أصبحت "فالتة" كما يقول الأهالي، ويتم تجاوزها بشكل مستمر سواء من الجهة اللبنانية أو من الجهة السورية.

إلا أن النائب بكر الحجيري يرفض الحديث عن تجاوز للحدود في حالة حسين وأصدقائه، ويصر على أنهم لم يتخطوا الأراضي اللبنانية، بل وقعوا في مصيدة مجموعة مسلحة تعدت على أراضينا، واعتقلتهم. لافتاً أن الحدود في هذه المنطقة معروفة، ولا يمكن أن يخطئ بها حسين، الذي كان عسكرياً متقاعداً.

ومن هنا، يقول الحجيري، صار ملحاً بعد هذه الحادثة البحث جدياً بإعادة ترسيم هذه الحدود، وسنطالب الحكومة به فوراً، بعيداً عن تطبيق القرار 1701، لأننا نريد أن نضع حداً لهذا الواقع، خصوصاً أن الأمر بات يتخطى الشق التجاري والاقتصادي، والخسائر التي يكبدها تداخل الحدود وفلتانها للخزينة اللبنانية، إلى خسائر بالأرواح كما حدث في قضية الشبان الثلاثة.

بيان "المستقبل"
في المقابل صدر بيان عن "تيار المستقبل"، قال فيه أن حسين الحجيري هو "ضحية إجرام النظام السوري" مشيراً إلى تعرضه "للتعذيب، وضرب بآلة حادة على رأسه"، واعتبر ما حدث "اعتداء خطير على عرسال وأهلها، الذين يدفعون مجدداً ضريبة الدم، فقط لأنهم لبنانيون في أراض لبنانية متروكة لمصيرها، وعلى حدود لبنانية تستباح من قبل جيش النظام السوري".

وأكد البيان "أن عرسال التي اعتادت العضّ على كل الجراح، وتحملت ما لم يتحمله أحد من افتراءات، بفعل موقعها الجغرافي واحتضانها لإخوانها السوريين الهاربين من بطش نظام الأسد، لا يمكن أن تقبل باستمرار هذا الواقع الخطير على حدودها، وتطالب الدولة اللبنانية، بالالتفات مجدداً إلى جرودها، وتفعيل مهمات الجيش اللبناني في ضبط الحدود ومنع إستباحة السيادة اللبنانية".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024