طلاب AUB: هكذا ستكون الطريق الجديدة أفضل

هدى حبيش

الأحد 2016/12/18
يرى الغرباء عن منطقة الطريق الجديدة في بيروت أنها منطقة متجانسة بهوية واحدة. في الواقع، كل حي وشارع في الطريق الجديدة له خصائصه الاجتماعية الإقتصادية ومشاكله. لا ينفي ذلك الواقع وجود مشاكل عامة تعاني منها المنطقة بأكملها، وأبرزها مشكل النقل، قلة المراكز الصحية واقتصارها على مستشفى المقاصد والبطالة. 


هذا ما يمكن قوله بعد الإطلاع على عرض طلاب مادة "ورشة عمل تخطيطية" (Planning Workshop) في برنامج الماجستير في التخطيط المدني في كلية الهندسة والعمارة في الجامعة الأميركية في بيروت، السبت في 12 كانون الأول، في جمعية خريجي جامعة بيروت العربية. فبعد دراسة استمرت نحو 3 أشهر، أي الفصل الجامعي الماضي، عرض 11 طالباً نتائج دراستهم لمنطقة "الطريق الجديدة" بحضور أهالي المنطقة. ما فتح باباً للنقاش في شأن مبادرات رسمية وخاصة لتحسين واقع المنطقة وبيروت.

لا تقتصر مشكلة النقل في الطريق الجديدة على اختناق السير، بل تشمل صعوبة ركن السيارات وصعوبة المشي وركوب الدراجة الهوائية، ما يزيد الطلب على السيارات. فـ"أخذنا من هذه المشكلة موضوعاً أساسياً في عملنا ودخلنا منها إلى علاقة المناطق ببعضها"، وفق الأستاذ المشارك في تدريس المادة إبراهيم منيمنة في حديث إلى "المدن"، مع الأستاذة في الجامعة نفسها منى حرب.

أنتج الطلاب خلال هذا الفصل مشاريع عدة منها استراتيجية عامة للطريق الجديدة على صعيد النقل، استراتيجية عامة لتشبيك النشاطات الإقتصادية، بالإضافة إلى مشاريع خاصة ببعض أحياء المنطقة وشوارعها للاستجابة إلى مشكلة أو حاجة ملحة فيها تتناسب مع تاريخها وأسلوب حياة سكانها. وركزت المشاريع على الأحياء العشرة التالية: شارع عفيف الطيبي، حي الطمليس، زاروب أم زكور، شارع أبو شاكر، منطقة الملعب البلدي، شارع الطريق الجديدة، شارع حوري، شارع مكاوي، شارع حمد ومنطقة دار الأيتام. وقد هدفت هذه المشاريع إلى فهم الطريق الجديدة "ما هي؟ أين تبدأ وأين تنتهي؟"، يقول منيمنة.

استراتيجية تنقل
عمل الطالب عيسى الحاج على تطوير استراتيجية تنقل داخل الطريق الجديدة عبر أسلوب التنقل متعدد الوسائط، الذي ينتشر في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية. وهو يقوم على اعتماد المتنقل أكثر من وسيلة نقل قبل بلوغه نقطة الوصول. تفترض هذه الاستراتيجية ترابط الشوارع مع بعضها وتهيئها لركوب الدراجات الهوائية وركنها بشكل آمن. "يغني هذا التنوع عن استخدام السيارة ويتناسب مع هدف خفض عدد السيارات في المنطقة"، يقول الحاج، الذي لم يختر النقل العام كحل، لأنه يتطلب حلاً على مستوى المدينة كلها.

يركز مشروع الحاج على ربط الشوارع الأساسية والأكثر اكتظاظاً في المنطقة، وهي الأوزاعي، شارع بيهم- صبرا، شارع الملعب، شارع عفيف الطيبي، شارع الجامعة العربية، شارع جلول وبستاني، كورنيش المزرعة ببعضها من خلال نقاط التقاء يبدل فيها الشخص وسيلة نقله. لم يغب عن بال عيسى اقتراح خطة بديلة لركن السيارات الموجودة في المنطقة، فاقترح أن تنشئ البلدية مواقف تحت الأرض، خصوصاً مع وجود عقارات متاحة لذلك، وفقه. كما تحدد خطة الحاج أماكن ركن أو إستئجار الدراجات الهوائية وضمانة سلامة سائقيها.

شارع حوري
أما فاليري قاسم فقدمت مشروعاً لشارع حوري الواقع بين شارعي حمد وصبرا. من خلال دراستها الحي، وجدت قاسم أنه يتميز بوجود بعض المناطق الخضراء فيه، لكنها مهملة. فهناك حديقة صغيرة، تملكها البلدية، مغلقة بسياج حديدي يمنع السكان من الوصول إليها. والمناطق الخضراء الأخرى، وهي ملك خاص، محاطة بجدران مرتفعة تحجب منظر الأشجار.

رأت قاسم أن شارع حوري مناسب لأن يكون منطقة خضراء عامة لما فيه من إمكانيات، وذلك من خلال "ربط الحدائق الخاصة والعامة وإزالة العوائق. الحدائق الخاصة تبقى خاصة، لكنها تتفاعل مع الأماكن الخضراء الأخرى من خلال خفض ارتفاع الجدران"، تقول قاسم. وتظهر في الحي فئة عمرية شابة ترتاد الطريق للتلاقي وتمضية الوقت بتدخين النارجيلة وغيرها من الأنشطة. "من أجل ذلك قررت وضع أشجار تفصل بين ممر المشاة وطريق السيارات لنحد من انزعاج الشبان من السيارات في جلساتهم. أما المشاة فلهم مكانهم الخاص"، وفقها.

شارع بيهم- صبرا
يواجه شارع بيهم- صبرا التجاري مشكلة فشل المحال التجارية. ما وجه الطالبة سارة مرعبي إلى نظرية تقوم على أن تكتل مجموعة محال تؤمن الخدمة نفسها يؤدي إلى نجاحها، إذ تصبح سوقاً متخصصة يقصدها الناس من خارج المنطقة مثل سوق النحاسين أو اللحامين. "لاحظتُ أن التجار في المنطقة بدأوا شيئاً مماثلاً، لكن تطبيق هذه النظرية يستوجب انتقال المحال من مكان إلى آخر. وهو أمر مكلف بالنسبة إلى أصحاب المحال"، تقول مرعبي. وتقترح من أجل ذلك أن تتكفل البلدية بتغطية 50 في المئة من كلفة النقل، وتأسيس "جمعية تجار صبرا- بيهم" التي تتكلف بالـ50 في المئة الأخرى.

حي الأيتام
أما حي الأيتام المعزول عن المناطق المحيطة به فيؤثر، وفق الطالبة دنيا عزالدين، على الحياة الاجتماعية والإقتصادية في الحي. يتفرد هذا الحي بحياة اجتماعية متناغمة ومترابطة بين سكانه، الذين "يلجأون إلى الأماكن العامة، أي الأرصفة بشكل أساسي، للقاء وتنظيم النشاطات اليومية مثل لعب الطاولة والأكل. حتى قطط الحي هناك من يهتم بها. والعائلات تنظم سهرات في الطريق، والأطفال لديهم مراجيح فيها أيضاً"، تقول عزالدين.

أما الحالة الإقتصادية فلها وجهان، إيجابي وسلبي. من الناحية الإيجابية، يوجد في المنطقة محال تجارية تستقطب زبائن من خارج الحي، كـ"محال الألمنيوم والحديد والفرش والمطابخ، خصوصاً في شارع المستوصف". أما الوجه السلبي فهو عدم قدرة المحال التجارية التي تقدم خدمات للسكان على الإستمرار بسبب محدودية الطلب. في ظل هذا الواقع، ركز مشروع عزالدين على دعم مراكز التجمع وتعزيزها. "حاولنا مقاربة مشكلة كل تجمع واقتراح حل لها، كما اقترحنا حلولاً تحمي الحي من الإستثمار للمحافظة على خصوصيته".

موظفو البلدية

تمكن طلاب التنظيم المدني في الأميركية من تقديم حلول لمشاكل تواجه سكان الطريق الجديدة يومياً، وتتكرر في مناطق أخرى. لكن قبل تقديمهم هذه الحلول افترضوا أنهم موظفون في البلدية، على ما تقول حرب، في إشارة إلى مسؤولية البلدية بشكل أساسي عن القيام بمبادرات من شأنها حل معرقلات الحياة اليومية لسكان الطريق الجديدة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024