سجال فرز صناديق المغتربين: تكرار حيلة إسقاط جمانة حداد؟

وليد حسين

الجمعة 2022/05/13
بعيداً من النكات التي يطلقها رواد وسائل التواصل الاجتماعي عن صناديق اقتراع المغتربين التي وضعت في مصرف لبنان، وتعرضها لـ"هيركات" أسوة بودائع اللبنانيين في المصارف، والتي تدل على عدم ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، فإن عدم حسم فرز أصوات المغتربين في لجنة القيد العليا في بيروت، كما ينص قانون الانتخابات، قد يعرض أصوات المغتربين إلى مشاكل تعيد التذكير بالعام 2018. ولذا، تقرر مبدئياً فرز الأصوات في بيروت لتجنب مخالفة القانون مثل العام 2018. لكن، أعيد النظر بالموضوع وتقرر فرز الأصوات في لجان القيد الابتدائية في الدوائر الصغرى.

تجربة العام 2018
في العام 2018 تعرضت أصوات المغتربين إلى "قص شعر" أدى إلى سقوط المرشحة جمانة حداد في بيروت الأولى، لكن ليس من مصرف لبنان، بل بسبب فقدان أقلام اقتراع للمغتربين لم تحتسب أصواتها. كما شكا مواطنون في أكثر من دولة من وجود أقلام "مصفّرة"، كما ظهر في النتائج النهائية التي صدرت عن وزارة الداخلية، والتي يفترض أن تحوي أقله صوتهم في الخارج. وقد أحصت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات حينها تصفير أصوات 479 قلم اقتراع من أصل نحو ألفي قلم في الخارج.

في تلك الانتخابات تقرر فرز نتائج الاغتراب في لجان القيد في الدوائر الصغرى، رغم أن قانون الانتخابات ينص على فرزها في لجنة القيد العليا في بيروت. وقد أرسلت المغلفات التي تحتوي على أصوات الناخبين إلى لجان القيد وذلك بعد حصول مشاكل بين القضاة يوم الانتخابات، بين من كان يريد فرز الأصوات في بيروت، ومن رأى أنه يجب أن ترسل إلى لجان القيد الابتدائية. وانتصر الخيار الثاني. وقد ضاعت أصوات كثيرة بعد تصفير الأقلام بسبب عدم وجود محاضر لها. ومن نحو 47 ألف مقترع، ضاع نحو أربعمئة صوت (الأصوات التي أدخلت على نظام الفرز الإلكتروني هي 46799 صوت)، وذلك بسبب فقدان محاضر أقلامها في الخارج.

تكرار السيناريو
اليوم يعاد تكرار السيناريو عينه. فالمادة 120 من قانون الانتخابات تنص على أنه "في نهاية عملية الاقتراع يوم الأحد المحدد لإجراء الانتخابات النيابية في لبنان، ترسل المغلفات المذكورة (العائدة للناخبين في الخارج) مع باقي المستندات الانتخابية إلى لجنة القيد العليا في بيروت لفرزها من قبلها وتوثيق نتائجها"، ثم ترسل النتائج النهائية ومحاضرها إلى لجان القيد في الدوائر الصغرى. لكن وبعد جدل بين القضاة تقرر الاكتفاء بفرز الصناديق العائدة للمغتربين في بيروت في قصر العدل وفق أقلامها، أي توضيب المغلفات وإرسالها إلى لجان القيد في المناطق من دون فرزها. ويبلغ عدد الصناديق 598 صندوقاً من الخارج في داخلها 142 ألف صوت. علماً أن عدد الصناديق في العام 2018 كان 232 صندوقاً تعود لنحو 47 ألف صوت.

وفي التفاصيل، تحتوي هذه الصناديق على مغلفات كبيرة بداخلها قسائم الاقتراع المغلفة بالظروف الخاصة بها، التي يضعها الناخب بيده في صندوق الاقتراع. ويصل عدد أقلام الخارج في الانتخابات الحالية إلى نحو 5900 قلم لمختلف الدوائر. وعوضاً عن فرز الأصوات في بيروت وعدّ الأصوات وإرسالها إلى لجان القيد مرفقة بمحاضر خاصة بها، تقرر الاكتفاء بفرز الصناديق في قصر العدل في بيروت تحت إشراف نحو 15 قاضياً. 

إلى لجان القيد الابتدائية
وقد دار الجدل عينه الذي كان في العام 2018 حول مدى قانونية فرز الأصوات نهاراً بينما العملية الانتخابية تسير في لبنان، أو الاكتفاء بفرز الصناديق وأرسلها إلى لجان القيد الابتدائية العائدة لها، ليصار إلى فرز الأصوات بدء من الساعة السابعة مساءً، أي مع موعد إقفال مراكز الاقتراع. وتقرر فرز الصناديق في الصباح ببيروت ونقل المغلفات إلى لجان القيد في مختلف المناطق والتي وصل عددها إلى 163 لجنة ابتدائية.

وتفيد مصادر "المدن" أن فرز الأصوات في لجان القيد لن يبدأ قبل الساعة السابعة مساءً لتفادي إعلان نتائج المغتربين قبل انتهاء عملية الاقتراع في لبنان والتأثير على رأي الناخبين قبل الإدلاء بصوتهم. لذا تقرر أن تكون عملية الفرز في بيروت تقنية وليست كما ينص القانون، أي وكأنه لم تعد لجنة قيد عليا، بل عبارة عن "مفرزة صناديق"!

تجنب أخطاء العام 2018
وتضيف المصادر أن الأخطاء التي حصلت في السابق كان مردها إلى كيفية تنظيم المحاضر في الخارج، والتي كان يكتب عليها اسم القلم والدائرة الصغرى بخط اليد ومخصصة لجميع أقلام الدائرة. أما في الانتخابات الحالية فقد أرسلت المحاضر الخاصة بكل قلم على حدة وهي مطبوعة سلفاً، لتفادي الخطأ البشري. أي يفترض ألا يخطئ فيها القضاة في لجان القيد الابتدائية. لكن فرز الأصوات في اللجان يستغرق وقتاً طويلاً يؤدي إلى تأخير إصدار النتائج، التي ترفع إلى لجان القيد العليا في الدائرة الكبرى، حيث تعلن النتائج النهائية أمام المرشحين أو مندوبيهم قبل تسليمها إلى المحافظين لإرسالها إلى وزارة الداخلية.

ورغم هذه الإجراءات لتجنب إشكاليات العام 2018، تبقى الشكوك قائمة في ظل ما خبره اللبنانيون سابقاً. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024