هذا ما سيفعله حزب الله بعد الانتخابات

منير الربيع

السبت 2018/04/14

بدأ حزب الله رسم معالم مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية. فلا شك أنه يقرأ التعقيدات الإقليمية والدولية، والصعوبات التي تنتظره في اطار رسم ملامح جديدة للمنطقة. وهذا ما يحتّم على الحزب التفكير في رؤية سياسية جديدة للتعاطي مع الملف اللبناني والقوى السياسية، لأن الأكيد أن مرحلة الهدن في سوريا، وإعادة الملف السوري إلى المفاوضات الدولية، ستعيد الحزب إلى لبنان، وهذه المرّة ستطاول دوره كضابط إيقاع عسكري ندوب كثيرة، لذلك لا بد من البحث عن صيغة ليبقى الطرف الأقوى بدون الاستناد إلى السلاح رغم الاحتفاظ به والتمسك بما يعنيه ذلك.

لذلك، يبدو حزب الله مهتماً بهذا الاستحقاق الانتخابي أكثر من غيره. ستشكّل الانتخابات النيابية محطّة مفصلية لإعادة إنتاج حزب الله دوره اللبناني بصيغة جديدة ومنقحة، بشكل يبقى القوة السياسية الضابطة للإيقاع اللبناني، ليس في مسألة مواجهة العدو وحماية لبنان أو الخيارات الاستراتيجية وقرار السلم والحرب فحسب، بل الأمر يختلف هنا، ويشمل في أحد جوانبه دخول الحزب أكثر في تركيبة الدولة، وفي تكوين السلطة التشريعية والتنفيذية، وما ينجم عنهما، بشأن المشاركة في أدق تفاصيل الملفات، من مالية إلى خدماتية وغيرها.

على هذا الأساس يرتكز الحزب في توليه خطاباً اقتصادياً- مالياً أو مكافحاً للفساد، أو حتى يناقش نوابه مسألة التوظيفات وغيرها من الملفات الإدارية، لم يكن الحزب يعيرها أي اهتمام في السابق، بل كانت موكلة إلى الرئيس نبيه بري، الذي كان مكلفاً بالحديث باسم الطائفة الشيعية في التوزيعات السياسية والإدارية. وهو من كان يمثّل الحزب في اختيار ممثليه.

العنوان الأساسي بعد الاستحقاق الانتخابي، سيكون تشكيل الحكومة وشكلها. يذهب البعض إلى اعتبار أن الحزب سيكون قادراً على تشكيل حكومة من لون واحد يؤيد خياراته السياسية، لكن لن يفعل. هو سيتنازل حرصاً على التوافق، لأن لبنان لا يحكم بغير التوافق وفق ما يعتبر. وهذا سيفتح النقاش على مسألة أساسية تتعلق بوجهة الحكومة السياسية، وباهتماماتها محلياً وخارجياً، ببيانها الوزاري وما بعده. وربما ستكون هناك صياغة جديدة لآلية عمل مجلس الوزراء، وإن لم يكن بشكل علني، بل بشكل فعلي أو عملاني.

في مرحلة الإنقسام السياسي الحاد في البلد، وفي فترة مطالبة حزب الله بالثلث الضامن في الحكومة، طرحت فكرة تعديل آلية عمل مجلس الوزراء، أو بالأحرى جرت المطالبة بوضع هذه الآلية، لكن في حينها استنفر رئيس الحكومة سعد الحريري والمؤيدون له، معتبرين أن هذا يمس الطائف والدستور، ويعني التدخل في شؤون السلطة التنفيذية وآلية عملها، وفي صلاحيات رئاسة مجلس الوزراء، فسقط المقترح. اليوم، هناك من يهمس بشأن إعادة إحياء هذا الطرح، ولكن ليس بالضرورة وفق الصيغة العلنية، بل من خلال الواقع. بالتالي، لن تكون هناك حاجة متجددة للمطالبة بوضع نظام داخلي لمجلس الوزراء، رغم بعض الاعتراضات التي يسجّلها أكثر من طرف بشأن طريقة إدارة الأمور. وربما من يطالب بذلك اليوم لم يعد حزب الله بل قوى كانت ترفض هذه الصيغة سابقاً، لكنها أصبحت تعاني الأمرّين بفعل ثنائية الحريري باسيل.

هذه الآلية ستتغير بعد الانتخابات، من خلال الوقائع وليس من الناحية النظرية أو العلنية، بحيث سيفرض توزيع الوزراء ذلك، خصوصاً أن هناك جبهة جديدة ستتشكل لحماية عمل الحكومة من أي تنسيق ثنائي. وهذا ما سيشكّل منطلقاً لحزب الله للغوص أكثر في التفاصيل اللبنانية الداخلية، وفي إدارة المرافق العامّة. الأمر الذي بدأه الحزب في إثارة ملفات الفساد ومكافحته، والذي سيستكمل في مجالات أخرى، أهمّها دخول الحزب على خطّ الشراكة الفعلية في تحديد مشاركة الشيعة في السلطة والإدارة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024